والسبب في ذلك أن أهل الحضر ألقوا جُ نوبهم على مهاد الراحة والدعة، أمرهم في المدافعة عن أموالهم وأنفسهم إلى واليهم والحاكم الذي يسوسهم والحامية التي تولت حراستهم، وتنزلوا منزلة النساء والولدان الذين هم عيال على أبي مثواهم؛ حتى صار ذلك خلقا يتنزل منزلة وانتباذهم عن الأسوار والأبواب قائمون بالمدافعة عن أنفسهم لا ي ك ل ونها إلى سواهم، ويتجافون عن الهجوع إلا غ رار ا في المجالس وعلى الرحال وفوق الأقتاب، م د ل ين ببأسهم واثقين بأنفسهم، وأهل الحضر مهما خالطوهم في البادية أو صاحبوهم في السفر عيال عليهم لا يملكون منهم شيئاً من أمر أنفسهم، ابن عوائده و مألوفه لا ابن طبيعته ومزاجه، فالذي ألفه في الأحوال حتى صار خلقا وملكة وعادة تنزل منزلة الطبيعة وال ج ب ل ة، واعتب ر ذلك في الآدميين تجده كثيراً صحيح ا،