المنعة والتحديث والتطلع إلى الأمام ) 2020 - 2024 ( دخل الأردن العقد الثالث من هذا القرن بتفاؤل أكبر بينما كان يقترب من إنهاء المئوية الأولى للدولة، لكنه فوجئ كغيره من دول العالم بجائحة «كورونا ، » فواجهَها وقدّم خبرة جديدة ونموذجاً متفرداً في نضوج علاقة الدولة بالمجتمع شكّلت إدارة المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات التي جمعت مؤسساتِ الدولة كافة للعمل فريقاً واحداً باحتراف، الأمر الذي بدا واضحاً في حالة الانضباط الشعبي إزاء القرارات التي اتخذتها الجهات المعنية، وأثبتت هذه الخبرة منعة الدولة الأردنية وقدرتها على مواجهة الأزمات وتوحُّد المجتمع خلفها؛ وهو ما ذهب إليه الملك في كلمته التي وجّهها إلى الأردنين بمناسبة عيد الاستقلال في 25 أيار « :2020 هذه الدولة، رغم كل ما أحاط بها من ظروف إقليمية استثنائية أو اقتصادية صعبة، ولم تكن معركتنا مع )كورونا( إلّّا أحد هذه الاختبارات الصعبة التي أظهرت كفاءة الدولة، وفي أجواء مئوية الدولة الأردنية، منتصف عام 2021 ، وضع الملك الباد أمام مرحلة جديدة، والحقّ أن المسار الذي أطلقه الملك هو ترجمة حقيقية للأفكار والرؤى التي وردت في الأوراق النقاشية لجلالته، والمتمثلة في تحديث الدولة ومؤسساتها السياسية والإدارية وتحديث خياراتها الاقتصادية، باعتبار تحديث الدولة هو المدخل والأداة الموثوقة لتحديث المجتمع الأردني، لذا لا يمكن فصل مسارات الإصاح الثلاثة التي أطلقها الملك عن بعضها بعضاً؛ فقد أطلق الملك خال عامَي 2021 و 2022 ثلاثة مسارات للتحديث، هي: مسار التحديث السياسي، ومسار التحديث الاقتصادي، إن الأردن بحاجة إلى منظور التحديث أكثر من حاجته إلى منظور الإصاح، بمعنى حركة واسعة لإعادة تنظيم المجتمع الأردني حول رؤية جديدة تعيد بناء الخيارات الوطنية نحو الاعتماد على الذات وتجذير النهج الديمقراطي في البنى الاجتماعية. وتكوّنت من 92 شخصية -بالإضافة إلى الرئيس- من بينهم 18 سيدة، فشملت التياراتِ السياسيّة والفكريّة على اختلافها، وراعت الفئات العمرية والمكوّنات الاجتماعيّة كافة. ووضع الملك في رسالته لرئيس اللجنة مهام محددة وواضحة، وهي: وضع مشروع قانون جديد للانتخاب ومشروع قانون جديد للأحزاب السياسية، والنظر بالتعديات الدستورية المتصلة حكماً بالقانونن وبالعمل النيابي، وتقديم التوصيات المتعلقة بتطوير التشريعات الناظمة لإدارة المحلية، وتوسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار، وتهيئة البيئة التشريعية والسياسية الضامنة لدور الشباب والمرأة في الحياة العامة. أشارت الرسالة الملَكيّة بوضوح إلى هذا المبدأ، حينما أكد الملك: «إن مسؤوليتكم اليوم تتمثل بوضع مشاريع قوانن توافقية تضمن الانتقال المتدرِّج نحو تحقيق الأهداف المستقبلية كاملة 79» ، لهذا اعتمدت اللجنة التدرُّجَ والانتقالَ المرحليّ بوصفهما آلية للوصول إلى النموذج الديمقراطي الأردني. قُسم عمل اللجنة الملَكيّة لتحديث المنظومة السياسية إلى ستة محاور وفقاً الرسالة الملَكيّة، منها محوران ينطويان على تقديم مشروعَي قانونَن؛ ومحور يتناول تطوير التشريعات الناظمة ومحوران يتناولان توصيات حول تمكن المرأة والشباب في الحياة السياسية، والمحور الأخير يشتمل على التعديات الدستورية المتّصلة بقانونَي الانتخاب والأحزاب وآليات العمل النيابي. أصدرت اللجنة مخرجاتها من خال وثيقة متكاملة تشمل رؤيةً لتحديث الحياة السياسية للعقد القادم، واستندت الوثيقة المرجعية إلى الدستور الأردني والرسالة الملكية والأوراق النقاشية لجلالة الملك والتوافقات التي صاغها أعضاء اللجنة. واشتملت الوثيقة على عرض تاريخي لتطور الفكر الإصلاحي في الأردن من التنمية السياسية والإصاح إلى التحديث السياسي. كما اشتملت على رؤية فكرية لمسار التحديث السياسي وعلى شروط التحديث السياسي في هذه المرحلة وأبرزها: أن يكون التحديث وطنياً شاملاً، وأن يعمل على تعزيز الهوية الوطنية، وأن يساعد على تمكن مبدأ المواطنة الفاعلة، وأن يعزز بناء مؤسسات سياسية قوية ومتماسكة وإنفاذ سيادة وأن يعمل على غرس اجتماعي وثقافي للتحديث السياسي،