فكان للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كُتَّابٌ يَكتُبونَ الوحيَ بَينَ يَدَيه، وعَبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ، ثُمَّ مع إرسالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لمُلوكِ الفرَسِ والرُّومِ وسائِرِ القوى المُجاوِرةِ لبِلادِ الإسلامِ، فضلًا عن إتيانِ الوُفودِ التي تُبايِعُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وتَحتاجُ إلى أن يَكتُبَ لها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شَيئًا عن أمرِ الدِّينِ وفَرائِضِ الإسلامِ، وهو رَجُلٌ من أهل اليَمَنِ أرادَ أن يَكتُبَ له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وَصاياه وأوامِرَه يَومَ الفَتحِ. وبَعدَ وفاةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم استَجَدَّت أُمورٌ ووقائِعُ احتاجَت إلى الكِتابةِ احتياجًا عَظيمًا؛ كما كان اتِّساعُ الدَّولةِ الإسلاميَّةِ في عَصرِ الرَّاشِدينَ سبَبًا في ازدِهارِ الكِتابةِ، فنَشِطَتِ المُراسَلاتِ بَينَ الخَليفةِ في عاصِمةِ الحُكمِ وبينَ الأُمَراءِ والعُمَّالِ في سائِرِ أقطارِ الإسلامِ، أشهرُها ما كان بينَه وبينَ أبي موسى الأشعَريِّ رَضِيَ اللهُ عنهما. ونَسَخَ كُلُّ واحِدٍ منَ الكِتابِ مُصحَفًا له منَ المُصحَفِ المُرسَلِ إلى بَلَدِه، ولما انتَقَلَتِ الخِلافةُ إلى الكوفةِ زَمانَ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه تَطَوَّر الخَطُّ تَطَوُّرًا مَلحوظًا في الرَّسمِ والنَّقشِ،