جاء في المادة الرابعة والأربعين من النظام الأساسي للحكم للملكة العربية السعودية: • السلطة التنفيذية. وفقاﹰ لهذا النظام وغيره من الأنظمة، و مما جاء في المادة السابعة والستون من النظام نفسه : »تختص السلطة التنظيمية بوضع الأنظمة واللـوائح، فيمـا يحقـق المصلحة، وفقاﹰ لقواعد الشريعة الإسلامية، « . الملاحظ من المادتين السابقتين وعلى الخلاف من معظم الدساتير العربية، أنها لم تسم السلطة التشريعية من جهة، ومن جهـة أخرى ذكرت لوازمها واختصاصها في مادة أخرى. فلماذا هذا الإغفال يا ترى؟ . من أجل الإجابة على هذا التساؤل وغيره الأسئلة الفرعية التي ترتبط به، تأتي هذه المداخلة – حال قبولهـا - للبحـث فـي الأسباب الكامنة وراء ذلك الإغفال أو النتائج المترتبة على عدم تسمية السلطة التشريعية ، للوصول في الأخير إلى الحكـم على هذا التميز، كونه قاعدة هامة كان من المفروض إتباعها من قبل الدساتير الأخرى ، أم أن ذلك استثناء وخـروج علـى القاعدة العامة ، والمعروفة بالضرورة في العمل والفقه الدستوريين. مقدمـة: إن عملية سن الأنظمة ووضع القوانين لهي من أهم السبل التي تستخدمها الدول في تسيير شـؤون المجتمع المختلفة، وهي تنشد في ذلك حمايـة حقـوق الأفراد والجماعة، وتحقيق العدل والمساواة وفصل النزاعات ، وكل ذلك من أجل تلبية حاجـات المجتمـع ودعم عجلة التنمية وتوفير الاستقرار. ومن العلوم أن عملية سن القوانين تكون وفق آليات معينة، خاصة فيما يتعلق بالأسس والمظاهر التي تقوم عليهـا والمراحل التي تمر بها، ففي هذا الإطار وبالرجوع إلى نظام الحكم بالمملكة العربية السعودية كمثال للدراسة ، فقد جاء في المادة الرابعة والأربعين من النظام الأساسي للحكم للملكة العربية السعودية: » تتكون السلطات في الدولة من: • السلطة القضائية. • السلطة التنظيمية. وفقاﹰ لهذا النظام وغيره من الأنظمة، والملك هـو مرجـع هذه السلطات« . و مما جاء في المادة السابعة والستون من النظام نفسه : »تختص السلطة التنظيمية بوضع الأنظمة واللوائح، فيما يحقق المصلحة، أو يرفع المفسدة في شؤون الدولة، وتﹸمارس اختصاصاتها وفقاﹰ لهذا النظام ونظامي مجلس الوزراء ومجلس الشورى. « . الملاحظ من المادتين السابقتين وعلى الخلاف من معظم الدساتير العربية، أنها لم تسم السـلطة التشـريعية من جهة، ومن جهة أخرى ذكرت لوازمها واختصاصها في مادة أخرى. فلماذا هذا الإغفال يا ترى؟ . تأتي هذه الورقة البحثية للإجابة على هذا التساؤل من خلال دراسة العناصر التاليـة التـي تحـدد بنيـان الدراسة وهي: أولا: أقطاب السلطة التنظيمية (التشريعية) في المملكة العربية السعودية : ثانيا: مراحل إصدار التشريع في المملكة العربية السعودية: ثالثا: السلطة التنظيمية (التشريعية) في نظام المملكة العربية السعودية: تفرد وانفراد . حدد كل من النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية وكذا نظامي كـل مـن مجلسـي الشورى ومجلس الوزراء أهم المعالم الرئيسية للسلطة التنظيمية، حيث جعل لهـا الاختصـاص بوضـع الأنظمة واللوائح مع تحديد الهدف الذي تتخذه والمرجعية التي تتقيد بها وتستند إليها. أو يرفع المفسدة في شؤون الدولة، وفقاﹰ لقواعد الشريعة الإسلامية، وتﹸمارس اختصاصاتها وفقاﹰ لهذا النظام ونظامي مجلس الوزراء ومجلس الشورى ". ولذلك فإن السلطة التنظيمية في المملكة تستند إلى جهتين هما مجلس الوزراء وعلى رأسه الملـك ومجلس الشورى، ضف إلى ذلك وجود جهة ذات أهمية بالغة في العمل التنظيمي ، تمثل المرجع فيما قـد يشكل من الحادثات والنوازل والوقائع والمتغيرات، بحيث يستجلى من الرأي الشرعي فيما يعرض عليهـا، وهي هيئة كبار العلماء المؤهلة للإفتاء . وفيما يلي دراسة لأقطاب السلطة التنظيمية بشيء من الإيجاز:. والملك فيه هو رئيس الدولة وحاكمها الأعلى ، ففي هذا الصدد نجد أن المادة 55 من النظام الأساسي للحكـم قـد حـددت الإطار العام لمهام الملك بقولها: » يقوم الملك بسياسة الأمة سياسة شرعية طبقاﹰ لأحكام الإسلام ، ويشرف على تطبيق الشريعة الإسلامية، والأنظمة، والسياسة العامة للدولـة، وحمايـة الـب لاد والدفاع عنها« . - رئاسة السلطات في الدولة ( التنظيمية ، والتنفيذية ، والقضائية. - تنفيذ الأحكام القضائية ، وتعيين القضاة وإنهاء خدماتهم. - رئاسة مجلس الوزراء ، وتعيين نواب رئيس مجلس الوزراء، والوزراء الأعضاء في المجلس وإعفاؤهم - حل مجلس الوزراء واعادة تكوينه. - تعيين من هم في مرتبة الوزراء، ونواب الوزراء والمرتبة الممتازة. - إعلان حالة الطوارئ والتعبئة العامة والحرب. - اتخاذ مايراه من الإجراءات السريعة في مواجهة خطر يهدد أمن المملكة ، أو وحدة أرضيها، أو حمايـة مصالح شعبها ، أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء مهامها ، وللملك أن يعطي تلك الإجـراءات صـفة الديمومة. - استقبال ملوك الدول ورؤسائها. - تعيين ممثلي المملكة لدى الدول ، وقبول اعتماد ممثلي الدول لدى المملكة ، ومنح الأوسمة. - حل مجلس الشورى وإعادة تكوينه. - دعوة مجلس الشورى ومجلس الوزراء إلى اجتماع مشترك. هذا وللملك أيضا صلاحيات واختصاصات أخرى بموجب السلطة التنظيمية وذلك بإصدار أوامر و مراسيم ملكية بما تقرره السلطة التنظيمية ، أو حسمه للخلاف الذي قد يقع بين قرارات مجلـس الـوزراء والشورى ، كما له من الصلاحيات والاختصاصات الشيء الكثير بحكم رئاسته للسلطة التنفيذيـة ، ضـف إلى ذلك ما تقضي به الأنظمة الأخرى من اختصاصات الملك . - الواضح من هذه الاختصاصات أن للملك وبحكم النظام الأساسي للحكم – وعلى غرار الأنظمـةصلاحية التشريع لاسيما في تلك الحالات التي تستدعي اتخاذ الإجراءات السريعة في مواجهـة أي خطـر يهدد المملكة كإعلانه حالة الطوارئ والتعبئة العامة والحرب، أو الاختصاص الاستثنائي (مجال القـانون )، وهـو مـا تتناولـه الدساتير التي أخذت بهما بالتنصيص والتنظيم. ‌ب - مجلس الوزراء: هو هيئة نظامية يترأسها الملك ويتولى هذا الأخير تعيين أعضائه وإعفـاؤهم وذلك بأوامر ملكية، تصدر الأنظمة ، - لكل وزير الحق بأن يقترح مشروع نظام أو لائحة يتعلق بأعمال وزارته . كما يحق لكل عضـو مـن أعضاء مجلس الوزراء أن يقترح ما يرى مصلحة من بحثه في المجلس بعد موافقـة رئـيس مجلـس الوزراء . الملاحظ مما سبق أن النظام الأساسي للحكم قد ساير المبدأ القائل بأن السـلطة التنفيذيـة أعـرف وأقدر على مجابهة وتلبية تطلعات المجتمع بحكم اتصالها المباشر به ، بسن ما تراه مناسبا من تشـريعات تلبي حاجات المجتمع المستمرة، فترك لها الباب واسعا في مسألة التشريع من خـلال المبـادرة بـاقتراح مشاريع تنظيمات تحقق المصلحة وتدرأ المفسدة، بل ذهب أبعد من ذلك حينما قرر صلاحية الـوزير فـي اقتراح ما فيه مصلحة وإن كان خارج اختصاص وزارته. ‌ج - مجلس الشورى. هو هيئة نظامية –دستورية- تمارس مهامها المنوطـة بهـا وفقـا لنظامهـا الأساسي والنظام الأساسي للحكم بالمملكة ملتزما في عمله بكتاب اﷲ عز وجل وسـنة النبـي صلى اﷲ عليه وسلم ، ويقوم في ذلـك على الاعتصام بحبل اﷲ والالتزام بمصادر التشريع الإسلامي ويحرص أعضاؤه علـى خدمـة الصالح العام والحفاظ على وحدة الجماعة وكيان الدولة ومصالح الأمة3. ج-1: تشكيلته: يتكون مجلس الشورى من رئيس ومائة وخمسين عضوا يختارهم الملك من أهـل العلـم والخبرة والاختصاص، على ألا يقل تمثيل المرأة فيه عن 20% من عدد الأعضـاء ، وهـذا يعنـي أن المجلس يعد من المجالس التي يختار أعضاؤها بطريق التعيين المباشر. ومدة العضوية فيه أربع سـنوات هجرية تبدأ من التاريخ المحدد في الأمر الملكي الصادر بتكوينه، ويتم تشكيل المجلس الجديد قبـل انتهـاء مدة سلفه بشهرين على الأقل، وفي حالة انتهاء المدة قبل تكوين المجلس الجديد يستمر المجلس السابق فـي أداء عمله حتى يتم تكوين المجلس الجديد. ج-2: اختصاصاته: يتمتع مجلس الشورى باختصاصات واسعة في التنظيم (التشريع) والرقابـة ومناقشـة السياسات العامة وإبداء الرأي حولها، هذا وقد نصت المادة 15 من نظامه علـى أنـه : " يبـدي مجلـس الشورى الرأي في السياسات العامة للدولة التي تحال إليه من رئيس مجلس الـوزراء، ولـه علـى وجـه الخصوص مايلي: ‌أ - مناقشة الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإبداء الرأي نحوها. ‌ب - دراسة الأنظمة واللوائح والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والامتيازات، واقتراح ما يراه بشأنها. ‌ج – تفسير الأنظمة. واقتراح ما يراه حيالها". كما أعطت المادة 18 من النظام نفسه له صلاحية دراسـة الأنظمـة، والمعاهـدات والاتفاقيـات الدولية، والامتيازات، وتﹸعديلها . أما من ناحية التشريع فقد أقرت له المـادة مـن نظـام المجلـس 23 صلاحية التشريع بقولها :" لمجلس الشورى اقتراح مشروع نظام جديد ، أو اقتراح تعديل نظـام نافـذ، ودراسة ذلك في المجلس، وعلى رئيس مجلس الشورى رفع ما يقرره المجلس للملك" . هذا ويتكون المجلس - في سبيل أداء مهامه من اللجان المتخصصة اللازمة لممارسته اختصاصاته. وله أن يؤلف لجاناﹰ خاصة من أعضائه لبحث أي مسألة مدرجة بجدول أعماله . وهـو مـا معنـاه أن مجلس الشورى يتألف من لجان متخصصة تنعقد بصفة مستمرة ودورية ، ومن لجان خاصة تكون لدارسـة مواضيع معينة وتنتهي تلك اللجان بانتهاء دراسة تلك المواضيع. ويـتم إعـادة تشـكيل لجـان المجلـس المتخصصة في بداية كل سنة من أعمال المجلس، وتتكون كل لجنة من تلك اللجان المتخصصة من عدد من الأعضاء يحدده المجلس على أن لا يقل عن خمسة أعضاء، ويختار المجلس هؤلاء الأعضاء ، يسمي مـن بينهم رئيس اللجنة ، ويتألف مجلس الشـورى من اثنتي عشرة لجنة متخصصة، تتكفل بدراسة المواضيع ذات الصلة ومن هذه اللجان نذكر: - لجنة الشؤون الاسلامية والقضائية وحقوق الإنسان. - لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب. - لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة. - لجنة شؤون الإدارة والموارد البشرية والعرائض. - لجنة الشؤون الثقافية والإعلامية. - لجنة الشؤون الخارجية. - لجنة الشؤون الصحية والبيئة. - لجنة الشؤون المالية. - لجنة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات. الواضح مما سبق أن النظام الأساسي للحكم بالمملكة قد أعطى لمجلس الشورى – وهـو المجلـس المعين- صلاحيات تكاد تكون متطابقة مع تلك التي تمنح للمجالس المنتخبة، سواء فيما يتعلـق بصـلاحية التشريع في حدود اختصاصاته المرسومة، ومناقشـة تقـارير الوزراء واقتراح ما يراه مناسبا بشأنها. ثانيا: مراحل إصدار التشريع في المملكة العربية السعودية: يمر النظام قبل صدوره في المملكة بأربع مراحل، تبدأ بمرحلة الاقتراح مرورا بمرحلة المناقشـة والإقرار، ثم مرحلة التصديق والإصدار، ففي المرحلتين الأولى والثانية يكون النظام عبارة عن مشروع، يمكن أن يجري عليه التعديل بالحذف أو الإضافة، وفي المرحلة الثالثة يتحول من كونه مشروع نظام إلى نظام لا يجوز أن يجري عليه التعديل إلا بنفس الإجراءات التي مر بها عند إعداده، ثم في المرحلة الأخيرة وبعد نشر النظام في الجريدة الرسمية يبدأ سريان تطبيق النظام1. أ - مرحلة الاقتراح: يقصد بالاقتراح – في الفقه الدستوري- التقدم بمشـروعات الأنظمـة ال تـي يرغب في سنها ، ويتم في هذه المرحلة بحث ودراسة موضوع الاقتراح وإعـداده فـي شـكل قواعد ومواد نظامية، إيذانا بميلاد نظام قانوني جديد، ويتم عملية الاقتراح في المملكة العربيـة السعودية إما عن طريق مجلس الوزراء أو عن طريق مجلس الشورى2. أ-1: الاقتراح عن طريق مجلس الوزراء: تعطي المادة 22 من نظام مجلس الوزراء3 الحق لكـل وزيـر في اقتراح مشروع نظام أو لائحة تتعلق بأعمال وزارته، وينسحب الأمر نفسه – بالرغم من سكوت النص - إلى الاقتراح في تعديل الأنظمة واللوائح حيث لا يعرض المشروع مباشرة علـى مجلـس الـوزراء، وإنما يأخذ طريقه مبدئيا إلى رئيس مجلس الوزراء الذي يحيله بدوره إلى اللجنة العامة لمجلس الوزراء4، حيث تقوم هذه الأخيرة بدراسة مشروع لنظام ثم تحيله بدورها – بعد دراسته- إلى هيئة الخبـراء 5 مـن أجل دراسته ، ثم تعيده بدورها مشفوعا بالتعديلات المقترحة ، ليعاد دراسته مرة أخرى في اللجنة العامـة بحضور الوزير المختص إذا لم يكن عضوا في اللجنة العامة، وبعد انتهاء هذه الأخيرة من دراسة مشروع النظام يتم إحالته إلى مجلس الشورى لمناقشته وإقراره . أ-2: الإقتراح عن طريق مجلس الشورى6: جاء في المادة 23 من نظام مجلس الشورى أن :" لمجلـس الشورى اقتراح مشروع نظام جديد ، أو اقتراح تعديل نظام نافذ ، ودراسة ذلك في المجلس ، وعلى رئيس مجلس الشورى رفع ما يقرره المجلس للملك". 1 - صالح بن سعد السعدان، المرجع السابق، ص 44. 2 - لا تقتصر عملية الاقتراح على هذه الهيئات إذ أن لمؤسسات المجتمع المدني تشارك في عملية اقتراح مشاريع الأنظمة الجديدة واقتراح تعـديل الأنظمة النافذة ، وذلك بإ حالة المقترح إلى الوزارة التي يقع موضوع الاقتراح ضمن اختصاصها. ومن تلك المؤسسات الغرف التجارية الصـناعية ممثلة في مجلس الغرف التجارية الصناعية ولجانه وجمعية حقوق الإنسان وغيرها. كما أن حق اقتراح الأنظمة أو تعديلها لا يقتصر على أعضـاء مجلس الوزراء، وإنما هو حق لكل من يرأس هيئة أو مؤسسة عامة، أو مصلحة، أو جهاز حكومي مستقل، إذا كان في حدود مسؤولياته، وذلك إذا ما رأى مجلس الوزراء تبني ذلك الاقتراح. راجع صالح بن سعد السعدان، المرجع السابق، 4 - تتكون اللجنة العامة لمجلس الوزراء من- ثلاثة عشر عضوا بما فيهم رئيس اللجنة ، وجميع أعضائها هم أعضاء في مجلس الوزراء ويعينون بأمر من رئيس المجلس. 5 - تعد هيئة الخبراء هيئة استشارية متخصصة لرئاسة مجلس الوزراء ، والمجلس و لجانه ، ومن اختصاصات الهيئة ما يلي: - بحث ودراسة المعاملات الواردة إليها من رئيس مجلس الوزراء ، - مراجعة مشاريع الأنظمة واللوائح المقدمة من الوزارات والأجهزة الحكومية- . - إعادة مراجعة الأنظمة السارية واقتراح تعديلها- . - اقتراح الصياغة المناسبة لقرارات مجلس الوزراء التي تتضمن قواعد عامة. 6 للتفصيل في الموضوع راجع صالح بن سعد السعدان، المرجع السابق، ص 47 وما بعدها. أعطى لمجلس الشورى حيزا هاما في ميدان العمل التشريعي حيث يكون له حق المبادرة بقرار منـه إلـىاقتراح مشروع نظام جديد أو تعديل نظام نافذ، ويجوز لكل عضو أو أكثر من أعضاء المجلس أو لأي من لجانه اقتراح مشروع نظام جديد أو تعديل نظام قائم على أن يرفق بالاقتراح مذكرة إيضاحية يبـين فيهـا دواعي تقديم الاقتراح وأهدافه والمبادئ الأساسية التي يقوم عليها الاقتراح. ثم يرفع الاقتراح - إذا لم يكن مقدما من إحدى لجان المجلس- إلى رئيس المجلـس ليحيلـه إلـى اللجنة المختصة لدراسته، فإذا رأت اللجنة تأييد المقترح ، تقدم رأيها إلى رئيس المجلس لأحالته إلى الهيئة العامة1 تمهيدا لإدراجه في جدول أعمال المجلس ومناقشته من حيث الملائمة من عدد محدود من الأعضاء ومن ثم التصويت عليه، فإن حاز على تصويت الأغلبية يعاد إلى اللجنة لدراسته لينتقل بذلك إلـى مرحلـة المناقشة والإقرار وإن كان العكس اعتبر الموضوع منتهيا إذا وافق مقترح المشروع ، أما إن لـم يوافـق مقترحه يرفع الموضوع إلى رئيس المجلس لأحالته إلى الهيئة العامة لإدراجه في جدول الأعمال للمجلـس لمناقشته من عدد محدود من الأعضاء والتصويت عليه، فيتم البدء بوجهة نظر اللجنة، فـإن تـم قبولهـا بالأغلبية اعتبر الموضوع منتهيا ، وإلا جرى التصويت على وجهة نظر مقدم المقترح، فإن حاز الأغلبيـة يحال المشروع إلى لجنة خاصة يعينها المجلس. هذا ومن المفيد الإشارة في هذا المقام إلى أن حق اقتراح الأنظمة يمتد أيضا إلى كل فرد من أفراد المجتمع ، إذ يمكن لكل فرد تقديم عريضة إلى المجلس تتضمن مقترحا لمشروع نظام جديد أو تعديل نظام قائم، وتتم إحالة تلك العرائض إلى لجنة الإدارة والموارد البشرية والعرائض التي تختص بدراستها ومن ثم رفعها إلى المجلس إذا رأت فيها مقترحات هامة وجادة وتصب في مصب تلبية حاجات المجتمع وتطويره ، أين يتولى رئيس لمجلس إحالتها إلى اللجان المختصة ، وإن دل هذا على شيء فإنما يـدل علـى انفتـاح المجلس على المجتمع واستفادته من جميع فئاته وشرائحه2. وعليه وبغض النظر عن طريق الاقتراح أو مقترحه، إن وافق المجلس على اقتراح مشروع نظـام جديد وتمت مناقشته وإقراره فإن رئيس المجلس يقوم برفعه إلى الملك وفق ما تقضي به المادة 23 السالف ذكرها. ومساعده، ويحضر أمين عام المجلس اجتماعات الهيئة العامة. ويدخل في اختصاصات الهيئة العامة ما يلي: بما يمكنه من إنجاز أعماله وتحقيق أهدافه. - الفصل فيما يحيله إليها رئيس المجلس ، ويكون قرارها في ذلك نهائيا. وذلك بما لا يتعارض مع نظام المجلس ولوائحه المرجع السابق، يتولى مجلس الشورى دراسة وإقرار مشـاريع الأنظمـة واللـوائح ودراستها وتعديلها ، ويتم إحالة المشروع إلى اللجنة المختصة سواء كان المقترح من المجلـس أو مـن مجلس الوزراء، وبعد دراسة للجنة المشروع تقوم بدعوة المندوبين في القطاعين العام أو الخـاص الـذين تراهما اللجنة ذا صلة بالمشروع وذلك من أجل مناقشتهم وأخذ آرائهما والاستفادة من تجربتهم ورأيهـم، وبعد انتهاء اللجنة من دراسة المشـروع تـتم إحالته إلى الهيئة العامة لإدراجه في جدول أعمال المجلس. أين يتم طرح المشروع على المجلس في الجلسة المخصصة لمناقشته مادة مادة، ليتم رفع قرار المجلس بشان المشروع إلى الملك ليقرر ما يحيل منها إلى مجلس الـوزراء وفق ما تقضي به المادة 17/فقرة 1 من نظام مجلس الشورى. ب-2: المناقشة في مجلس الوزراء: بعد دراسة وإقرار مشروع النظام من قبل مجلس الشورى ، - إذا تباينت وجهات نظر المجلسين يعاد الموضوع إلى مجلس الشورى ليبدي مـا يـ راه بشـأنه ويرفعه إلى الملك لاتخاذ ما يراه". وفي جميع الحالات يرفع الأمـر إلى الملك لاتخاذ ما يراه مناسبا ويكون رأيه حاسما للخلاف بين المجلسين. ج - مرحلة الإصدار: بعد المصادقة على مشاريع الأنظمة واللوائح واعتماد صـيغتها النهائيـة يـتم إصدارها بأداة قانونية معينة تمهيدا لنشرها وسريان تطبيقها، وتختلف الأداة القانونية التي تصدر بها الأنظمة واللوائح في المملكة، من أنظمة أساسية تصدر بأوامر ملكية وأنظمة عادية تصـدر بمراسيم ملكية ، وأخيرا لوائح تنظيمية تصدر بقرارات من مجلس الوزراء بعد عرضها علـىمجلس الشورى، وفيما يلي عرض موجز لذلك: ج-1: الأنظمة الأساسية: تصدر الأنظمة الأساسية في المملكة بأوامر ملكية، والأمر الملكـي هـو قـرار مكتوب يصدر في شكل قانوني معين لم يسبق عرضه على مجلس الشورى أو مجلس الـوزراء، ويحمـل توقيع الملك وحده، فهو و الحالة هذه تعبير عن الإرادة المنفردة للملك يصدر مباشرة منـه . ومـن المفيـد التذكير بأن الأنظمة الأساسية في المملكة هي النظام الأساسي للحكم، ونظام هيئة البيعة ، ونظـام مجلـس الشورى ، ونظام مجلس الوزراء ونظام المناطق. ج-2: الأنظمة العادية: الأنظمة العادية هي كل نظام عدا الأنظمة الأساسية واللوائح، يتم إصـدارها فـي المملكة بمراسيم ملكية بعد دراستها من قبل مجلسي الشورى والوزراء، ويعرف المرسوم الملكي بأنه قرار مكتوب يصدر في شكل معين يحمل توقيع الملك وحده بعد عرض الموضوع محل الإصدار وإقراره مـن مجلسي الشورى والوزراء ، يتناول بالتنظيم المجالات التالية: 1. الأحكام المتعلقة بالعلم ونشيد الدولة وأوسمتها. 2. ملكية الثروات الطبيعية، ووسائل استغلالها، وحمايتها وتنميتها. 3. منح امتياز أو استثمار مورد من موارد البلاد العامة. 4. فرض الضرائب والرسوم أو تعديلها أو إلغاؤها أو الإعفاء منها. 5. أحكام الخدمة العسكرية. 6. أحكام الجنسية العربية السعودية. 7. تقييد تصرفات المواطنين والمقيمين أو حبسهم أو توقي هم. 8. حملات دخول المساكن دون إذن من صاحبها أو تفتيشها. 9. العقوبات التعزيرية. 10. 11. الرقابة على وسائل الاتصال ومصادرتها. 12. قواعد وإجراءات تسليم المجرمين. 13. ترتيب هيئة كبار العلماء واختصاصاتها. 14. إجراءات التقاضي . 15. تكوين المجلس الأعلى للقضاء واختصاصاته، وترتيب المحاكم واختصاصاتها، وأحكام تعيين القضاة وإعفائهم. ترتيب ديوان المظالم واختصاصاته . 17. ترتيب هيئة التحقيق والإدعاء العام . 18. أحكام تعيين وإعفاء من هم في مرتبة وزير أو المرتبة الممتازة . 19. أحكام الخدمة المدنية . 20. إعلان حالة الطوارئ، والتعبئة العامة والحرب . أحكام بيع أموال الدولة، أو إيجارها، أو التصرف فيها . 23. 24. 25. و قد تصدر اللوائح التنظيمية بناء على نص في نظام ما يلزم بإصـدارها لتنظيم مسائل ذات صلة بموضوعه ، وقد تحمل تسميات مختلفة إلا أنها تأخذ نفس القوة القانونيـة ونفـس الحكم، يتم دراستها وإعدادها في الوزارة أو الجهاز الحكومي الذي تدخل في اختصاصه، بمعنى أنها لا تمر على مرحلتي الاقتراح والمناقشة على غرار اللوائح التنفيذية. ما لم ينص على تاريخ آخر". والجريدة الرسمية بالمملكة العربية السعودية هي جريدة أم القرى ، فهي الجريدة التي تعنى بنشر ما يصدر من الدولة من قرارات وأنظمة . ثالثا: السلطة التنظيمية (التشريعية) في نظام المملكة العربية السعودية: تفرد وانفراد . إن الشيء الذي يمكن الخروج منه انطلاقا من دراسة العناصر السـابقة، أن السـلطة التشـريعية تتميـز بخصائص معينة جعلتها في وضع متفرد منفرد عن غيرها من الهيئات التشريعية الأخرى المكرسـة فـي الدساتير العربية الأخرى، ولاشك أن مظاهر هذا التفرد يتجلى في العناصر التالية: أ - التفرد في التسمية: على خلاف معظم الدساتير العربية - إن لن نقل كلها – التي تسـمي السـلطة المختصة بسن القوانين بالسلطة التشريعية ، نجد أن النظام الأساسـي للحكـم بالمملكـ ة العربيـة السعودية قد أطلق عليها مصطلح السلطة التنظيمية ، ويرجع ذلك في اعتقادي إلى احد سببين: o السبب الأول: الملاحظ من قراءة الأنظمة الأساسية في المملكة أن واضعها يستخدم مصـطلح نظـام بدل قانون وإن كان المصطلحان متقاربين جدا ، وليس في استخدام كلمة قانون أي محظور شرعي ، لكن في بداية التنظيم في المملكة استخدمت كلمة نظام بدلا من كلمة قانون وسبب ذلـك أن القـوانين الوضعية الأجنبية هي التي استبعدت الشريعة الإسلامية من التطبيق في البلاد الإسـلامية – لأسـباب عديدة- أو حصرتها في نطاق ضيق . فهل يمكن القول نتيجة لذلك أن هذا هو السـبب وراء عـدم تسمية السلطة التشريعية بهذا الإسلام ، وأن في ذلك حظر في تسميتها بتلك التسمية؟ في الوقت الـذيشاع في جل الدول الإسلامية إطلاق مصطلح تشريع على العملية التنظيمية؟. ففي هذا الشأن يرى البعض أن للتشريع معنيين: المعنى الأول: يراد به التشريع للابتداء والإنشاء، فهذا المعنى لا يجوز إطلاقه على أي كائن بشري سواء كان سلطة أو فردا ، لأن التشريع ابتداء ﷲ وحده وقد انقطع بانقطاع الوحي وهي الشريعة التي أنزلهـا اﷲ سبحانه وتعالى، قال عز وجل: "ثﹸم جعلﹾنﹶاك علﹶى شﹶرﹺيعة من الأَمرﹺ فﹶاتَّ بﹺعهـا ولا تﹶتَّ بﹺـع أَهـواء اَّ لـذين لا يعلﹶمون ، "فتشريع الأحكام التي يسير عليها العباد في عباداتهم ومعاملاتهم وسائر شؤونهم والتي تفصل النزاع بينهم وتنهي الخصومات حق ﷲ تبارك وتعالى ، قال سبحانه وتعالى﴿ أَلاﹶ لﹶه الﹾخﹶلﹾقﹸ والأَمر تﹶب ـار ك الَّ له رب الﹾعالﹶمين﴾ ، فهو الذي يعلم ما يصلح لعباده فيشرعه لهم، فبحكم ربوبيته لهم يشرع لهم، وبحكـم عبوديتهم له يقبلون أحكامه والمصلحة في ذلك عائدة لهم ، قال تعالى: ﴿ يا أَيها الذين آمنﹸواﹾ أَطيعـواﹾ اللـه وَأَطيعواﹾ الر سولَ وأُولِي الأَمرﹺ منكﹸم فﹶإِن تﹶنﹶازعتﹸم في شﹶيء فﹶردوه إِِلﹶى الَّ له والرسولِ إِِن كﹸنتﹸم تﹸؤْمنﹸون بﹺالل ـه و الﹾيومﹺ الآخرﹺ ذﹶلِك خﹶير وأَ َح سن تﹶأْْوﹺيلاﹰ﴾ ، وقال تعالى﴿ وما اخﹾتﹶلﹶفﹾتﹸم فيه من شﹶيء فﹶحكﹾمه إِِلﹶى الَّ له ذﹶلِِكﹸم الله ربي علﹶيه تﹶوكَّ لﹾتﹸ وِإِلﹶيه أُنيب ﴾ ، واستنكر سبحانه أن يتخذ العباد مشرعا غيره فقال: ﴿ أََم لﹶهـم شﹸـركﹶاء شﹶر عوا لﹶهم من الدينﹺ ما لﹶم يأْْذﹶن بﹺه الَّ له ولﹶولا كﹶلمةﹸ  الﹾفﹶصلِ لﹶقﹸضي بينﹶهم وإِِن الظَّ اِلِِمين لﹶهم عذﹶاب أَلِِـيم ﴾ . فمن قبل تشريعا غير تشريع اﷲ فقد أشرك باﷲ تعالى، وما لم يشرعه اﷲ ورسوله من العبادات فهو بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، قال صلى اﷲ عليه وسلم »من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد« ، وما لم يشـرعه اﷲ ولا رسوله في السياسة والحكم بين الناس فهو حكم الطاغوت وحكم الجاهلية قـال تعـالى﴿ أ َفﹶحكﹾـم الﹾجاهلية يبغﹸون ومن أَ َحسن من الله ح كﹾما لقﹶومﹴ يوقنﹸون﴾ ، وكذلك التحليل والتحريم حق ﷲ تعالى لا يجوز لأحد أن يشاركه فيه، قال تعالى﴿ ولاﹶ تﹶأْْكﹸلﹸواﹾ مما لﹶم يذﹾكﹶرﹺ اسم الَّ له علﹶيه وإِِنَّ ه لﹶفسقﹲ وإِِن الشَّ ياطين لﹶي وحون إِِلﹶى أَولِِيآئِِهﹺم لِِي جادلﹸوكﹸم وِإِن أََطﹶعتﹸموهم إِنَّ كﹸم لﹶمشﹾرﹺكﹸون ﴾ . لاَّ إِِلﹶه إِِلاَّ هو سبحانﹶه عما يشﹾرﹺكﹸون﴾ وعند الترمذي وغيره أن النبي صلى اﷲ عليه وسلم تلا هـذه الآيـة على عدي بن حاتم الطائي رضي اﷲ عنه فقال ": يا رسول اﷲ لسنا نعبدهم. قال: أليس يحلون لكم ما حرماﷲ فتحلونه ويحرمون ما أحل اﷲ فتحرمونه. قال : بلى. فصارت طاعتهم في التحليل والتحريم من دون اﷲ عبادة لهم وشركا وهو شرك أكبر ينافي التوحيد الـذي هو مدلول شهادة أن لا إله إل اﷲ، فإن مدلولها أن التحليل والتحريم حق له تعالى ، وإذا كان هـذا فـيمن أطاع العلماء والعباد في التحليل والتحريم الذي يخالف شرع اﷲ مع أنهم أقرب إلى العلم والدين، وقد يكون خطؤهم عن اجتهاد لم يصيبوا فيه الحق وهم مأجورون عليه فكيف بمن يطيع أحكام القوانين الوضعية التي هي من صنع الكفار والملحدين يجلبها إلى بلاد المسلمين ويحكم بها بينهم، فلا حول ولا قوة إلا بـاﷲ . إن هذا قد اتخذ الكفار أربابا من دون اﷲ يشرعون له الأحكام ويبيحون له الحرام ويحكمون بين الأنام  . إن البعد العقائدي حاضر تماما في اختيار المصطلحات والأفكار أثناء وضـع النظـام الأساسـي للحكم، وهي منتقاة بدقة وعناية كبيرة من أجل ألا تخالف في ذلك نصوص الشرع الحنيـف التـي تعت بـر المرجع الأساسي في عملية التشريع وغيرها، وحتى يكون كلامنا هذا مبنيا على أدلة ملموسة، أورد بعض المواد من النظام الأساسي للحكم وغير النظام الأساسي للحكم تشهد بصحة هذا الرأي: المادة الأولى: المملكة العربية السعودية، دولة إسلامية، دينها الإسلام، ولغتها هي اللغة العربية، وعاصمتها مدينة الرياض . المادة السادسة: يبايع المواطنون الملك على كتاب اﷲ تعالى، وسنة رسوله، وعلى السمع والطاعـة فـي العسر واليسر والمنشط والمكره. المادة السابعة: يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب اﷲ تعالى، وسنة رسوله. وهمـا الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة .