كانت عملية الترجمة إلى عهد غير بعيد تتطلب الكثير من العمل والجهد الذهني والفكري ذلك أنّ المترجمين كانوا يتكبدون عناء البحث التوثيقي عن المكافئات سواء اللغوية أو الأسلوبية أو الثقافية وغيرها لكن مؤخرا مع ظهور الترجمة الآلية بجميع أنواعها ( الترجمة الآلية الإحصائية أو الترجمة الآلية المختلطة أو الترجمة الآلية العصبية ) أصبحت الترجمة تتم بسرعة فائقة وبأقل الجهد، فالترجمة الآلية العصبية مثلا تقوم أساسا على الذكاء الاصطناعي الذي يتم تدريبه باستمرار على تعلم اللغات وتحسين ترجمته باستخدام مجموعة من الخوارزميات التي تقوم بتحليل كميات هائلة من البيانات بشكل ذكي ومتكرر ولعل من بين أهم البيانات التي اعتمدت عليها الترجمة الالية العصبية نذكر ذاكرات الترجمة. غير أنّه بسبب الاستخدام الهائل لهذه البيانات في عمليات تدريب الذكاء الاصطناعي نشأ سؤال أساسي: من يمتلك فعلًا حقوق الملكية الفكرية لذاكرات الترجمة التي استعملت على نطاق واسع في تدريب الذكاء الاصطناعي وما هي الحماية القانونية المتاحة لها؟ ويتجسد انتهاك حقوق الملكية الفكرية في كلٍ من مدخلات ومخرجات الذكاء الاصطناعي ذلك أن الآلاف من الأعمال المحمية تمّ تضمينها في شبكته ، (. أما بالنسبة لمحرجات الذكاء الاصطناعي ، فقد نصت اتفاقية برن في مادتها الرابعة عشر أن مؤلفي المصنفات الأدبية أو الفنية يتمتعون بحق استئثاري في ترخيص: بتحوير مصنفاتهم وعمل نسخ منها فقد تطور الإبداع الخوارزمي إلى حد يمكنه من إعادة تحوير أنماط وأساليب الكتاب والفنانين في الأشكال الرقمية، وبالرجوع إلى ذاكرة الترجمة فإن الملكية الفكرية الخاصة بها قبل استخدامها في عملية تدريب الذكاء الاصطناعي شكلت موضوعًا معقدًا، فمن حيث المضمون يمكن لطرفين رئيسين المطالبة بملكيتها: موظفًا كان أو مستقلاً أو شخصًا اعتباريا كوكالة ترجمة أو شركة 2-الزبون(الشخص الاعتباري أو الشركة) وهو مقدم النص الأصلي أو مؤلفه ، ومن ناحية الشكل : يعتقد المترجمون أن ذاكرة الترجمة ملكًا حصريا لهم وحدهم دون غيرهم كونهم هم من قاموا بعمليات البحث التوثيقي وعمليات النقل و الترجمة و غيرها من أعمال المراجعة والتدقيق اللغوي ، وأن تجربتهم مع اللغة وخبراتهم، والوقت الذي استثمروه يبرر ملكيتهم لها وبالتالي يعتبرونها نتيجة لإبداعهم الفكري وجهودهم الشخصية. ومن ناحية أخرى، وبالتالي يكون من حفه أن يتحكم في جميع العناصر الناتجة عن العملية الترجمية، يمكنها اعتبار نفسها مالكة لذاكرة الترجمة كونها هي من قامت بتمويل إنشائها وصيانتها وهي من تستثمر موارد في تطويرها والحفاظ عليها وصيانتها كوسيط بين المترجمين والزبائن. وتعتبرها أحد أصولها التجارية التي تساعد على تعزيز قدرتها التنافسية في السوق. إن لكاتب النص الأصلي أي المستند الذي تم تقسيمه إلى وحدات صغيرة والموجود في ذاكرة الترجمة إذا كان محميا بحقوق الملكية الفكرية حق التأليف والنشر الذي يتكون من عنصرين رئيسين، فقد أقرّت مثلا اتفاقية برن بالحقوق المعنوية والاقتصادية للمؤلفين الأصليين، و تشمل الحقوق المعنوية حق الإسناد والتخصيص(حق المؤلف في المطالبة بتأليف عمله الخاص) والحق في النزاهة(حق المؤلف في منع إجراء تعديلات على عمله). مثل التعديلات. وهذا يعني أن حقوق الـتأليف والنشر تنتمي إلى الكتاب أو أصحاب الحقوق، وأي استخدام غير مصرح به لهذه النصوص قد يشكل انتهاكًا لحقوق النشر. ثانيا : حقوق المترجم يمكن أن تكون الترجمات الموجودة في ذاكرات الترجمة محمية بحقوق التأليف والنشر، كأعمال مشتقة من النصوص الأصلية. و يمكن للمترجمين أو أصحاب حقوق الترجمات المطالبة بحقوق على هذه الأعمال، ويمكن أن يشكل استخدامها دون إذن انتهاكًا لحقوق التأليف والنشر. فقد أقرت اتفاقية برنBerne دوليا حقوق التأليف والنشر الخاصة بالترجمات وبشكل صريح، غير أن قوانين حماية حق الملكية الفكرية تنص أنه حتى يتمكن أي عمل إبداعي الحصول على هذه الحقوق أن يكون أصليًاoriginal وبحجم معين، وعلى هذا الأساس بما أنّ ذاكرة الترجمة يقوم في الأساس برنامجها بتفكيك النص الأصلي إلى شرائح نصية تكون عبارة على أكثر تقدير على جملة واحدة، وبالتالي فهي لا يُمكن أن تخضع لحماية الملكية الفكرية والأدبية بسبب حجمها الغير مهم فقد أقرت اتفاقية برن في مادتها العاشرة حرية تضمين اقتباسات لتوضيح أو شرح مصطلحات محددة وهذا يعني ُأنه من المسموح به القيام باقتباسات من مصنفات ومستندات خاضعة للحماية الفكرية دون الاضطرار إلى الحصول على موافقة وإذن المؤلف الأصلي بشرط أن يكون الغرض من هذه الاقتباسات مشروعًا، ويعتمد المترجم على هاتين النقطتين لدعم وجهة نظره القائلة بأن ذاكرة الترجمة من وجهة نظر قانونية، يملكها هو وحده دون سواه لأنه منشؤها وبالتالي يستند إلى الحجة التقليدية التي تعرف "بعرق الجبين. ذهب بعض الخبراء إلى أن الزبون ( صاخب التكليف بالترجمة أو مزود النص الأصلي) له الحق هو أيضا في ملكية ذاكرة الترجمة شأنه شأن المترجم، لأنه صحيح أنّ النص الذي قدمه إلى الترجمة قد تم تفكيكه إلى شرائح صغيرة لا يُمكنها أن تخضع إلى حماية الملكية الفكرية والأدبية لكن النص الأصلي ما يزال كنسيج كامل ومكتمل داخل ملف ذاكرة الترجمة المعنية وقد تم تخزينه فقط بشكل مختلف، 2-3- الملكية الفكرية من حيث شكل ذاكرة الترجمة يمكن النظر إلى ذاكرات الترجمة على أساس أنها قواعد بيانات وفي هذه الحالة حتى تتحصل قاعدة البيانات على حماية الملكية الفكرية عليها أن تستجيب لبعض الشروط ولعل أهمها على الإطلاق شرط الأصالة originalité الذي ينبع من جهد إبداعي متأصل في وسيلة التعبير وفرادة الفنان ويتطلب هذا الجهد الإبداعي تصوّراً فريداً يميّز العمل ويمنحه سحراً خاصاً، وتتجلى الأصالة في عناصر الفكرة التي يقدمها المؤلف، فهو لا يكتفي بتكرار المألوف بل يضفي عليه لمساته الفنية الخاصة، فعنصر الأصالة هو الذي يشكل العائق الأساس أمام حماية قاعدة البيانات بحقوق الملكية الفكرية حيث يعتبر العديد من الخبراء القانونيين تطبيق هذا المعيار على قواعد البيانات أمرًا صعبًا للغاية لأن أصالة قاعدة البيانات تختلف عن الأصالة بوجه عام في كونها تنصب على شكل القاعدة و هيكلتها لأن محتواها لا يمثل ني اغلب الحالات أية أصالة لأنها مصنفات الغير ومعطيات مختلفة ، ولكن محتوى القاعد من بيانات أو معلومات أو صور مثلا لا يعتبر بحد ذاته ابتكاراً بحد ذاته متى اقتصر على مجرد النصوص أو الأرقام ولا تتوافر الأصالة إلاّ إذا كانت البيانات تحمل بصمات شخصية واضعها فالحماية لا تكون للتجميع في حد ذاته وإنما للجهد في البناء والتنسيق وتنظيم البيانات فأصالة قاعدة البيانات تظهر الجهد الذي بذله المؤلف فيها والذي يظهر من خلال الأداء الوظيفي لها حيث يـُمثّل الأداء بأساليب إدخال البيانات وإخراج البيانات وإخراج المعلومات وتنظيمها وكفاءة الأساليب. فملكية ذاكرة الترجمة إذا والأسئلة ذات الصلة المتعلقة بحقوق التأليف والنشر غير واضحة.