أود أن أنتحب بكل كياني! ويبدو لي أن حالي ستكون أفضل لو أطلقت النشيج باكياً. كما أنها متعلمة إلى حد ما، وصلت إلى سوكولنيكي فوجدتها جالسة على مصطبتنا المحبوبة تحت أشجار الشوح السامقة والممشوقة. – يا لك من قاس! هل يمكن أن تتأخر بهذه الصورة؟ فأنت تعرف كم أنا مشتاقة! تباً لك!لثمت يدها الحلوة، وقد راودتني خلجات ارتعاش النفس، راودتني الخلجات في صدري وتملكتني سورة انفعال وشعرت بأن قلبي يلتهب ويكاد ينفجر، لكني لم ألق بالا إلى الجو. سألتني وهي تتطلع إلى وجهي: – ما لك صامت؟ – لا شيء… الأمسية رائعة… هل إن صحة ماماتك على ما يرام؟ التحدث إليك… أنا جئت من أجل هذا فقط… إنني لزمت ولزمت الصمت، صمت ثم واصلت الكلام: – لم الصمت؟ فمهما صمت المرء، ربما إنك تشعرين بالإهانة… ربما لن تفهمي، كان الواجب صياغة العبارة المناسبة. وواصلت الكلام بعد فترة صمت قصيرة:– أنتِ طبعاً قد حدست سبب مجيئي كل يوم إلى هنا وإزعاجك بحضوري المستمر. كيف لا تحدسين؟ وفي أغلب الظن أنك حدستِ منذ وقت بعيد، بما تتسمين به من فطنة وفراسة، ذاك الشعور الذي يعتمل في… (صمت) فارفارا بتروفنا! – فارفارا بتروفنا! – قل؟ – أنا… ماذا يجب أن أقول؟ فالأمر مفهوم بلا كلام… أنا أحبك، وهذا كل ما في الأمر… ماذا يمكن أن يقال بالإضافة إلى ذلك؟ (صمت) إنني أحبك حباً جماً. أنا أحبك بقدر… موجز القول، واقرئي جميع المصارحات بالحب والعهود والتضحيات الموجودة فيها… فستحصلين على… ما يعتمل في أعماقي… فارفارا بتروفنا! (صمت) فارفارا بتروفنا! ما لك صامتة؟! – ما بك؟ – يا ترى هل إنها… لا؟ وأمسكت اليد الأخرى بجنون… إنها شاطرة!… وفيما انشغلت بتقبيل يديها وضعت رأسها على صدري، وعندما أصبحت فاريا نهائياً بين ذراعي، وصفوة القول حين ضمنت تقريبا الحصول على زوجة حسناء ونقود جيدة ومستقبل مهني جيد، لا أدري أي شيطان دفعني لإطلاق لساني… لقد أردت أن أبرز نفسي أمام زوجتي القادمة وأتباهي بمبادئي. علماً بأنني نفسي لم أعرف ماذا أريد… وكانت النتيجة سيئة للغاية… فقلت بعد القبلة الأولى:– فارفارا بتروفنا! قبل أن آخذ منك كلمة بأن تصبحي زوجتي – أعتبر أن واجبي المقدس، أنا شريف! أنا كادح! أنا… أبي النفس! زد على ذلك… لدي مستقبل… لكني فقير… لا أمتلك شيئاً. قالت فاريا: – أنا أعرف ذلك. – نعم… ولكن من يتكلم عن النقود؟ أنا… فخور بفقري. إن الكوبيكات التي أتلقاها مقابل أعمالي الأدبية، لن أبادلها بالآلاف… التي… التي… – هل يعقل أنك توافقين على التخلي عن الثروات الدنيوية من أجلي؟ حم… – لدي المال. – هراء! إن عدة عشرات الآلاف تكفي للعيش لمدة عدة سنوات فقط. فكرت في دخيلة نفسي: «ما لي أهرف هذا الكلام!»، يا فارفارا بتروفنا! فكري في الخطوة التي تقومين بها! إنها خطوة لا رجعة فيها! لئن توفرت القوة فاتبعيني، وإذا لم تتوفر القوة للكفاح – فارفضي طلبي! أوه! الأفضل أن أفقدك… من أن تفقدي حياتك الهانئة! إن الروبلات التي يعطيني الأدب إياها في كل شهر، إنها لن تكفي! فكري في الأمر قبل فوات الأوان! وقفزتُ من مكاني. فكري! حيثما يكون العجز – تكون الدموع والملامة والشيب المبكر… أنا أحذرك لأنني رجل شريف. إذا شعرتِ بأن لديك من القوة من أجل مشاركتي الحياة التي لا يشبه مظهرها الخارجي حياتك، – لكن لدي البائنة! – كم مبلغها؟ عشرون، ثلاثون ألفاً؟ ها – ها! مليون؟ بالإضافة إلى ذلك هل سأسمح لنفسي بالاستحواذ على ما هو… كلا! أبداً! أنا عزيز النفس!ومشيتُ جيئة وذهاباً عدة مرات بالقرب من المصطبة. بينما استغرقت فاريا في التفكير. معنى ذلك أنها محضتني الاحترام ما دامت قد استغرقت في التفكير. فنصفي انشغل بما كنت أقول، وسيكفي لمدة طويلة». قالت: – شكراً لك! – قالت هذا . بصوت جعلني أرتجف وأحدق في عينيها. – أشكرك! حسناً فعلت أن كنت صريحاً معي… أنا ابنة نعمة. أنا لا أستطيع… لست أليق بكَ كزوجة… أنا لا آكل أبدأ في وقت الغداء الحساء بالملفوف. وأمي توبخني دائماً… بينما أنا لا أستطيع العيش من دون ذلك! أنا لا أستطيع السير مشياً على الأقدام… إذ يصيبني الإجهاد… ثم الفساتين… يجب أن تدفع ثمن خياطتها كلها… كلا! وداعاً. أما أنا؟ لقد وقفت كالأبله بلا تفكير، قفلت راجعاً إلى البيت مكللاً بالعار وخالي الوفاض. ولم تكن هناك حافلة عند مدخل المدينة. كما لم توجد لدي النقود لاستئجار عربة. وبعد ثلاثة أيام ذهبت إلى سوكولنيكي. وقيل لي في الداتشا إن فاريا مريضة بداء ما وتعتزم السفر مع أبيها إلى بطرسبورغ، وأعض الوسادة وألطم قذالي.