اعتقد كثير من الساسة والمفكرين في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين أن خير النظم السياسية التي تكفل سعادة المجتمع ورخاء الإنسان المادي والمعنوي هي النظم الديمقراطية المثمثلة بالمجالس النيابية والحرية الفردية في الفكر والعمل لجميع أفراد الشعب، فاتجهت دول أوربا إلى إقامة حكومات ديمقراطية تستمد سلطتها وسياستها من البرلمانات، بقيت ثقة تلك البرلمانات بها. وبطء الاجراءات البرلمانية في حلها، وذلك رغبة في التخلص من الفترة الانهزامية التي مرت بها بعض الشعوب بعض أن وضعت الحرب أوزارها، وجعلت الدول المنتصرة تفرض شروطا قاسية على الدول المنهزمة وبالتالي جعلتها تئن من ضغوط الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية؛ وماركس، فلسفات لوك وروسو السوفييت ودكتاتورية الفاشية والنازية، وهنا يجب التفرقة بين دكتاتورية طبقة وحزب، على عكس الأمر لدى الفاشية والنازية فالزعيم هو الذي يتحكم في كل والنازية في ۱) نشأة الفاشية: ترجع أصل كلمة الفاشية إلى الكلمة الإيطالية Fascio، والفاشية تيارا سياسيا فكريا يمينيا، وله طبيعة سياسية واقتصادية خاصة وظهرت الفاشية في أوربا في العقد الثاني من القرن العشرين، رفضها للديمقراطية الانتخابية والتعددات السياسية، كما آمنت بالتسلسل وخلال مؤتمر الصلح في باريس ۱۹۱۹ ليعترف الحلفاء بكل ما كانت تدعيه إيطاليا من حقوق على الساحل الشرقي لبحر الأدرياتيك، وفي إفريقيا ؛ لأن نصيبهم من الغنيمة ضيئلاً لا يوازي ما قدموه من تضحيات، وندر الوقود، واضمحلت تجارتهم في الداخل ولم تكن من القوة والثبات بحيث تستطيع أن تحمل وتوجيه سياسية البلاد وجهة قومية. وتقدم للقيام بهذه ووجدت إيطاليا فيه الزعيم الذي كانت تنشده. ۳) بينيتو موسوليني Benito Mussolini (١٨٣-١٩٤٥): ولد في ۲۹ يوليو ۱۸۸۳ ، وكانت بطبيعتها مفكرة وديعة تميل إلى الصمت والعزلة وعندما بلغ بنيتو الثامنة عشر ، وأقام فيها قليلاً ثم طرد منها لتشرده؛ فرجع إلى بلاد وهو في سن الحادية والعشرين ثائرا على النظم القائمة، ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى ۱۹۱٤ ، ولكنّه غير وجهة نظره بعد ذلك، وتولى تحرير جريدة البوبولو ديتاليا Popolo d Italia، وأعفي من الخدمة، وأخذ في مستهل فبراير ۱۹۱۸ ينادي بظهور الدكتاتور وبعد انتهاء الحرب ۱۹۱۸ ، وهي التي صارت الحزب الفاشستي، والذي كان من أهم مبادئه معارضة الأحزاب الرأسمالية، وعنى موسوليني بأن يضفي عليه بعض المظاهر التي تجذب العين؛ فوضع لأعضائه لباسًا خاصًا هو القميص الأسود المحلى بشارة ولما أجربت انتخابات عام ۱۹۲۱ فاز الفاشست بخمسة وثلاثين مقعدًا في مجلس النواب، طغت على جميع الأحزب. حينما شعر موسوليني بازدياد قوته دعا في أكتوبر ۱۹۲۲ إلى عقد مؤتمر الفاشست الوطني في مدينة نابلي، وعندئذ طلب رئيس الوزارء لويجي فاكتا Luigi Facta من الملك فيكتور عمانويل بإعلان الأحكام العرفية، فقام فاكتا بتقديم استقالته، فوافق موسوليني وكثيرا ما كانت تقوم ولذلك فقد قام هؤلاء بتدعيم موسوليني وحزبه الفاشستي بكل قوة، رأى الإيطاليون في موسوليني المنقذ لهم من الأزمة، على القضاء على الفوضى التي وقعت في البلاد وقتئذ. على أية حال، فعندما تولى موسوليني قام ببعض الأعمال ليعيد النظام الداخلي، وينفرد بالسلطة المطلقة في إيطاليا، حيث عمل على الحصول على واغتيال زعيم الحزب الاشتراكي، واضطر المعارضون إلى الانسحاب صار المجلس الأعلى للحزب الفاشستي هو مصدر السلطات واحتل زعماء هذا المجلس المناصب الوزارية، وبذلك تحقق ما كان يرمي إليه موسوليني، حيث قال: "يجب أن تسقط كل الأحزاب ويتنهي أرها، أريد أن أرى حطام تلك الأحزاب السياسية حولي، الدائمة". اهتم موسوليني بالشباب، وكون قام بتأسيس أول دولة نقابية، تعتمد على تعاون الهيئات النقابية والهيئات المستنيرة في البلاد، أما الانتخابات المثالية فهي التي تمثل مصالح توقيع اتفاقية لتران Lateran ۱۹۲۹ مع البابوية، وفيها اعترفت حكومة وتشمل قصر الفاتيكان وملحقاته، وأكدت حكومة موسوليني على عدم وإدخال التعليم الديني في المدارس. وقد حقق موسوليني بهذه الاتفاقية مع البابوية كسبًا كبيرًا، ولا شك أن بقاء دكتاتورية موسوليني أكثر من إحدى وشعرين سنة كان جانب كبير من الفضل فيه راجعًا إلى توفيقه في مساسيرة الحبر الأعظم". وكذلك الدخول في مجال الاستعمار الإفريقي، وعمل موسوليني على أن تكون لإيطاليا قوة برية وبحرية وجوية تتناسب مع آماله الكبيرة؛ ففي عام ١٩٢٣ ضم جزر الدوديكانيز، وعقد عدة معاهدات للصداقة والحياد وبعض الاتفاقيات التجارية مع عدد من حكومات وسط وشرق أوربا. وفي عام ۱۹۲٥ نجح موسوليني بمساعدة من إنجلترا على إرغام الحكومة المصرية على توقيع اتفاق تنازل عن واحة جغبوب المصرية الواقعة على حدود مصر وبرقة. وفي عام ۱۹۳۵ بدأت قوات الإيطالية من الصومال الإيطالي، ولما استنجد الإمبرطور هيلاسلاسي بعصبة الأمم، لم تستجب له؛ فدخلت القوات الإيطالية إلى أديس أبابا، وهرب الإمبراطور إلى خارج البلاد عام ۱۹٣٦ ، وأعلنت إيطاليا ضم الحبشة، وصدر مرسوم بتوحيد الحبشة واريتريا والصومال الإيطالي وسميت جميعها بـ "إفريقيا" الإيطالية الشرقية"، وأضيف إلى الملك فيكتور عمانويل لقب "إمبراطور الحبشة". وازداد التقارب إيطاليا مع ألمانيا النازية، وفي عام ۱۹۳۸ أيد حركة الجيش الألماني باستيلائه على النمسا، وتوسع ترجع أصل كلمة نازي إلى الحروف الأربعة الأولى لكلمة Nazioal الألمانية والتي تعني قومي أو وطني والنازية أحد أنظمة الحكم الدكتاتورية الشمولية، وتقوم على التراتب العرقي وتضع العرق الآري الجرماني في قمة هرم البشرية، وظهرت النازية في ألمانيا على يد أدولف هتلر Adolf Hitler منذ عام ۱۹۲۰. وأبدت النازية تمسكا بالدولة القومية ذات الطبيعة العسكرية، إذ ألغت التعددية في ألمانيا وركزت الحكم في يد هتلر ، الذي عرف بالنازي، واتخذ الصليب المعقوف شعارًا لها، ۲) جمهورية فيمار Weimar (۱۳۹۱) كانت نهاية الحرب العالمية الأولى ۱۹۱۸ مأساة عنيفة على الألمان، وعاد الألمان إلى بلادهم عقب إعلان الهدنة دون أي إدراك أنهم منهزمون، لأن العسكريين الذين سلموا للهدنة قاموا بذلك لوقف خيانة الشيوعيين واليهود، فيمار Weimar وبعد ذلك تم انتخابه رئيسا للجمهورية. وتعود أهمية حكومة فيما إلى أنها ركزت الأوضاع المتقلقلة بعد الحرب وهيأت الطريق لزعيم قوي يستطيع أن يحقق آمال الشعب وتطلعاته، 102]قام بتأسيس أول دولة نقابية، وفيها اعترفت حكومة وأن للبابا فيها حقوق السيادة، وأكدت حكومة موسوليني على عدم ولا شك أن بقاء دكتاتورية موسوليني أكثر من إحدى وشعرين سنة كان جانب كبير من الفضل فيه راجعًا إلى توفيقه في مساسيرة الحبر الأعظم". وفيما يتعلق بسياسته الخارجية، ولهذا وضع جميع القوات المسلحة تحت سيطرته. ففي عام ١٩٢٣ ضم جزر الدوديكانيز، وفي عام ۱۹۲٤ استولى على فيوم Fiume الواقعة على ساحل دالماشيا، وعقد عدة معاهدات للصداقة والحياد وبعض الاتفاقيات التجارية مع عدد من حكومات وبرقة. وفي عام ۱۹۳۵ بدأت قوات الإيطالية من الصومال الإيطالي، وهرب الإمبراطور إلى خارج البلاد عام ۱٩٣٦ ، وصدر مرسوم بتوحيد الحبشة واريتريا والصومال الإيطالي وسميت جميعها بـ "إفريقيا" الإيطالية الشرقية"، وأضيف إلى الملك وفرنسا، وفي عام ۱۹۳۸ أيد حركة الجيش الألماني باستيلائه على النمسا،