عانت أوروبا في العصور الوسطى من أوضاع سيئة على الأصعدة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية، حيث سيطرت الكنيسة بقبضة حديدية، متمتعة بصلاحيات دينية وسياسية مطلقة، معاقبة كل من يخالفها بالهرطقة والقتل أو السجن والتعذيب. لكن القرن الخامس عشر شهد دعوات لفصل الدين عن الدولة بقيادة مارتن لوثر، ودعوة ديكارت لفصل العقل عن الدين، معارضةً لوقوف الكنيسة ضد العلم، إضافةً إلى دعوات جان جاك روسو للحرية، مما أدى إلى ثورات كثورة الفرسان في إسبانيا وثورة الفلاحين في ألمانيا والثورة الفرنسية. برزت العلمانية نتيجةً لذلك لمواجهة تحديات الكنيسة لنهضة العلوم، مُشكّلةً الفصل بين الدين والدولة. بعد هذا الفصل، ظهرت تيارات فكرية غربية كالديمقراطية والرأسمالية والوجدوية والعصراينة والليبرالية، متفرعة من نفس المنبع. انتقلت هذه التيارات إلى البلاد العربية، بدءًا من مصر ولبنان وسوريا وتونس في القرن التاسع عشر، ثم العراق، لتصل إلى بقية الدول العربية في القرن العشرين.