ما أجمل أن نبدأ به الحديث . يصف المؤرخون والرواة شبابه، فيقولون: كان أعطر أهل مكة . وشبَّ تحت خمائلها . ولعله لم يكن بين فتيان مكة من ظفر من تدليل أبويه بمثل ما ظفر به مصعب بن عمير . ولؤلؤة ندواتها ومجالسها، أيمكن أن يتحول إلى أسطورة من أساطير الإيمان والفداء . ؟؟ بالله ما أروعه من نبأ . أو «مصعب الخير» كما كان لقبه بين !! . . المسلمين إنه واحد من أولئك الذين صاغهم الإسلام وربّاهم محمد عليه الصلاة والسلام. ؟ إن قصة حياته لشرفٌ لبني الإنسان جميعاً . ما بدأ أهل مكة يسمعونه عن محمد الأمين . «محمد» الذي يقول إن الله أرسله بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى عبادة الله الواحد الأحد . وحين كانت مكة تمسي وتُصبح ولا هم لها، ولا حديث يشغلها إلا الرسول ودينه، كان فتى قريش المدلل أكثر الناس استماعاً لهذا الحديث . ذلك أنه كان على الرغم من حداثة سنه، زينة المجالس والندوات، تحرص كل ندوة على أن يكون «مصعب بين شهودها، ذلك أن أناقة المظهر ورجاحة العقل كانتا من خصال ابن عمير» التي تفتح له القلوب والأبواب . ولقد سمع فيما سمع أن الرسول ومن آمن معه يجتمعون بعيداً عن فضول قريش وأذاها . هناك على الصفا في دار الأرقم بن أبي الأرقم فلم يطل به التردد، بل صحب نفسه ذات مساء إلى دار الأرقم تسبقه أشواقه ورؤاه . هناك كان الرسول يلتقي بأصحابه فيتلو عليهم من القرآن، ولم يكد مصعب» يأخذ مكانه، وتنساب الآيات من قلب الرسول متألقة على شفتيه، ثم آخذة طريقها إلى الأسماع والأفئدة؛ حتى كان فؤاد ابن عمير في تلك الأمسية هو الفؤاد الموعود .