تحوتمس الثالث : ( ١٤٩٠ (١٤٣٦ ( )١ حتى بدأ يجهز نفسه لتوطيد ملكه في آسيا ؛ وبدأ بعض الزعماء في الاستقلال بولايتهم عندما رأوا بأعينهم الانقسام الداخلي في مصر . وكان الأصل مكتوباً على ملفات البردي ونقلوا بعض مقتطفات منها على جدران الكرنك ونقرأ في أخبار هذه الحملة أنها كانت في العام الثاني والعشرين من حكمه أي في السنة الأولى من إنفراده بالحكم ، ولم يضع تحوتمس وقته؛ وكان أمام تحوتمس ثلاث طرق إثنان منها يدوران حول سفح جبال الكرمل والثالث طريق مباشر عقد القائد الشاب مجلسه الحربي فكانت نصيحة قواده له أنه ليس من الحكمة أن يخاطر بسلامة الجيش وحذروه من إتخاذ ولكن تحوتمس صمم وقال إنه لابد من مفاجأة العدو من هذا الطريق وأصدر أمره إلى الجيش ليستعد للتحرك في فجر اليوم التالي حيث وصلوا في آخر اليوم إلى مدخل الممر . وفي ولكن ضباطه ألحوا في الرجاء أن ينتظر هناك حتى يتم تجمع الجيش ، على شكل نصف دائرة على مجدو ، ولم يلبث المدافعون عنها أن ولوا عند بدء الهجوم تاركين معسكرهم بما فيه وكان كل همهم أن يدخلوا المدينة المحصنة ، بعمل حبال من ملابسهم . ويذكر لنا النص المصرى بأنه لولا أن الجنود المصريين شغلوا أنفسهم بنهب المعسكر لأمكنهم الإستيلاء على المدينة ، وقد كلفتهم هذه الغلطة وقدم جميع من لتأديبها (1) فاتحة لحملات أخرى بلغ عددها ست عشرة حملة، فلما انتهى تحوتمس من إعداد كل شيء وضمن تعاون الأسطول مع الجيش البرى سواء في النقل أو في التموين هاجم قادش واستولى عليها في حملته السادسة التي كانت في العام الحادي والثلاثين من حكمه . وفي حملته الثامنة وصل إلى الفرات واستولى على مدينة قرقميش ، وقد أقام على ضفة الفرات إلى جانب لوحة جده لوحة أخرى ، وقد فقدت كلاهما ولم يعثر عليهما حتى الآن . ونعرف من سياق قصة حربه أنه كان قد أعد لعبور الفرات سفناً حملت أجزاؤها على عربات . وأدى استخدامها إلى فتح أقاليم الفرات أمام الجيش المصرى . وبدأت مملكة : ميتاني ، واستمرت حملات تحوتمس بعد ذلك إلى أن كانت الحملة السادسة عشرة في العام الثاني والأربعين من حكمه ، الحالية . وتحطيمها للمرة الثانية قضى على كل أثر المعارضة النفوذ المصرى في تلك الأصقاع . قضى تحوتمس الثالث بعد هذه الحملة إثنى عشر عاماً على العرش لم يحدث خلالها ما يجعله يسير إلى آسيا . وكانت ترسل هداياها وما قرره عليها من جزية كل عام إلى طيبة ، وكان الحكام المصريون في جميع هذه البلاد ينفذون أمر الجالس على عرش طيبة الذي امتدت رقعة ملكه من الفرات في الشمال إلى ، كما رأيناه أيضاً يتحلى بشجاعة نادرة ، ولم يكن يتطلب من أحد جنوده أن يفعل أمراً لا يستطيع هو بنفسه أن يفعله ، ويوم تقدم الجيش على قدميه في ممر عرونا ، لنعرف أنه كان جندياً ممتاز الصفات في كل شيء فقد حكم إمبراطوريته الواسعة بالحزم واللين وكان يعرف كل ما يحدث في كالصقر يرى كل شيء أدرك تحوتمس الثالث أنه لن يستطيع الإبقاء على إمبراطوريته إذا لم تقم على أساس المودة . وكانت رحلات تحوتمس الثالث إلى بلاد سورية غير مطبوعة بالطابع الحربي فقط بل إنها كانت مطبوعة أيضاً بطابع آخر . فقد أصدر تحوتمس أمره إلى رجاله بأن يدخلوا إلى مصر كل ما يجدونه صالحاً من حيوان أو فواكه أو زراعات ، ونعرف أنه كان ضمن ما أدخلوه إلى مصر في ذلك الحين الدجاج والرمان وليس من المستغرب بعد ذلك أن نرى أن بعض مظاهر الفن والحضارة السورية والعراقية بدأت تظهر في البلاد ، وكان تحوتمس الثالث يقدر شجاعة رجاله فيغدق على من يميز نفسه على أقرانه جميع أنواع الترقيات والهدايا . وأن تصبح لهم الكلمة الأولى فيها . وكان يفد إليها كل عام رسل جميع البلاد يحملون خير ما استطاعت بلادهم تقديمه من ذهب وفضة ، ومصنوعات مختلفة . إذ سجل الفنانون المصريون ما رأوه فرسموا وفود هذه البلاد بملابسهم الوطنية ، وأصبحنا نعتمد على مقابر طيبة وحدها كالمصدر الأول لدراسة حضارات تلك البلاد والشعوب . وه أنتف ، (٥) و أمون مس ، (٦) ولكن أهم الشخصيات جميعاً كانت شخصية الوزير، كانت خيرات العالم القديم تتدفق على خزائن فرعون ،