والصلاة والسلام على خير الأنام، والتابعين ومن تبعهم بإحسان واهتدى بهديهم إلى يوم البعث والمقام، فحيا هلا بكم معشر طلبة العلم في هذا اللقاء المبارك من ضمن لقاءات ليسير في وكما تعلمون بارك الله فيكم أنه لا بد لطالب العلم وخصوصا طالب علم التفسير من زاد يسير به في طريق الطلب، وإن من خير ما يتزود به طالب العلم في علم التفسير زاد المسير لأبي الفرج بن الجوزي عليه رحمة الله. بالكتاب الذي هو محل التعريف أن نتناوله من وجوه تسع، أما الوجه الأول فهو التعريف بالمؤلف، فالمؤلف هو عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن عبيد الله القراشي التيمي البكري البغدادي الحنبلي ينتهي نسبه إلى أبي بكل أبو الفرج ابن الجوزي نسب أحد أجداده وهو جعفر إلى محلة بالبصرة تسمى فرضة الجوز، وقيل كانت في داره في واسط جوزة لم يكن بواسط جوزة ولد المؤلف رحمه الله في بغداد سنة عشر وخمسمائة، ولما بلغ سن التمييز حافظ القرآن على يد شيخه أبي الفضل محمد بن ناصر الفقيه اللغوي، وقد كان أبو الفرج رحمه الله مجدا في طلب العلم منكبا على وكان في الجملة على معتقد السلف وإن كان لهم خالفات وخصوصا وكان حنبلية المذهب في الفروع إضافة إلى زهده في الدنيا وتقلوله كما ذكر ذلك ابن كثير في البداية والنهاية، رجب في الذيل حيث يقول الأخير ومنها ما يوجد في كلامه من الثناء والترفع والتعاظم ولا ريب أنه كان عنده من ذلك طرف، بمقبرة باب حرب في الجانب الغربي من بغداد عند أبيه، بالقرب من الإمام أحمد رحمة الوجه الثاني التعريف بالمؤلف، عرف المصنف رحمه الله بكتابه في المقدمة، فذكر أن علم القرآن هو أشرف العلوم، والفهم لمعانيه أوف الفهم، على كتابة كتاب في التفسير، لكنه قبل شروعه فيه سبر المصنفات التي سبقته، وصغير لا يستفاد كل المقصود عنه، سطرت يداه هذا الكتاب الذي وصفه بقوله، بهذا المختصر اليسير منطويًا على العلم الغزيري، وذكر أنه قد بالغ في اختصار لفظه، وقد أكد على ذلك في نهاية الكتاب، فلا يعتقدن من رأى اختصارنا أننا أقللنا، فقد أشرنا بما ذكرنا إلى ما تركنا ودللنا، فليكن الناظر في كتابنا متيقظاً لما أغفلنا، فإنا ضمننا الاختصار معنيه للمراد، انتهى كلامه رحمه الله ثم إنه قد نص على تسمية هذا الكتاب في مقدمته، وَوَسَمْتُهُ بِزَادِ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ وكذلك فعل في آخر الكتاب، حيث قال تَمَّ الْكِتَابُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَمَنِّهِ فَهَذَا آخِرُ زَادِ الْمَسِيرِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى الْإِنْعَامِ الْغَزِيرِ انتهى كلامه رحمه الله وذكر تسمية التسمية أيضاً في مواضع أخر من كتبه، استهل خطبة الكتاب بما ذكرنا أعقبها بعدة فصول، والفرق بين التفسير والتأويل، وعرّج على مدة نزول القرآن ومنها إلى الخلاف في أول ثم ختم ذلك ببيان طريقته في الكتاب، فإن أبا الفرج بن الجوزي عليه وكان كثير التصانيف حتى قال عنه الذهبي ما عرفت أحداً صنّف ما صنّف، وكتبه معروفة مشهورة وكان المصنّف رحمه الله يدرك أن في كتب التفسير المتقدمة ما يحوي أحاديث باطلة، فاشتغل بتهذيب علم التفسير عن الأغاليط، نواسخ القرآن ونتج عن هذا التهذيب أن كتب في التفسير أربعة كتب رأى فيها التدرج في فألف المغني في التفسير وهو كتاب كبير، بكتاب متوسط الحجم وهو كتاب لهذا زاد المسير، وقال عن هذين الكتابين في لفتة الكبد وما ترك المغني وزاد المسير لك حاجة في شيء من التفسير، الأريب في تفسير الغريب ثم قال كما في مقدمة النواسخ، مع كونها مهذبة عن خللها، انتهى كلامه رحمه الله. فإن كتاب زاد المسير كتاب متوسط، قد بالغ المصنف رحمه الله في وكان قد فعل ما فعل بغية حفظه، كما أشار إلى ذلك في المقدمة ومن هنا فقد بالغ العلماء في الاحتفاء به، خصوصاً تقي الدين الحفيد شيخ الإسلام، فهو من أعظم مصادره في التفسير، وسنبين ذلك إن شاء الله لاحقاً ويعد هذا السفر من الكتب المتميزة في جمع الأقوال وتحريرها، وعليه يعتمد كثير من المتأخرين في إرادة الأقوال تعالوا إلى الوجه الرابع المتعلق بمصادر المؤلف في تفسيره، وهو كما ذكر عنه الذهبي في تجلى أثر ذلك في تنوع مصادره وتعدد مشاربه وسيكون حديثنا هنا وكالمعتاد عن مصادره في التفسير، ومصادر أبي الفرج في الزادي، الوقوف على كلام أولئك الأسلاف، ومن مصادره أيضاً ما نقله مباشرةً عن مشايخه. فإذا ذهبت تنظر إلى مصادره في لغة القرآن، فقد نقل عن الخليل بن أحمد، وعلى رأسها معاني الفراء والزجاج بمزيد عناية حتى أضحيا من أهم مصادر المؤلف مضيفا إليهما مجاز أبي عبيدة وغريب ابن قتيبة ويتبع ذلك بقية كتب المعاني كمعاني الأخفشي وأبي جعفر للنحاس ويلحق بهم كتب ابن الأمذاري في عراب القرآن أو في بيان المشكل وأضف إلى ما سبق كتب أبي عبيد القاسم بن سلام على الجميع رحمة الله. أما في مجال توجيه القراءات فكتاب الحجة لأبي علي الفارسي وكتاب الكشف عن وجوه القراءات لمكي بن أبي طالب على رأس القائمة. وفي مجال النسخ كتاب الناسخ والمنسوخ لهبة الله ابن سلامة وكثيرا ما يصردح المسنف به. أما في مجال التفسير فقل ما شئت من كتب التفسير سواء من كتب المتقدمين الأوائل أو من منتبعهم فيكن تفسير مقاتل حاضر بين يديك مضيفا إليه تفسير الطبري والكشف والبيان للثعلبي والوسيطة والبسيطة لأبي الحسن الواحدي وكثيرا ما يصردح المؤلف باسم الواحدي قائلا علي بن أحمد النيسابوري ولا تنس أن تعرج على كتاب النكة والعيون للماوردي فكثيرا ما يذكر ابن الجوزي أقوالا ويعزوها له وهي في الغالب من المحتملات التي ذكرها الماوردي. وثم تمصادر مفقودة أكثر ابن الجوزي من النقل عن أصحابها كنقله مثلا عن أبي سليمان الدمشقي ونقله عن أبي يعلى الفراع كذلك نقل أبو الفرج بن الجوزي عن مشايخه مباشرة وسماه فنقل عن أبي منصور الجواليقي وأكثر عنه ونقل كذلك عن شيخه أبي الحسن الزاغوني وعادة ما يسميه فيقول شيخنا علي بن عبيد الله ونقل كذلك عن أبي محمد الخشاب وأبي الفضل محمد بن ناصر وغيرهم هذه أبرز مصادر أبي الفرج بن الجوزي. أما الوجه الخامس وهو بيت القصيد وهو الذي يتعلق بأبرز معالم الكتاب ومنهج مؤلفه فيه فأشرنا فيما سبق أن كتاب الزاد من الكتب المتوسطة وأن مصنفه قصد بتأليفه تقريب هذا الفن لطالبيه وإن من أبرز معالم الكتاب ومنهج مؤلفه فيه: 1. يتقدم بين يدي السورة بذكر مقدمات يذكر فيها غالبا نوع السورة ويذكر فضلها 2. المعنى الإجمالي وبيان المفردات الغريبة وربما توسع في ذلك مع تعريجه على النسخ أقوال المفسرين في الآية معتنيا بذكر القراءات وتوجيهها وليس له في ذلك ترتيب 3. يسدر مواطن الاتفاق بقوله قال المفسر أما مواطن الاختلاف فكان حريصا على أحيانا تصرف في لفظها أو نقلها بالمعنى وهذا أمر مهم ينبغي أن يتنبه له كل من ينقل عنه أقوال المفسرين والسلف على وجه الخصوص. 4. يتعرض لذكر المسائل الفقهية ويعتلي بذكر مذهب الحنابلة وأحيانا يصرح بقوله وهذا 5. الأحيان كما أنه يريد شيئا من قصص السيرة عند الآيات المناسبة لها وهذا أمر بدهي بالنسبة للمؤلف خاصة إذا علمت أنه من من اشتغل بجمع الأخبار ولا أدل على ذلك من كتابه المنتظم. 6. يكثر في زاد المسير من أسلوب الفنقلة وكثيراً ما يستخدمه المصنف رحمه الله في الإجابة عن إشكالات يريدها أو نكة يكشف عنها. 7. وقد قال عن نفسه في المنتظم في أحداث سنة سبعين وخمسمائة قال وفي يوم السبت أذكر في كل مجلس منه آيات من أول الختمة على الترتيب إلى أن تم فسجدت على المنبر سجدة الشكر وقلت ما عرفت أن واعظاً فسر القرآن كله في مجلس الوعظ منذ نزل القرآن فالحمد لله المنعم انتهى كلامه رحمه الله. 8. لا يكذر المؤلف ما فسره قبل وإذا مر بما قد فسره أحال إليه وهذا من أهم مقاصد المؤلف التي سعى إليها وهي الاختصار. إذا تقرر هذا فإننا سنتقل للوجه السادس المتعلق بأهم مزايا الكتاب فإن من أهم ما يميز كتاب من الجوزي عليه رحمة الله ثلاث مزايا: 1. حسن ترتيبه للكتاب وعرضه للأقوال مع الاختصار وهذه الميزة قل ما تجدها في كتب التفسير وخصوصاً التي قصدت عرض الأقوال فهذا الأمر يجعل من حفظه ميسوراً وهذا ما قصده المؤلف كما مر بنا آنف. 2. الميزة الثانية فهو الفائقة بتوجيه الأقوال الأمر الذي يكون عند القارئ والمشتغل بعلم التفسير الملكة التفسيرية وينميها. 3. الميزة الثالثة للمؤلف رحمه الله آراء وترجيحات ولذلك وكذلك له تعقبات على بعض المؤلف في هذا العلم وتعين القارئ الكريم على تنمية الجانب النقدي في التفسير. الوجه السابع أهم المآخذ على الكتاب من أهم ما يأخذ على ابن الجوزي رحمه الله في هذا الكتاب كلامه في تأويل الصفات والضرابه فيه وهذه قضية قد أنكرها عليه أئمة أهل السنة ممن عاصره وجاء بعده حتى أرسلت إليه رسائل خاصة بهذا الشأن تناقشه وتنصحهم نفسه متناقض في هذا الباب لم يثبت على قدم النفي ولا على قدم الإثبات انتهى كلامه رحمه الله وبنحوه قال ابن رجب وقال الذهبي في السير فليته لم يخف في التأويل ولا خالف إمامه. ثانيا مما يؤخذ عن المصنف إراده لبعض الأحاديث المنكرة دون التنبيه عليها وهو إمام له مشاركة وباع في علم الحديث. ثالثا فيما يتعلق بإراد الأقوال فإنه في بعض الأحايين لا يستوعب خلاف المفسرين في