2 مشروعية الملكية الفردية : اختلفت النظرة الى الملكية الخاصة في منتصف وأواخر فترة العصور الوسطى وذلك بالمقارنة مع بداية الفترة المذكورة، وقد كان ذلك نتيجة لعوامل عديدة أهمها تطور الفكر الديني، فبينما لم يكن هناك انكار للملكية الخاصة الا ان أباء المسيحية الأوائل اعتقدوا ان السعي وراء الثروة أو الغنى يعرض النفس البشرية للهلاك. فقد خشي القديس أوجستين (Saint Augustine) أن تصرف التجارة الناس عن السعي الى الله. وكان لمثل هذه التعاليم أثرها الكبير في بداية فترة العصور الوسطى على السعي التكوين الثروة أو زيادة الملكية الخاصة، الا انها لم تستمر كذلك في منتصف الفترة المذكورة، حيث تعرضت للهجوم الشديد قرب نهايتها وظهر التعارض الشديد بين التعاليم الدينية المذكورة وبين نظام اقتصادي ينمو بصفة مستمرة معتمداً على الملكية الخاصة وتزداد فيه المعاملات التجارية تمشياً مع اتساع المدن والأسواق. وكان غالبية مفكري العصور الوسطى، وفي مقدمتهم القديس توماس الاكويني (Saint Thomas Aquinas) والذي يعتبر من أبرز الشخصيات في صفوف الكتاب الكنسيين في العصور الوسطى، يميلون إلى التوفيق بين مطالب الحياة الاقتصادية من جهة والمطالب الروحية للمسيحية من جهة أخرى. وقد وجد الاكويني في دفاع ارسطو عن الملكية الخاصة اساساً قوياً يستند إليه ويستمد منه حجته في اثبات شرعيتها من الناحية الاخلاقية.