مقدمة وبعد ثلاثة عقود، اتجه الباحثين في المحاسبة إلى تقديم أساس نظري للمحاسبة وذلك لان الواقع والظروف الاقتصادية أصبحت تحتاج الى إطار نظري لتطوير المحاسبة وإيجاد حلول للمشاكل المعاصرة فيها. حيث ترى المدرسة الحديثة بأن المحاسبة هي علم وفن إذ تحكمها أسس ومبادئ وقواعد ومعايير وأصول وفرضيات وأهداف تتجسد في صياغة نظرية علمية يتم الاستفادة منها والاسترشاد بها في تطبيق الأنظمة المحاسبية في تحقيق الهدف العام للنظام المحاسبي المتمثل بإنتاج وخلق المعلومات المحاسبية اللازمة لاتخاذ القرارات، ومنه فإننا نجد أن الأسس قائمة لكن التطبيق متباين طبقا لأراء وأفكار ومعالجات هذا المحاسب أو ذلك. وعليه فالمحاسبة فن من الفنون التي تعتمد على طريقة فنية للتسجيل المحاسبي للأحداث والمعاملات الحالية والمعالجة لها بما لا يتعارض مع الأصول والمبادئ العلمية والقواعد الأساسية في المحاسبة، وعندها يطرح السؤال الجدير بالاهتمام والعناية ألا وهو: أين نقطة البداية؟ هل نبدأ بدراسة النظرية للدخول في التطبيق أم تنطلق من التطبيق للتوجه نحو صياغة النظرية؟ تماما مثل الأنظمة الاخرى، حتى يتم بناء وتكوين نظرية للمحاسبة يجب أن يكون هناك منهج لذلك، فالحقيقة وفق المفهوم الاستقرائي تعتمد على الملاحظة لكافة الظواهر وكلما ازداد عددها ازدادت درجة الثقة في الاستدلال الاستقرائي. ثانيا: المنهج الاستنباطي : يقابل المنهج الاستنباطي المنهج الاستقرائي، فالاستنباطي قوامه العقل والتفكير المنطقي والاستقرائي قوامه الملاحظة والتجربة، وفي الاستنباطي يتم الانتقال من العام إلى الخاص أما في الاستقرائي فمن الخاص إلى العام. أي أن جوهر هذا المدخل هو مقدمات مسلم بها ثم استخراج نتائج من هذه المقدمات عن طريق الاستنباط المنطقي أو ما يسمى بالقياس. وبالتطبيق على المحاسبة فإن المدخل الاستنباطي يبدأ بالمقدمات الكبرى والصغرى حول الوسط المحاسبي ثم يشتق منها منطقيا مبادئ المحاسبة تمثل دليلا أو أساسا لتطوير الإجراءات والممارسات المحاسبية. إن المنهج الاستنباطي في الأساس هو نوع من العمل الذهني العقلي، تعتمد صحة أي نظرية محاسبية يتم تطويرها من خلاله على مقدرة الباحث على تحديد مكونات العملية المحاسبية بشكل صحيح وربط هذه المكونات بطريقة منطقية. وفي مجال المحاسبة يتم تطبيق المنهج الاستنباطي كما يأتي:  تحديد الإطار الذي يتم في عرض المعلومات (القيد المزدوج مثلا)؛  استنتاج المبادئ العامة والطرق والقواعد اللازمة للتطبيق،  استخلاص الطرق والقواعد اللازمة للتطبيق. من الناحية العلمية يصعب تطبيق كل من المدخل الاستقرائي و المدخل الاستنباطي بشكل مستقل، فكل منها يحتاج إلى الآخر و يكمله، ففي المدخل الاستنباطي لا يمكن أن تكون جميع القضايا فرضية و إنما لابد من توفر معلومات عن الواقع و خبرة تساعد على اقتراح فروض مقبولة مبدئيا قبل البدء بعملية القياس العلمي إذن يبدأ المدخل الاستنباطي بالمقدمات الكبرى، و يرى أصحاب الاختصاص أن متطلبات التطوير في المدى الطويل تفرض استخدام المنهج العلمي الذي يربط بين الاستنباط و الاستقراء، فالمنهج العلمي يستند أساسا إلى الاستدلال المنطقي الذي قد يكون بدوره استدلالا استنباطيا أو استدلالا استقرائيا، وفي ظل المنهج العلمي يتم البحث عن المعرفة باستخدام كل من المنهجين السابقين مع التركيز عادة على الأول بالتركيز على التجربة. حيث عرفت الجمعية المحاسبية الامريكية النظرية على أنها مجموعة متناسقة و متماسكة من المفاهيم و الفروض و الاحكام العلمية و المنطقية التي تقوم على تسهيل عمل المحاسب بحيث ترشده الى تعريف و قياس و إيصال المعلومات المالية و االاقتصادية لذوي العلاقة . وكذللك النظرية تساعد في تفسير الظواهر المحاسبية وتوفير حلول للمشكلات الجديدة التي قد تطرأ، مثل المحاسبة عن المعاملات الرقمية . والتطبيق العملي يعكس فعالية النظريات في حل المشكلات الواقعية، ومن وحهة نظر ليتلتون النظرية على انها تفكير مركز للقواعد المحاسبية ، و التطبيق الرديء يقع خلف تفسير ضعيف ، أي بناء النظرية بشكل سليم سينتج عنها نظام محاسبي سليم. الخاتمة وبالتالي فان النظرية في المحاسبة لا بد ان يكون لها بعدان ، و الثاني البعد العلمي أي أنها تكون قابلة للتطبيق ومفيدة للممارسة العملية بالمقابل،