المؤلفة قلوبهم أو نصرهم على عدو لهم (1) وهم صنفان : كفار ومسلمون . ومؤلفة الكفار ضربان أحدهما : من يرجى اسلامه فيعطى لتقوى نيته في الاسلام وتميل نفسه إليه فيسلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة أعطى الأمان الصفوان بن أمية، قال صفوان. والضرب الثاني : من يخشى شره فيرجى بعطيته كف شره وكف شر غيره معه، وإن منعهم ذموا وعابوا (٤) فهذان الضربان يعطون ليتألفوا على الاسلام، وهذا نوع من الجهاد، لأنه كما يكون بالسنان يكون بالإحسان. فأما المؤلفة من المسلمين فأربعة أقسام : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - أعنى للأنصار فإني أعطى رجالا حديثى عهد بكفر أتألفهم الحديث. وكانوا أشرافا، فأعطى أبا سفيان بن حرب مائة بعير، واعطى سهيل بن عمرو مائة بعير . (۲) الرابع : قوم يليهم قوم عليهم زكوات ويمنعونها فإن اعطوا هؤلاء قاتلوهم وقهروهم على أخذها منهم وحملوها إلى الامام، وإن لم يعطوا لم يأخذوا منهم الزكوات واحتاج الامام إلى مؤنه ثقيلة لتجهيز من يأخذها منهم (٢). وكل هذه الانواع تدخل تحت عموم لفظ «المؤلفة قلوبهم» فإن هذا - كما ذكره الامام القرطبي (۲) ضرب من الجهاد. فالمشركون ثلاثة أصناف: صنف يرجع عن كفره بإقامة البرهان وصنف بالقهر والسنان وصنف بالعطاء والاحسان، حكم سهم المؤلفة قلوبهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إختلف فقهاء المذاهب إلى حكم سهم المؤلفة قلوبهم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم هل سقط أم باق يعمل به ؟ . ذهب الحنفية ومالك والشافعي وأصحاب الرأى إلى انقطاع سهم المؤلفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد أعز الله تعالى الاسلام وأغناه أن يتألف عليه رجال، قال الامام الشافعى (۱) : والمؤلفة قلوبهم من دخل في الاسلام ولا يعطى من الصدقة مشرك يتألف على الاسلام فإن قال قائل أعطى النبي صلى الله عليه وسلم عام حنين بعض المشركين من المؤلفة فتلك العطايا من الفيء ومن مال النبى صلى الله عليه وسلم خاصة لامن مال الصدقة ومباح له أن يعطى من ماله وقد خول الله تعالى المسلمين أموال المشركين لا المشركين أموالهم وجعل صدقات المسلمين مردودة فيهم كما سمى لا على من خالف دينهم. أو تمكينا له في صدره، فإن هذا - كما ذكره الامام القرطبي (۲) ضرب من الجهاد. والامام الناظر للمسلمين يستعمل مع كل صنف ما يراه سببا لنجاته وتخليصه من الكفر . حكم سهم المؤلفة قلوبهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يعطى مشرك تألفا بحال. وخافهم الامام احمد وذهب إلى أنه باق لم يلحقه نسخ ولا تبديل ولا يعطون من الزكاة، لأن الزكاه لاحق فيها للكفار عنده. لأن المعنى الذي اعطوا به قد يوجد بعد النبي صلى الله عليه وسلم وإذا قلنا يعطون فمن أين ؟ وقيل من سهم المصالح من الفيء وغيره، لأن الصرف إليهم من مصلحة المسلمين. ولم يزل ولا يجوز ترك كتاب الله وسنة رسوله الابنسخ والنسخ لا يثبت بالاحتمال، أو بقول صحابي أو غيره ؟ الرأى الراجح في هذا الموضوع : والواقع ان عمر رضى الله تعالى عنه وارضاه انما حرم قوما من الزكاة كانوا يتألفون في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ورأى أنه لم يعد هناك حاجة لتأليفهم، وقد أعز الله الاسلام وأغنى عنهم، ولم يجاوز الفاروق الصواب فيما صنع فإن التأليف ليس وضعا ثابتا دائما . ولاكل من كان مؤلفا في عصر يظل مؤلفا في غيره من العصور، أمر يرجع إلى أولى الأمر وتقديرهم لما فيه خير الاسلام ومصلحة المسلمين . وإن لم توجد لم يعطوا (۱). أين يصرف سهم المؤلفة في عصرنا ؟ وهو استمالة القلوب إلى الإسلام أو تثبيتها عليه، أو كسب أنصار له.