وأكرمنا بخير نبي أرسل فعلم وألهم ومهد للتي هي أقوم، فصل اللهم وسلم وعلى إله وصحبه وسلم وبعد:إن رعاية الأطفال والاهتمام بهم تأتي في أولويات تطلعات الشعوب المتقدمة وذلك لأن الطفل اليوم هو مستقبل الغد في كل نواحي الحياة، فهو القائد والمفكر والعالم والمخترع والمستقبل الجميل الذي يحدد ضرورة أي أمة بين أمم العالم ودورها الفعال وقيمتها العينية والأدبية.إن مجتمعنا في السعودية اليوم يعاني من تحديات ثقافية واجتماعية واقتصادية وسياسية أفرزتها المتغيرات الاستثمارية والثقافية التي لحقت بكيان ووظائف الشركات الاجتماعية التي تعمل في ميدان الضبط الاجتماعي كالأسرة والمدرسة والمجتمع المحلي وعلى ما يظهر فإن جناح الأحداث أو انحراف الناشئين أو إجرام الناشئة من الممكن أن يكون هو الآخر نتاجاً لبعض الاختلافات التي أصابت عمق القيم والمقاييس الاجتماعية السائدة في المجتمع، فقد عجزت غالبية الأسر والمؤسسات التعليمية والاقتصادية والثقافية عن الإخلاص بالتزاماتها بادخار حياة طبيعية للصغار، كما فشلت في المحافظة على تأدية رسالتها التقليدية وهكذا تزعزعت الصورة التقليدية للسلطة وترك الناشئين في حيرة وقلق وتيه لاختيار التصرف الملائم والتصرف المناسب على ضوء المقاييس السائدة وتحقيق الحد الموافق عليه يملكون من التوافق الاجتماعي المطلوب.والواقع أن المجتمع في السعودية قبل ثلاثة أو أربعة عقود من الدهر لم يكن يعلم ظاهرة انحراف الناشئين ولم تكون السبب له في إشكالية اجتماعية ذات ثقل، ووفقا لذلك فإن صعود مستويات انحراف الناشئين يحرض اليوم ارتباك المجتمع والعلماء والباحثين والمفكرين ويدفعهم للتصدي لتلك الظاهرة دفاعاً بغية تطويقها والتخفيف من أخطارها سيما في أعقاب ظهور أنماط جانحة خطيرة وحديثة؛ حيث أضيفت إلى إشكالية الانحراف أبعاد ثقافية حديثة باتت تهدد صغار مجتمعنا ومنبع طاقتنا البشرية المستقبلية.وما يُخيف علماؤنا والباحثين في هذا المجال حقيقة أن التصدي لجناح الأحداث هو باب لمواجهة مشاكل جرائم الكبار، والسبب في ذلك يعود أن بدايات الحياة الإجرامية تبدأ في التشكل في مرحلة مبكرة من حياة هذا الحدث حتى تتكون شيئا فشيئا من خلال الظروف والبيئة المحيطة.إن سياسة المجتمع التي تهتم برعاية الأحداث الجانحين من كلا الجنسين في السعودية تبدأ بتطبيق الشريعة الإسلامية، وأن ما تم التوصل إليه من خلال ما جاءت به الشريعة الإسلامية يُظهر مدى التقدم في هذا المجال على مستوى النظرية والتطبيق. فالشريعة الإسلامية تقوم على مبدأ التقويم الأخلاقي وهي اللبنة الأولى التي يقوم عليها أي مجتمع مسلم.ولا شك أن ظاهرة جنوح الأحداث تعد سلوكا اجتماعيا مضادا للمجتمع ومخالفا للقانون وما تعارف عليه الجماعة من قيم ومعايير، وغالبا ما يكون السلوك المحرف للحدث نتيجة لعدم التوافق أو الصراع النفسي بين الحدث ونفسه وبينه وبين الجماعة المحيطة به