عصر صغار الصحابة وكبار التابعين: من ولاية معاوية إلى أوائل القرن الثاني الهجري بعد أن صالحه الحسن بن علي رحمه الله، "الباقر" محمد بن علي بن الحسين: فإن المناوأة لمعاوية والحكم الأموي ظلت قائمة، ومن الشيعة أخرى، كما كان لواقعة كربلاء ومقتل الحسين رد فعل كذلك، واعتصامه بمكه، كي يستتب له الأمر واعتمد في جمع كلمة الناس عليه على رجل مستبد، يعشق إذلال النفوس بالقهر والعسف، كثيرا من الثورات، حيث ازدهر بالفتوحات الإسلامية شرقا وغربا، ثم أعقبه عمر بن عبد العزيز "التقي الزاهد" فحاول رد المظالم وإقامة العدل، ثم في عهد أخيه هشام، وقامت الدعوة السرية لبني العباس. فعندما قرأ مروان بن الحكم عامل معاوية على المدينة كتاب معاوية لأخذ البيعة ليزيد في مسجد المدينة هاج القوم وماجوا، ولكنكم تريدون أن تجعلوها هرقلية: كلما مات هرقل قام هرقل" وقام الحسن بن علي فأنكر ذلك، ثانيا- أنها جنحت إلى سياسة الملك التي تهتم بتقوية نفوذها، ثالثا- أنها عاملت بعض الصحابة وشيوخ التابعين بعنف وشدة كمعاملة الحجاج لسعيد بن جبير، وموقفه من عبد الله بن الزبير، رابعا- أن الحكم الأموي استباح أشياء من الأمور المشتبهات في الإسلام وغلب جانب الرأي فيما يجد من مسائل النزاع وأمور المعاملات:"أ" فاستلحق معاوية زيادا، وقبل زياد هذا الاستلحاق والله تعالى يقول: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ، ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} ١. إلا أني سمعته يقول: قاتل الله فلانا، وقد تولى القاضي أبو بكر بن العربي الجواب عن هذه التهمة بما فيه الكفاية في كتابه "العواصم من القواصم" وبين أنه لا يعرف لزياد أب قبل دعوى معاوية على التحقيق، وله نسب بعبيد الثقفي بالحضانة، فهذا الكلام فيه مقال. وقد كان زياد مجهول الأب، ب- واستباح بنو أمية التي حرمها الله، وثنى عبد الملك بن مروان. فأذن للحجاج في أن يستبيح مكة واستباحها الحجاج، فقال أبو الدرداء: "من يعذرني من معاوية، أخبره عن رسول الله ويخبرني عن رأيه. وإنما رأى معاوية ذلك إما لأنه حمل النهي على المسبوك الذي به التعامل وقيم المتلفات، وينبغي الإشارة هنا إلى ما رواه أهل السنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يكون الخلافة ثلاثين سنة، ثم تصير ملكا". وهو الحديث الذي استند إليه العلماء في تقرير خلاة الخلفاء الراشدين الأربعة؛ وكان هذا الإصلاح مصداقا لما رواه البخاري وغيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال للحسن: "إن ابني هذا سيد. وعهد بني أمية هو الذي يصدق فيه القول بأنه ملك ورحمة، ولا شك أن معاوية صحابي له فضل الصحبة التي وردت في الأحاديث الصحيحة، وقد استعمله عمر رضي الله عنه على الشام بعد أخيه يزيد بن أبي سفيان قبل أن يستعمله عثمان. واتفق العلماء على أن معاوية أفضل ملوك هذه الأمة. وهو أول المولك، أما يزيد بن معاوية فقد غلا فيه بعضهم فجعله إماما عادلا هاديا مهديا، ولا كان من الصحابة باتفاق العلماء، وحين طلب الحسين منهم أن يجيء إلى يزيد أبوا إلا أن يقتلوه وأصر عبيد الله بن زياد على قتله؛ كما كان قتل عثمان رضي الله عنه قبله من أعظم أسباب الفتن في هذه الأمة. وأخرجوا نوابه فبعث إليهم جيشا، ثم أرسل جيشا إلى مكة المكرمة فحاصروها،