وبمقتضى هذه المواقف بالذات تنبثق حرية الوعى : ذلك أن الكائن الذى يقال عنه انه حر هو ذلك الذى يستطيع أن يحقق مشاريعه، ولكن على أن يكون المشروع ذاته نحو غاية ما سابقا على تحقيق هذه الغاية ومتميزا عنها. أى رفض ما هو واقع والتصميم على ما هو ممكن، هو المعنى الحقيقى للفعل الحر. أى ليست هى فى الحصول على المراد ، وانما هى تعنى مجرد الشروع نحو ما يريده والتصميم له . ومن هنا كانت الحرية هى التى تكشف عن الموقف ، وهذا بالتالى يقتضى المواقف التى ينفصل عنها الوعى الحر. فليست هناك حرية ألا بازاء مواقف معينة ، وهى - أى الحرية - تتجلى فى اختيار الوعى لمعنى هذه المواقف . وهذا بالضبط هو معنى الشروع ، وانما يعنى مجرد استقلال الاختيار . ولذلك لا يمكننا أن نقول أن السجين حر فى أن يغادر سجنه أو فى أن يحلم باطلاق سراحه،