الفصل الثاني محمد علي والتحدي حملة فريزر الإنجليزية على مصر 1807 والمقاومة المصرية: وبنموها ازدادت مصر أهمية في لتسهيل وسائل النقل بين انجلترا والهند بطريق البحر المتوسط ومصر والبحر بدلا من الطريق البحرية الطويلة حول رأس الرجاء الصالح. وهذا الذي كان قد دفعهم قبلا الى مقاومة حملة بونابرت على مصر وسوريا واجتذاب محمد بك الالفي أحد أحبط مساعيهم كما أسلفنا. لم يأمل الإنجليز الاتفاق معه، شديد الميل الى الفرنسيين اللذين ناصروه حينما كان الانجليز يدفعون الدولة العثمانية وتنحية محمد علي عن الولاية، وتسليم زمام الأمور للمماليك. لكن جرت المقادير ضد التدابير، 1806 وزميله محمد بك الألفي توفى في أوائل سنة 1807 ، فسادت الفوضى شئون المماليك لفقد زعيميهم الكبيرين، ولم يدرك الانجليز مبلغ الضعف الذي أصاب حلفاءهم وظنوا أنهم ما برحوا يستطيعون الاعتماد على معاونيهم، فوجهوا الى مصر حملة مؤلفة فوصل الى الاسكندرية واحتلها في شهر مارس سنة 1807 ، وثانيا ليفتح طريق المواصلة بينه وبين المماليك، إذ أمعن الجنود العثمانيون في وأخذوا عددا كبيرا من الأسرى نقلوا الى القاهرة. أما المماليك والانجليز وانتهت بالاتفاق على أن يخلي محمد علي سبيل الأسرى، وان تتجلى الجنود فكان للانتصار الذي أحرزه محمد علي صدى عظيما في مختلف أنحاء البلاد، فتوكدت سيادته في القطر المصري، وعظمت هيبته في النفوس، كان يهدد البلاد من الخارج حجة لتحصين الثغور، وشحن الاسكندرية بالمقاتلة، وتولى الدفاع عن الثغور المصرية بنفسه، وقد كان قبل ذلك يقوم بالدفاع عنها قائد البحرية جدير بالذكر أنه حين عادت الجند من الاسكندرية بعد جلاء الحملة الانجليزية عن البلاد سنة 1807 ثاروا في القاهرة وعاثوا في أسواقها فسادا، واستعمل محمد علي الحكمة في إخماد ثورتهم. واعتزم من ذلك الحين أن يتخلص من الجيش القديم ويحل محله جيشا حديثا قوامه النظام والطاعة، سنة 1819 - 1820 ، الحين، الكبيرة، فتأمل كيف انتظر أكثر من اثنتي عشرة سنة قبل أن يبدأ في إنفاذ فكرته، التنفيذ كان شديد الاحتياط بعيد النظر، فأسس المدرسة الحربية الأولى لتخريج الضباط النظاميين في أسوان، أي في أقاصي الوجه القبلي، والفتن التي كانت القاهرة مسرحا لها. في مشروعاته الإقتصادية والعلمية بخبراء أوروبيين، سيمونيون الفرنسيون، التاسع عشر، على العلم الحديث. المتقدم، وأن يقيم إدارة فعالة، إلا بإيجاد تعليم عصري يحل محل التعليم التقليدي. وطرق بناء السفن، كان أشهرها بعثة 1826 التي تميز فيها الذي كان له دوره الكبير في مسيرة وقد بلغت هذه البعثات التعليمة تسع بعثات كان آخرها عام 1847م. ويلاحظ على أولاده، بل شملت عددا من المصريين أيضا، ممن سيصبح لهم دورا كبيرا في مستقبل الحياة العلمية والفكرية في مصر. عمد محمد علي إلى تجنيد الفلاحين المصريين وانتدب لتنظيم الجيش ضابطا وأنشأ المدارس الحربية وبنى الأسطول. ومع اصلاحاته هذه نمت الصناعة في البلاد، واستعان على القيام بكل ذلك برجال الفنون والصنائع الأوروبيين، وأرسل البعثات واستقدم منها أرباب الاختصاص، على النحو الذي سنراه. وأسطولا وأوجد حكومة منتظمة حيث كانت الفوضى ضاربة أطنابها؛ كانت الامراض تفتك بالأهلين، هدرا دون أن تنتفع منها الاراضي، كل ذلك يدل على ما تفعله العزيمة الحديدية. في جميع انحاء البلاد حتى ضاهت مصر في ذلك البلدان الأوروبية الراقية. قوية البأس عظيمة السلطان منيعة الجانب، وهي غاية تعد المثل الأعلى للقومية المصرية، حقق فعلا تلك الغاية وجعل من مصر دولة فتية مستقلة تمتد حدودها من جبال وتشمل مصر وسورية وبلاد العرب وجزيرة ولئن تراجعت حدود مصر طبقا لمعاهدة لندن، حدودها الأصلية سليمة حيث شملت استقلال مصر والسودان وحققت وحدة وادي النيل السياسية والقومية. ولا فإن أي خطأ يبدر منه كان يكفي لاحباط المشروع في خطواته الأولى، أو هدمه من أساسه بعد تمامه، ويكفيك برهانا رغم الحاح بعض الماليين والسياسييين الفرنسيين، إذ رأى أنه سيؤدي الى تدخل الدول واتجاه الاطماع إليها، وجعلها هدفا للدسائس الاستعمارية مما ومما يؤثر عنه أنه قال في هذا الصدد: