يرى ابن خلدون أن "الاجتماع الإنساني ضروري فالإنسان مدني بالطبع، ويستحيل أن تفي بذلك كله أو ببعضه قدرة الواحد، فلا بد من اجتماع القدر الكثير من أبناء جنسه ليحصل القوت له ولهم". واعتبر ابن خلدون أول من وضع علم الاجتماع على أسسه الحديثة، وقدم ملاحظات دقيقة عن قيام الدول وعوامل استمرارها وسقوطها، وقد سبقت آراؤه وأفكاره ما توصل إليه الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي أوغست كونت (1798-1857)، وبنى ابن خلدون فلسفة خاصة في علم الاجتماع والتاريخ، وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها". وكان ابن خلدون بذلك أول من أخضع الظواهر الاجتماعية لمنهج علمي، وهو ما اعتبر ريادة في مجال الدراسات الاجتماعية والتاريخية. استقر ابن خلدون في مصر ما يناهز ربع قرن حتى توفي بها عام 1406م، لكنه ترك أثرا كبيرا في الفكر العربي والعالمي. بقي العلامة لدى بعض الأدباء والشعراء المعاصرين رمزا تاريخيا للفكر المستنير يستحضرونه في رفضهم للواقع الاجتماعي والسياسي القائم، مثل الشاعر التونسي محمد الصغير أولاد أحمد الذي خاطب في مقطع شعري تمثال ابن خلدون الموجود في أهم شوارع العاصمة التونسية، مما تسبب في منع ديوان له من النشر في العهد البورقيبي وذلك بقوله: واكتبْ إلى الوثن المقابل ما يليق بحجمه.