العام الجامعي: 2024/2025 3. مفهوم الاستشهاد. تمهيد: الاستقراء والاستنباط شكلان من أشكال الاستنتاج في البحث العلمي يستعين بهما الباحث المختص للوصول إلى نتائج علمية تقترب نوعا ما إلى اليقين إذا احترم الباحث فيهما قواعد المنهج العلمي، وقد تكون هذه النتيجة المتوصل إليها تعتمد في صحتها وقبولها على صحة لدليل وقوته؛ أولا الاستدلال: الاستدلال كلمة مشتقة من الفعل دل بمعنى أرشد وطلب الدليل ففي قولنا دلَّ الشَّخصَ إلى الشيء، دلَّ الشَّخصَ على الشَّيء: أرشده وهداه إليه، وعرفة الكفوي بقوله: «الاستدلال: لغة: طلب الدَّلِيل وَيُطلق في العرف على إقامة الدليل مطلقًا من نص أو إِجْمَاعِ أو غيرهما، وهذا السير يكون بواسطة القول أو الحساب»، وتشير عدة موسوعات علمية ومراجع إلى أن الاستدلال يستخدم للدلالة على معان مختلفة من بينها: الإقناع مقابل الإيمان الفطري. القدرة على الاستنباط أو الاستقراء في المنطق والفلسفة توليد معرفة جديدة باستخدام قواعد واستراتيجيات معينة في التنظيم المنطقي إلى أشياء أخرى ناتجة عنها بالضرورة، وتكون جديدة بالنسبة للقضايا الأصلية. وبالتالي فالاستدلال طلب الدليل للوصول إلى حقيقة ما، ومناقشته قصد التعبير عن موقف معين أو خبرة وفق طريقة منظمة بحيث تؤدي إلى استنتاج منطقي، فالاستدلال إذن عبارة عن عملية سلوكية منهجية لتحصيل الحقيقة العلمية عن طريق طلب الدليل لبناء القاعدة أو النظرية أو القانون، أو فساده وفقا لأدلة نحوية توجد في تعاريف المفهوم النحوي، والأدلة التي تقوم عليها ، وكيفية الاستدلال بها، وحال المستدل» ؛ وإذا تفحصنا معنى الكيفية فهي الطريقة المعتمدة في التعامل مع الأدلة النحوية حيث يقول السيوطي : « وقولي : وكيفية الاستدلال بها؛ وأخف الأقبحين على أشدهما قبحا إلى غير ذلك ، ولعل هذا ما أدى بأحد 2 الباحثين إلى وصف علم أصول النحو بأنّه منهج الاستدلال النحوي، يقول محمد عبد العزيز عبد الدايم : « أصول النحو منهج الاستدلال النحوي». ثانيا: أنواع الاستدلال: وهذا هو الغالب في الأبحاث العلمية الحديثة؛ وعلى هذا فالاستدلال نوعان: أ الاستدلال الاستقرائي: إذا كان الاستقراء هو تتبع الجزئيات من أجل الوصول إلى نتيجة ، وتتضمن إما القيام بإجراءات مناسبة لفحص الفرضية من أجل نفيها أو إثباتها وإما التوصل إلى نتيجة أو تعميم بالاستناد إلى الملاحظة أو المعطيات المتوافرة ، ولا شك أن استقراءهم كان تاما، يتأسس الاستنباط على استخلاص حالات خاصة من حالة عامة مسلّم بها، والتفكير الاستنباطي يظهر في قدرة الفرد على تطبيق القواعد العامة على حالات فردية لاختبار مدى وقوع هذه الحالات الخاصة ضمن الحالة العامة، فمهارة الاستدلال الاستنباطي يمكن التوصل إليها من خلال ملاحظة بعض الأجزاء من الكل وربطها بصورة منطقية للتوصل إلى الحقائق العامة سواء أكان ذلك باستخدام المعلومات العامة أو القوانين أو النظريات. عليه. إن كلمة الاستشهاد من فعل شهد يشهد شهادة أي خبر قاطع ، والشهادة خبر قاطع، المعاينة وأشهدته على كذا فشهد عليه أي صار شاهدا عليه والشاهد؛ فالمعنى اللغوي العام للاستشهاد هو طلب ويقول أبو هلال العسكري في مفهوم الاستشهاد «الشاهد نقيض الغائب في المعنى، أو هو ما يذكر لإثبات قاعدة كلية، وعليه فالمقصود بالشاهد في البحث العلمي فهو طلب الدليل الذي يبين صحة النتيجة التي وصل إليها الباحث، أو هو طلب الشاهد على صحة القاعدة التي تم بناؤها. لأن الاثنين معا يرتكزان على إقامة الدليل ، ولكن هناك فرق بينهما، فالاستدلال هو طلب الدليل لإقامة القاعدة كما رأينا، أما الاستشهاد فهو طلب الدليل على صحة هذه القاعدة؛ أي أن الاستدلال يكون قبل وضع القاعدة وهو أساس قيامها ، بينما يكون الاستشهاد بعد وضعها كدليل على صحتها؛ وإذا كان دليل الاستدلال قد يكون من الواقع الخارجي أو من إنتاج العقل المحض، فإن دليل الاستشهاد لا يكون إلا من الواقع الخارجي أي أنه دليل مادي يخضع للملاحظة والتجريب وهو لا يمثل إلا جزءا أو عيّنة صغيرة جدًا مما تم استقراؤه لبناء القاعدة. وعند علماء العربية نجد حضورا قويا للشاهد في إثبات صحة قاعدة نحوية أو نفيها من المادة المحتج بها ؛ يقول علي أبو المكارم الاستشهاد ذكر الأدلة النصية المؤكدة للقواعد النحوية ، و يرى محمد عيد أن الاستشهاد هو « الإخبار بما هو قاطع في الدلالة على القاعدة من شعر ونثر ، فالشاهد في المصطلح النحوي ما يسوقه النحاة من أدلة لغوية يستنبطونها من لغة العرب الفصحاء شعرا ، كانت أو نثرا لتكون شاهدا على قواعدهم النحوية». كما وضح عبد الرحمن الحاج صالح الفرق بين الاستدلال والاستشهاد في الدراسات النحوية عندما ردّ على أولئك الذين ينتقدون قواعد النحو على أساس أنها قامت على استقراء ناقص تَمَثَّلَ في تلك الشواهد التي ذكرها علماؤنا في كتب النحو ، فقد يستشهد اللغوي على وجود مفردة بمدلول معين بآية قرآنية أو بيت شعر أو كليهما، وما ذهبوا إليه من الأقوال ؛ بل لأنهم بنوا عليها هي نفسها قواعدهم ، وهي تقريبا الشروط نفسها التي يخضع إليها الاستشهاد. الإجابة النموذجية: والشاهد هنا هو دليل أيضا؛ بينما الدليل الثاني وهو الشاهد أي أنّ الدليل الأول هو الذي ننطلق منه