أوقفوا الموكب ! ولأن السائق لم يفهم على ما يبدو كرر زايد الأمر. رأيت في مرآة الخلفيات الموكب يتوقف وراءنا فجأة. منذ قرابة أربعين دقيقة هبطنا في هرجيسا شمال شرق البلاد حيث أقلتنا طائرة خاصة وضعها الرئيس سياد بري في تصرفنا. هناك كان في انتظارنا موكب مؤلّف من عدة سيارات جيب تقل عسكريين وسيارتين لاندروفر، وفقاً لما قاله الرئيس سوف نجد في سهل غوبان أجمل في البداية لاحظت مجموعة صغيرة من الأولاد جالسين بين العليق يحملون بأيديهم ألواحاً صغيرة، ويبدو أنهم يستظهرون نصاً تحت إشراف عجوز يرتدي الباتي، اللباس الصومالي التقليدي على مقربة منهم فتاة صغيرة تحلب ضرع بقرة بيضاء، وفي وسط الحقل المغبر تقف امرأة تشد الحزام على رضيعها الملتصق بظهرها. أتذكر ما قلته لك بشأن جملك يوم السباق لم يعد أمامه عمر، وعرقوباه بارزان للخارج ومرتدان للخلف !» أتساءل إن لم تصبح شبيهاً لكن نحو اليمين هذه المرة هناك رأيت عشرة مراهقين منقسمين فريقين تفصل بينهما شبكة ممدودة بين شجرتي سنط كانوا يمارسون - ماذا إذن؟ ماذا هناك من شيء خاص؟ يدل أن يحيب فتح باب السيارة ومشى نحو الأولاد. حدوث حذوه وفي هذه اللحظة وتب العسكريون من طمأنه زايد بحركة وتابع سيره. عندما أصبح أمام اللاعبين حياهم بابتسامة عريضة. - هل لي أن أعرف ما بك؟ هذه لعبة الكرة الطائرة. نظر إلى من أسفل إلى أعلى. سأل أحد الأولاد: أرى أنكم لستم سوى عشرة. - لكني لا أعرف اللعبة. سيكون كل شيء على ما يرام. كان هذا الموقف لا معقولاً. كنا في شهر أغسطس شعرت بالموت مائة مرة. وخصوصاً هل يذهبون إلى المدرسة؟ - نحن نتعلم القرآن مثلهم، قال أحدهم مشيراً إلى حلقة يحفظهم الآيات وسارع المراهق إلى التأكيد في القرية خلصنا من هذه المحادثة إلى أن غالبية الأولاد هم أبناء قرويين يزرعون الذرة الصفراء والذرة البيضاء لاستهلاكهم الخاص والإتجار إذا ما زاد المحصول. عندما عدنا إلى السيارة بدا وجه زايد معتماً. اختفى الفرح الذي شع على محياه أثناء مباراة الكرة الطائرة: «أتعلم يا فارس، إن الظلم هو الذي يدفع الناس إلى الالتفاف على القانون، عشية سفرنا بالطائرة إلى سريلانكا طلب الشيخ زايد من وزير الأشغال العامة الشيخ محمد بن سلطان القاسمي أن يمنح الحكومة الصومالية أربعين مليون دولار هذا المبلغ سوف يخصص لإقامة سد، ومساعدة السكان المهددين بالمجاعة في اليوم التالي، سألته بمودة من أين لك هذا السخاء كله؟ ألا تأملني ملياً كما لو أنه وحد السؤال غير لائق وقال: تخيل أن الله أعطاك دخلاً قدره عشرة ملايين دولار، وأنت لا تحتاج لتلبية احتياجاتك الشخصية والعائلية إلا إلى مليون ماذا تفعل بالباقي؟ أقول لك يا فارس، إن كان لديك حد أدنى من الحياء فمن المستحيل ألا توزعه على المحيطين بك على المحتاجين. إن التصرف خلاف ذلك ليس إحراماً فحسب بل حجود يحق الخالق الذي أعطاك فأغناك». وفي التعبير الحائر الصديقي فارس، مع المجازفة بالتكرار، قبل العديد من المسؤولين في العقود الأخيرة السادات، مارتن لوثر كينغ، غاندي، إن الإنسان سواء أكان مغموراً أم مشهوراً، بالنسبة لي على أي حال، أنا أحتفظ من تلك المباراة بذكرى لحظة رائعة من الحرية والتبادل التبادل ينطوي على من البدو الرحل. أنا لست من هؤلاء الوجود لا يتألف، مهما قبل، وما يريد أن وما هو كائن. في حين أنه واضح تماماً لي. حطت الطائرة في مطار كولومبو في الرابع عشر من أغسطس 1976. من لا يزال يذكر الأيام المجيدة لحركة عدم الانحياز؟ أيام كان يقودها رجال دولة رائعون طيبون ومواطنون عالميون في الوقت عينه. الوطنية والرفاهية العامة مصطلح عدم الانحياز ابتكره رئيس الوزراء الهندي نهرو في خطاب ألقاه عام 1954 في كولومبو على وجه التحديد. ويُشكل المؤتمر الذي عقد بعد ذلك في مدينة باندونغ الأندونيسية مرحلة مهمة. في تلك الأثناء بعد أحد عشر عاماً أصبحت الحركة تضم خمساً وثمانين دولة برئاسة السيدة أنديرا غاندي رئيسة الوزراء الهندية. على المبادرة. وبات من الصعب تحقيق التوافق نظراً لتعدد الأفرقاء، تركزت المداخلات بوجه خاص على الفيتو الأمريكي الذي استخدم منذ سبعة أشهر للحيلولة دون تطبيق قرار الأمم المتحدة الذي ينص على الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة منذ عام 1967، وحقه في إقامة دولة. في غضون ذلك كانت سفارتنا في كولومبو تكاد تختنق الكثرة البرقيات التي كانت تتبعني إلى سريلانكا ولم يكن توسعي أن أفعل شيئاً بالرغم من صدق تأثري، جهدت، والحق يقال لأفهم هذا الهياج، ما كنت قد بدأته أو لإنهائه عبقرية الإنسان لا حدود لها. لم تكن هذه زيارتي الأولى للهند. رحمه الله، تجيب ظننا أبداً. كان الدافع وراء هذه الرحلة هو الرغبة في الابتعاد، رداً على اندهاش فارس قلت ببساطة الرؤية ضوء الفحر يحب المرور بالليل الصبر»، لم يبد عليه في أثناء إقامتي بين سفرين رأيت السيدة غاندي مرة أخرى وأمكنني تقدير الميزات العظيمة التي تتصف بها امراة لا جدال في أنها علامة فارقة في تاريخ بلادها التي جعلت منها قوة إقليمية حقيقية. موتها لغير اعتبار في 31 أكتوبر 1984 قتلت غيلة في حدائق مقر إقامتها على يد عسكريين مكلفين بحمايتها، من إخوانهما السيخ قبل بضعة أشهر. كل قتل دناءة. لكن الكامنة وراء هذا العمل الوحشي التعصب وعدم التسامح جرحا الإنسانية لطالما كررت القول: إن التطرف الديني لن يكون له مكان في مجتمعنا، النص المقدس لتصنع شكلاً جديداً للدين قريباً من النحلة، تصرف تلك القوى على هذا النحو ينطوي على خطر إحداث فتنة في المجتمع الإسلامي ويهدد التوافق. أعتقد أن الإيمان أياً يكن، ليس مسموحاً به إن لم يكن متسامحاً، سوف تبقى الكنائس والمعابد موضع ترحيب عندنا. أخيراً أتيحت لي زيارته هيطنا في المدينة ظهراً برفقة بعض المقربين ومنهم نشيبي الذي كان قد انضم إلينا بعد ساعة وصلنا إلى ضفاف نهر يمونه. وكانت الصدمة. أمامنا تنتصب جوهرة على خلفية الازوردية، الجمال في صفائه بفضل السيدة غاندي حول المكان إلى القطاع الخاص. ماذا أقول خيال مجمع العجائب هذا؟ حقيقة أن هذا الضريح المبني بالرحام 1) تضاعف عدد الكنائس بين عامي 2006 و 2011 يوجد اليوم أربعون كنيسة على الأقل تعتبر الكنيسة الأرثوذكسية في الشارقة الكنيسة الكبرى في الإمارات معابد هندوسية مؤخراً قدم ولي العهد الشيخ محمد بن زايد قطعة أرض مساحها 55 ألف متر مربع سيني عليها أكبر مكان للعبادة في الإمارات. الأبيض شيد باسم الحب تضفي على جماله مسحة عاطفية جياشة هنا يرقد جثمان ممتاز محل زوجة الإمبراطور المعبودة. وفقاً لما قاله الدليل، تطلب بناء هذا الصرح حوالي عشرين ألف عامل، وألف فيل لنقل المواد المحلوبة من آسيا كلها. تنحني نحو الخارج حتى إذا ما حدثت هزة أرضية انهارت في الاتحاد المقابل للضريح وذروة الرهافة تغير ألوان المجمع في ساعات النهار والليل، مزاج ممتاز محل وردية فحراً، نحن في محبة هذه الأبيات: حبكم وسط الحشا ساد لو جبل متحمله كله ويل منهو مثله فوادي كان طول الوقت قد حله حيت مثل الشمس متبادي یا شفا رو روحي من العله. تلك الليلة، عندئذ قلت وسهلاً بكم في مطار دبي». التهزت الفرصة لأسأله كيف يشعر، البلاد، سعيد كاب يلقى أبناءه مجدداً. وعلى الرغم من هدوله شعرت بأنه متأثر جداً. زايد. كانوا يحتضونه، وكان بعضهم ينتحب. مستقبليه، وانطلقنا نحو قصر البطين كانت الطريق محفوفة برجال ونساء، وأطفال، يهتفون يطلقون الشعارات، يلوحون بالأعلام واللافتات لزمت الصمت. وفي تعلقه بزايد ورغبته الجامحة في بقائه رئيساً. أنزل زايد زجاج باب السيارة ومد يده نحو الجمهور. - أحياناً أتمنى أن أعود طفلاً، يكفي لذلك أن تعود إلينا. فكر فينا. وطالعني بتعبير معذب لم أعهده من قبل ذلك، - أحسنت يا فارس؟ أو تظن أنني لست حريصاً على وإلا لما كنت ما لكن. لكن ماذا بعد؟ أنا عليه. وختم بصوت متشنج على الرغم من الحرارة الخانقة كان المئات يترقبون وصولنا. مكيفات الهواء. بالحافلات بالسيارات، أمر زايد الحراس أن يفتحوا أبواب القصر ويوزعوا ثم ترحل من السيارة وحيا الناس، لم أفاجاً بذلك، فأنا أعلم أنه يتمتع بذاكرة بصرية مدهشة، بعد ساعة دخل إلى حجرته. حرر رسالة يشكر فيها بحرارة شعبه على ما أبداه من محبة له ومن عرفان. لكن حتى لو قرأنا ما بين السطور فلن نجد ما يوحي بتغير في الموقف، لم يبق إلا ثلاثة أشهر على الموعد المحتوم لنهاية ولايته الرئاسية ثلاثة أشهر والمشكلات التي سبقت مغادرته إلى الخارج لم تزل على حالها، يتم التوصل إلى أي حل. من محيط الشك انبثق يقين واحد، في الرابع عشر من سبتمبر أعلن الشيخ راشد رسمياً أنه لا يعتبر نفسه في أي حال من الأحوال خليفة لزايد إذا ما قرر الانسحاب. بالنسبة إليه لن في الثلاثين من سبتمبر أحيط علماً بأن آلاف الأشخاص أنا متأثر جداً، أعلن للمنظمين، لكن أرجوكم إلغاء المسيرة، لا تعرقلوا المفاوضات الحارية على مستوى المجلس الأعلى، صبراً، يحب ترك الوقت يفعل فعله، لا ينبغي ممارسة الضغط على الأنفس الحرة، فأذعن منظمو المسيرة أسفين في السابع والعشرين من أكتوبر سافر إلى الإسماعيلية، وسط تهليل جمهور غفير حتى أن وزير الإسكان المصري لم يجد من وسيلة أخرى سوى دعوته إلى ركوب مروحية لكي يستكشف من الحو هذه المدينة التي سميت باسمه: مدينة زايد. لست أدري إن كان ما نمي إلى صحيحاً من أن زايد أجاب السادات بشيء من الدعابة قائلاً: يا أخي، لا نحن البشر». في التاسع والعشرين شهد الوضع المتأزم حتى ذلك الحين منعطفاً كبيراً. كانت البلاد كلها تترقب. وبالتالي فأنا لا أعرف شيئاً من المناقشات التي أحد. كنا بدواً تحت شمس وهاجة. توجهنا أنا والشيخ راشد نحو خيمة وجلسنا فيها. وحدنا. بدأت الكلام مع كامل الاحترام الواجب لمن يكبرني في السن، مدركاً أن ما يجري هنا يشكل لحظة تاريخية كلمته. على الفور. يا له من تغير ! تغير يرى على وجوهنا، سأكمل قريباً الثامنة والخمسين ما زلت شاباً، إننا لا تكف عن الركض وراء الأحلام التي راودتنا في الصغر». أعتقد أنه محق. أرض مباركة. فجأة ركز