كانت الطبيعة الإنسانية ولا زالت الشغل الشاغل للفلاسفة والمفكرين وعلماء النفس والتربية من قديم الزمان، فقد كانت (هندسة) هذا الإنسان من الداخل محور تفكيرهم منذ أقدم العصور. ولا غرابة في اهتمام فلاسفة ومفكري التربية في البحث عن طبيعة الإنسان، ومتى استطعنا أن نفهم طبيعته فسوف نحسن تربيته، وننوع في طرائق التدريس التي تنسجم مع طبيعة المتعلم وتحقق ما يتناسب مع طبيعته، وفي الوقت ذاته نتمكن من فهم قدرات الإنسان وإمكاناته، كما نتعرف على سلوكه وكيفية تقييمه، فالتربية المتيزة تتوقف على مفهوم الطبيعة الإنسانية للفرد. أو مكان إجماع الفلاسفة على مكونات الطبيعة الإنسانية، ولعل من أبرز أسباب الخلاف أنها مكونة من عدد غير محدود من العماصر، ومن الصعوبة تفكيكها، وجهل الإنسان بكثير من أسرارها تسبب في اختلاف النظر إليها، بل يرى بعض فلاسفة الغرب أن أكثر الأسئلة المتعلقة بالطبيعة الإنسانية لا تزال بدون جواب. فإننا نؤمن إيمانا لا يخالطه شك بأن حقيقة الطبيعة الإنسانية التي يبحث عنها الفلاسفة وتتنافس عليها المدارس الفكرية على مر الزمان، فالله جل وعلا خالق النفس الإنسانية والعالم بأسرارها ومكوناتها، وسيجدون الحقيقة التي ما زالت مثارا للجدل والنزاع بين المدارس الفكرية المختلفة ومن ينتمي إليها من فلاسفة ومفكرين.