للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة المكتبة الشاملة البشير الإبراهيمي] الرئيسية أقسام الكتب الجوامع فصول الكتاب 1   ص:   >  >>  + - التشكيل الإنسانية: آلامها واستغاثتها* ولا تفرق بين مؤمن منهم وكافر، تلك الأم المعذبة بالويلات والمحن، من ويلات الحروب التي أتلفت الملايين إلى ويلات الأمراض والطواعين إلى ويلات الزلازل والبراكين.  الإنسانية التي لو تمثلت بشرا لتمثلت بقول الشاعر العربي: فَلَوْ كَانَ رُمْحًا وَاحِدًا لَاتَّقَيْتُهُ . ما كفاها من مصائب الدهر أن يكون في أبنائها قوي يستعبد ضعيفا، ما كفاها أن تنقلب الحقائق على أبنائها المارقين العاقين فيركبون مطايا الخير للشر، ويتوسلون بالدين لجمع الدنيا، ما كفتها هذه المصائب المجتاحة، حتى ظاهرتها الطبيعة الجبارة على هذه الإنسانية المسكينة. يا لله أما كفتها مصائب الأرض حتى تظاهرها مصائب السماء؟ ألا فليرحم الإنسانية من في قلبه رحمة، ألا وان الإنسانية تستغيث فهل من مغيث، وتستنجد فهل من منجد؟ استغاثت الإنسانية قديما بأبنائها الصادقين، استغاثت من المفسدين لنظام الفطرة، واستغاثت من عباد المادة الحائدين عن الجادة، فأغاثها أنصار الروح، والقائلون بخلود الروح. فأغاثها الحكماء الربانيون والفلاسفة الإشراقيون، واستغاثت من فأغاثها دعاة الديموقراطية وأنصار المساواة والإنصاف فما كاد المتنبي واضع شريعة التمايز بين السادة والعبيد يجف ثراه، حتى قيض الله له فيلسوف المعرة ناسخا لتلك الشريعة الجائرة، ومبشرا بشريعة الأخوة السمحة. الذين يستغلون جهل الجهلاء، ويمتصون دماء البسطاء البائعين للشفاعة، العابدين للوهم، وشهرة الأنساب. الوارثين لما لا يورث من التسلط على العباد.