تعوّدنا سماع جملة: «الإنسان عدو ما يجهل»، فقد كان عدوًا فعليًا منذ الأزل لأي جديد وأي تغيير. فخاف من وسائل النقل والماكينات والتلفاز واللاقط الهوائي والإنترنت والهواتف النقالة وحتى الأديان. لم يتوقف عن تقديم خدمات هائلة للبشرية في شتى المجالات وعلى جميع الأصعدة. ونراه اليوم يقتحم العالم الأدبي والفكري والنقدي أيضًا، وكذلك يحسن من جودة التصوير السينمائي وإنجاز الأفلام المتخصصة، بناء على المعطيات والتدخلات البسيطة من الإنسان لينجز ويتنبأ بأصعب الأمور بكل سهولة ودقة وإتقان. وتبعه إضراب آلاف الفنانين والمنتجين والعاملين في هذا المجال، فالمساءلة القانونية ومن ثم تهديد للوجود البشري. فقد تولد القلق والهلع من قيام بعض الطلبة والباحثين بالاستعانة به لإنجاز واجباتهم وفروضهم دون أدنى جهد أو استخدام المخ للتفكير والبحث والاستنتاج. مما يحول الطالب/ الباحث لأداة تُلقي الأسئلة وتعطي الأوامر لتستلم الحلول جاهزة وبيسر. وتوقف التطور عند حدود معرفة الذكاء الاصطناعي الذي يبني علومه وفرضياته على ما أنتجه الإنسان خلال مئات الآلاف من السنين، فقد تمت تغذيته بشكل ممتاز بكل ما هو موجود في عالم الإنترنت والكتب الورقية. بشر اتكاليون على أجهزة ممكن لها أن تتوقف في أي لحظة عند انقطاع النت بشكل موسع وعالمي، فكيف لنا التعامل مع المارد الجديد، وماذا سيكون شكل المستقبل؟! فكما كتب علماء الفيزياء ستيوارت راسل وماكس تيغمارك باحث في التعلم الآلي وفرانك ويلسزيك في جريدة إندبندنت: «في حين أن التأثير القصير المدى للذكاء الاصطناعي يعتمد على من يتحكم فيه، فالأثر الطويل المدى يعتمد على ما إذا يمكن التحكم فيه على الإطلاق. علينا أن نسأل أنفسنا ما الذي يمكننا أن نفعله الآن لتحسين فرص حصد الفوائد وتجنب المخاطر»؟. لننتظر ونترقب تجارب الآخرين في مساحة الاعتماد عليه.