صَاحَ أحمَدُ مُعْتَرَضًا : مَا قِيمَهُ قلم رَصَاصِ حَتَّى أَضَيِّعَ وَقتِي فِي الْبَحْثِ عَنْهُ؟! سَمَعَ جَد أَحْمَدَ كَلامَهُ. مُتَحَسِّرًا : أحمدُ لا يَهْتَمُّ بالقَلِيل، وَهَذَا شَيْءٌ خَطِيرٌ لِلغَايَةِ، يَهْتَمُّ بالقَلِيل لا يمْتَلِكُ الْكَثِيرَ إذَنْ لابُدَّ مِنْ طَرِيقَةٍ حَكِيمَةٍ يَفْهَمُ بِهَا سَمَعَ جَدُّ أَحْمَدَ صَوْتَ تَسَاقِطِ المَاءِ مِنَ الصُّنْبُورِ، وَأمَرَهُ بغَلْقِ الصُّنْبُور محافظة عَلَى الْمَاءِ . فقَالَ لَهُ أَحْمَدُ إِنَّ الصُّنْبُورَ مُغْلَقٌ يَا جَدِّى، قطرَاتٌ بَسِيطةٌ لَيْسَتْ ذَاتَ أَهَمِّيَّة. اصطحب الجَدُّ أحمَدَ إلى الصُّنْبُور وَأمَرَهُ بِوَضْعِ إِنَاءٍ فارغ تَحْتَهُ لِتَسْقُط قطرَاتُ المَاءِ فِيهِ. ثمَّ اصْطَحَبَ أحْمَدُ إِلَى حَقْلِ قَرِيبٍ مِنَ الْمَنْزِلِ وَهُنَاكَ أَخْرَجَ الجَدُّ مِنْ جَيْبِهِ حَبَّاتٍ مِنَ الدُّرَةِ وَبَعْتَرَهَا فَوْقَ الْأَرْضِ، وَأمَرَ أحمدَ بِجْمِعِهَا . جمَعَ أَحمَدُ الحُبَّاتِ ثُمَّ ذَهَبَ بِهَا إِلى جَدِّهِ، فَقَامَ الجَدُّ بِعَدِّهَا ، قالَ : تِسْعُ حَبَّاتٍ فَقَط ؟ ! مَا زَالَتْ هُنَاكَ حَبَّهُ مَفْقُودَةٌ يَا أَحْمَدُ، أنْ تَرْجَعَ إِلى نَفْس المكان وَتَبْحَتْ عَن الحُبَّةِ العَاشِرَةِ. وَمَا قِيمَةُ هَذِهِ الحُبَّةَ يَا جَدِّى؟ وَهُنَا أَمَرَ الجَدُّ أحمَدَ أَنْ يَحْضِرَ إنَاءَ الماءِ الَّذِي وَضَعَهُ تَحْتَ الصُّنْبُور وَمَا أَنْ رَأَى أَحْمَدُ الإِناءَ حَتَّى انْدَهَشَ ، بقَطَرَاتِ الماءِ. حَمَلَ أحمَدُ الإِناءَ وَذَهَبَ بِهِ إِلَى جَدِّهِ، فَوْقَ الْأَرْضَ الَّتِي وَقعَتْ فِيهَا الحَبَّة. وَبَعْدَ فترةٍ مِنَ الزَّمَن أخَذَ الجُدُّ أحمدَ ، ففَرحَ بِهِمَا أَحَمْدُ فَرَحًا شَدِيدًا. قال الجد : يمُكِنُكَ الآنَ أنْ تَعِدَّ مَا بالكَوْزَيْنِ مِنْ حَبَّاتٍ، انْهَمَكَ أَحمدُ بالعَدِّ، وَلَا انْتَهَى صَاحَ مُهَلّلاً : جَدِّى. أنَّ عَدَدَ الحُبَّاتِ زَادَ عَنِ الْمِائَتَين . مِنْ قطرَةِ مَاءٍ وَحَبَّةِ ذُرَةٍ يَا أَحمَدُ قال أحمدُ : الآنَ أَدْرَكْتُ الدَّرْسَ جَيِّدًا يَا جَدِّى الْعَزِيزَ، أفرِّطُ فِي الْقَلِيل أَبَدًا . فَقَالَ الجَدُّ : نَعَمْ يَا بُنَيَّ فالْقَلِيلُ أَصْلُ الْكَثِيرِ،