لا يعني البتة كما جادلنا في دراستنا هذه ، في مخازن الفكر وميادين السجال الأكاديمي والثقافي الأمريكية ، بل إنما بعكس هذا وفوق ذال ساهمت في رسم وصياغة التوجهات السياسة والاستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية وتسويقها من خلال خطاب فلسفي مبهر ومتماسك ( كم يبدو لأول وهلة ) ، ألا يضطر فوكوياما الذي يبدو أنه يدرك تماماً مفاعيل نظريتع في داخل بلاده كما في خارجها إلى نعي نظريته ، والحال أنه لا يزال يصر حتى لحظه تدوين هذه السطور على مصداقية وثبات معظم أفكاره ومجمل أطروحاته ، راقداً إياها بأفكار وتحليلات جديدة تثريها ولا تنفيها ، وبغض النظر عن تقومينا لأفكار فوكوياما ، فأن نلاحظ منذ عام ١٩٨٩ أن عالمية الديمقراطية الليبرالية تصبح إمكانية تستحق البحث هو في حد ذاته أداء جيد ، يركزون ملكات تحليلهم على موضوعة الشيوعية ، في حين كان لفوكوياما مزية المضاربة على المستقبل ، أو لنقل ماحاولت القيام برصده في البعد الوظيفي لنظرية نهاية التاريخ وموقعها المهم في الأيديوستراتيجيا الكونية للولايات المتحدة الأمريكية في عالم ما بعد الحرب الباردة وانهيار أسطورة البديل الشيوعي للديمقراطية الليبرالية ، نموذجها الأسمى والأكثر جاذبية على مستوى العالم كله . والملاحظ أن فوكوياما لا يخفي هذا الأمر ، والحاصل أن طرحه لنظريتة نهاية التاريخ ( التي فتحت الباب على مصراعيه لظهور نظريات أخرى ، أبرزها على الإطلاق نظرية صدام الحضارات لصاميول هنتنجتون ، وهو البحث المنطوي على مفارقة تاريخية وعلى التوق إلى الماضي ، عن استراتيجية أمريكية كبرى . وبما أن إحدى فضائل الحرب الباردة لدى الولايات المتحدة تمثلت في تقديمها ذاك الإطار الشامل القائم على الاحتواء ، فإنهم يخلصون فإنهم يخلصون إلى ضرورة وجود إطار شامل جديد وإلى نظرية كبرى عظيمة ، وهو ما يسعى فوكوياما وغيره من المفكرين والأكادميين إلى تقديمه بل وفرضه من طريق الإلحاح عليه ، لقد ارتكز طرح فوكوياما ونظرته الجديدة للعالم وطبيعة التغير فيه على منطلقات فلسفية جلية المعالم يفتقر إليها الكثير من النصوص والنظريات الأمريكية في الديمقراطية والوضع الناشئ عقب تلاشي نظام الثنائية القطبية والتدافع الأيديولوجي الذي ساد الجزء الأعظم من النصف الثاني للقرن العشرين . وبانتهاء الحرب الباردة وغياب مركز قوى بديل عن الولايات المتحدة الأمريكية ، حققت نظرية نهاية التاريخ ، كما يقول هنري كيسنجر عميد خبراء السياسة الخارجية الأمريكية العصرية ، وبالتأكيد فإن النظرية ومنطلقاتها الفلسفية معاً ، قد أشبعت إلى حد كبير مطالبة جريجوري فوستر العتيدة بنظرية استراتيجية أمريكية جديدة تستند إلى حد كبير مطالبة جريجوري فوستر العتيدة بنظرية استراتيجة أمريكية جديدة تستند إلى المفاهيم الفلسفية ، يرتقي الواقع إلى المعقول ، على أن تركيزنا هنا على نظرية نهاية التاريخ لا يعني ، التسليم بهبكنتها على مشهد التنظير السياسي والاستراتيجي في الولايات المتحدة الأمريكية ، فالمستقر لدينا ، يحسب لفوكوياما ونظرية الفضل في أنهما تحملا عبء إنهاء حالة فقدان اليقين النظري التي اجتاحت الساحة الفكرية الأمريكية آنذاك ، ومن ثم قيادة العربة الأولى في قافلة طويلة من عربات عديدة ( “ القوة الناعمة “ ،