الشخصية الرئيسة الثانية في هذه الرواية بعد(منار)؛ الذي اختار له الكاتب اسما بعكس صفاته الحقيقة، إذ إنه لص يسرق الزبائن في محطة الوقود التي يعمل بها فيطرده رب عمله، ليجلس في البيت عاطلا عن العمل، وهو يتردد على بيت "تمام" المرأة اللعوب في الحي، وتكتشف امرأته ذلك فيتستر على فضيحته بالزواج من تلك المرأة، أبو الأمين رجل يحب أسرته ويعمل سائق تكسي، ويوصل ابنته منار إلى جامعتها كل يوم ويعود إليها في نهاية الدوام، ولا يدعها تقطع الشارع من شدة حرصه، فينزلها على الباب مباشرة، إلا أنه يمرض ويضطر بعدها للاستعانة بسائق لسيارته وهو "يونس" الذي كان يحضر له غلة السيارة كل يوم، ويجلس عند أبو الأمين أحيانا ليتناول الشاي، وبعد أن اطمأن أبو الأمين له وافق على إرسال "منار" معه إلى جامعتها، فيجن جنون "أمين" يحاول أمين الحصول على رخصة قيادة سيارة (عمومي) فيفشل مرتين، لكن " يونس" يجد السبيل لفتح باب الحديث مع "منار"أثناء توصيلها فينجح بذلك لدرجة أنها تطمئن إليه."أمين" ينجح بالحصول على رخصة قيادة سيارة(عمومي)، فيذهب سعيدا إلى والده يزف له خبر هذا النجاح،إذن فالكاتب قد أعطاه اسما مخالفا لحقيقة صفاته، وهذا أسلوب اتبعه الكاتب مع جميع شخصيات الرواية إذا ما استثنينا(منار، وشامة).يجزم "أمين" بينه وبين نفسه بأن "يونس" قد كان يسرق من غلة السيارة، ويعطيه " يونس، ما طلب منه ويكرر الطلب ويعطيه مرة ثانية، إلا أن "أمين" لم يرجع المال إلى "يونس" فقد أخذ المال أصلا بنية عدم إرجاعه، فيضمر "يونس" الشر في نفسه ويقرر الاقتصاص منه عن طريق اغتصاب أخته "منار"، فيستدرجها لركوب سيارته عندما يضبطها مع صديقها "عصام" في معرض الطيور، فتركب معه السيارة على مرآة من "عصام" الشاب الجامعي الذي يحبها، فيأخذها "يونس" إلى بيت مهجور بقوة السلاح، ويغتصبها بعد أن يمزق فستانها.أمين الذي تزوج من الفتاة اللعوب (تمام) حفاظا على سمعته التي هي أصلا في الحضيض، اليوم يغتصب "يونس" أخته الرقيقة الجامعية، تقدم الإرشاد والنصيحة للبنات، لكنها لم تفعل ما يساعد "تغريد" ابنة الخامسة عشرة عندما لجأت إليها تخبرها باغتصابها من قبل أخيها لتحمل منه بشهرين، والتي تتعرض للقتل من قبل مغتصبها بحجة الشرف، فهي الآن تتعرض للاغتصاب وينتفخ بطنها بعد ثلاثة أشهر، فتلجأ إلى زوجة أخيها "نبيلة"، لكنها ضعيفة، فتلجأن إلى "أم أمين" التي يجن جنونها. فتبيعان كل ما لديهن من مصاغ، لكن "تمام" التي هي ليست تمام بأفعالها، تقوم بفضح "منار" أمام أخيها "أمين" عندما ترد عليه قائلة: " أختك هي العاهرة وليس أنا، فهي حامل بشهرها الثالث" ، يجن جنون أمين فيذهب ليستوضح الأمر ساخطا عليها، فماذا يفعل، يذهب بها إلى الطبيب لإجهاضها، لأنه لم يرجع المال (ليونس)، ويونس قام بهتك عرض الفتاة الرقيقة التي عاملته بلطف واحترام، فهل برأيكم هذا مبرر يضعه الكاتب لاغتصاب فتاة جميلة رقيقة طيبة!!أنا لم أجد المبرر الذي أوجده الكاتب مقنعا، فهل من أجل حفنة من المال يتخلى (يونس) عن عمله وعن حياته وتاريخه من أجل الانتقام؟ ولم يصور الكاتب حالة (يونس) النفسية بهيئة شرير يحمل في قلبه كل هذا الحقد والكراهية، بل أن ( أبو الأمين) أنس به واطمأن له، فقد تحولت هذه الشخصية بصورة مفاجئة إلى وحش يصعب احتمال أفعاله، بلحظة يقضي على فتاة لا ذنب لها تعاقب عليه بهذه الوحشية، الذي يبعد كل البعد عن معاني الأنس، وتركها على مذبح الشرف، ولا يتقصى الحقائق، هذه الشخصية من الصعب تصورها أو توقع أفعالها،"أمين" الذي هو غير أمين ، والذي هو المسبب الرئيس لمصيبة أخته هو بنفسه يأتي في نهاية الأمر لينزع الحياة من قلب أخته (منار) التي قال له أبوه بأنه سندها، هو الذي ينهي حياتها بخمس رصاصات قاتلة، ونبيلة، لكنه، لكنه يعبر عن المستقبل، فهو يمثل المستقبل، أظن كاتبنا أراد من شخصيته أن تمثل هذا الأمر أي ان الأجيال القادمة بحاجة إلى العناية الممنهجة لإنقاذ المجتمع من تلك الأنظمة الاجتماعية القاتلة التي تجلد الضحية وتكافيء الجلاد بل إن الجلاد نفسه هو الذي يجلد ضحيته؛ تماما كما حدث في حالتي الاغتصاب في الرواية، "فتغريد" قتلها أخوها الذي اغتصبها و " منار" التي قتلها أخوها الذي تسبب باغتصابها.أما "تمام" المرأة اللعوب المومس فهي بعكس اسمها أيضا، يتزوجها "أمين" على امرأته " نبيلة" التي وافقت على زواجه من "تمام" تفاديا للفضيحة، يحاول "أمين" تصويب المسدس نحوها فتنطلق الرصاصة ليغمى عليها وتقع أرضا، لكنها تصحو من إغمائها ، وأظن الكاتب قد أراد من هذه الفعلة لفت النظر إلى أن "تمام" هي من تستحق العقاب وليس "منار" لأن (تمام) تقوم بما تقوم به بمحض إرادتها، لكن (منار) هي ضحية. التي تتحمل كل قذرات زوجها، وتحاول درء الفضيحة في كل مرة؛ وبيتها وابنتها سلام، لكنها ضعيفة كما أسلفت، وهذا ما أراد الكاتب أن يلفت انتباهنا بان ضحايا المجتمع لا يجدن من يقف معهن وينقذهن من براثن الظلم."عبد الرؤوف" الشخصية السلبية الأنانية التي لا يهمها إلا ذاتها الضيقة، هي شخصية موجودة في مجتمعنا ودورها دائما سلبي لا نفع له بل إن مضرته أكثر من نفعه، يعرفنا الكاتب عنه عن طريق أبوه، فالأب والأم هم من يعاني من الابن العاق الناكر للجميل وهذه أيضا لفتة ذكية من الكاتب."عصام" الشاب الجامعي الذي تخلى عن حبيبته "منار" ولم يدافع عن حبه، عندما تركها لقمة سائغة في يد "يونس"، فهو لم يكن يحب هذا الشخص وبرغم ذلك، فإنه لم يرافقها عندما استقلت سيارته بضغط واضح من السائق (يونس). وهنا فإن الكاتب يريد القول بأن دور الطلبة الجامعيين ليس على المستوى المطلوب، وما زالوا على اتكاليتهم على الأسرة،أما نساء "الإصلاحية"؛ "الضحية"، ولا أدري لماذا أقحم الكاتب قصص البنات في الإصلاحية أظن أن الرواية لم تكن بحاجة إلى هذا التضمين ."شامة" المرأة التي دخلت الإصلاحية نتيجة الظروف هي المرأة القوية الوحيدة في الرواية والتي استطاعت حماية "منار" في الإصلاحية، هنا يريد الكاتب أن يقول بأن المجتمع لا يخلو من هذا النوع من النساء."منار" هي الضحية الأولى الضعيفة التي لا حول ولا قوة لها، كانت ضعيفة لدرجة القهر، إلا أن المرشدة خذلتها، ومن ثم إلى الشرطة، التي من المفترض أن تخصص دائرة للتعامل مع ضحايا الاغتصاب نفسيا واجتماعيا، لا أن يضعوهن في (السجن) مع بنات الهوى والمجرمات وأصحاب السوابق، لكن (منار) لم تكن بمستوى طالبة جامعية في ردة فعلها بالدفاع عن طالبتها أو بالدفاع عن نفسها، فهل هذا ناقوس يقرعه الكاتب من أجل إعادة النظر بمناهجنا الجامعية ،