إذن فقد كان الجنس البشري سائرا إلى الفناء، وكانت صورة الله فيه سائرة إلى الاضمحلال، أما أن يتنازل عن كلمته التي نطق بها، والتي جلب بها الإنسان على نفسه الخراب. أو أن يهلك الإنسان الذي شارك الكلمة. وفي هذه الحالة يفشل قصد الله فماذا إذن؟ أيحتمل صلاح الله هذا؟ وان كان الأمر كذلك فلماذا خلق الإنسان؟ لو أن هذا حدث لدل على ضعف الله لا على صلاحه.1- إذن فمن أجل هذا ساد الموت البشر وعمهم الفساد، وكان الجنس البشري سائرا نحو الهلاك، وكان الإنسان العاقل الذي خلق على صورة الله آخذا في الاختفاء، وكانت صنعة الله آخذة في الانحلال. صارت له سيادة شرعية علينا (تكوين 2: 25) منذ ذلك الوقت، لأن الله هو الذي وضعه بسبب التعدي (غلاطية 3: 19) وأصبحت النتيجة في الحال مرعبة حقا وغير لائقة.3- لأنه (أولا) كان أمرًا مرعبًا لو أن الله بعدما تكلم يصير كاذبًا إن كان بعد أن أصدر حكمه على الإنسان بأن يموت موتا ان تعدى الوصية لا يموت،4- (ثانيا) وكان أيضا أمرا غير لائق أن الخليقة التي خلقت عاقلة،5- لأنه مما لا يتفق مع صلاح الله أن تفنى خليقته بسبب الغواية التي أدخلها الشيطان على البشر.6- وبصفة خاصة كان غير لائق على الإطلاق أن تتلاشى صنعة الله بين البشر. أو بسبب غواية الأرواح الشريرة وصار مآل هذه المصنوعات إلى الفناء، فما الذي يفعله الله في صلاحه إذن؟ أيحتمل بأن يرى الفساد يسود البشر. والموت ينشب أظافره فيهم؟ وما الفائدة من خلقتهم منذ البدء؟ لأنه خيرًا لهم لو لم يخلقهم من أن يخلقوا ثم يهملون ويفنون.8- لأن الإهمال لا يعلن صلاح الله بل ضعفه، إن كان يسمح لخلقة يديه بالفناء بعد أن خلقها، وكان بالأحرى يتبين ضعفه لو لم يكن قد خلق الإنسان على الإطلاق. وخلقه من العدم، فقد كان يعد أمرا مشينا جدا أن يفنى المخلوق على مرأى من الخالق.10- لهذا أصبح أمرا محتما ألا يترك الإنسان لتيار الفساد، لأن ذلك يعتبر عملًا غير لائق،