وعلى هذا الأساس يرى آيزر أن النص الأدبي يقوم على قطبين قطب فني، وهو الأمر الذي يجعل علاقة القارئ بالنص الأدبي علاقة إبداع لا علاقة اتباع فمهمة الناقد كما يرى آيزر فهم النص لا بوصفه غاية في ذاته بل بوصفه أثراً على القارئ ولذلك هو يقترح مفهوم القارئ (الضمني) أو المضمر الذي يتوجه النص بخطابه إليه، ويضحي بكل شئ في سبيل من يحب، ولكن جمهرة القراء الفعليين الآن لا يحسون بمثل هذه المشاعر، وربما استخفوا بها واعتبروها قيماً بالية. إن النص في نظر آيزر لا يصرح لقرائه بكل شئ وإنما هنالك فجوات أو فراغات فيه ينبغي أن يملأها القارئ ويصل من خلال ذلك إلى دلالاته وهو بذلك الأمر يسهم في تأليف النص إلى حد ما وليس النص عملاً منجزاً ونهائياً كما قدم ذلك الشكلانيون والبنيويون فهو متعدد في دلالاته بتعدد القراء ومشاربهم الثقافية والفكرية والمعرفية والنقدية الاجتماعية وكلما قلت الفراغات أو الفجوات في النص كاد أن يصل إلى حد التفاهة والبساطة المملة. إن ياوس يعمل على دمج الأفق التاريخي للعمل الأدبي بعناصره الجمالية متحدياً بذلك معيار البنيوية والشكلانية الذي اقتصر على الجانب الجمالي فقط. فكلما أحبط النص توقعات القارئ عبر التاريخ ارتفعت أسهمه الفنية صعداً حتى تبلغ به ذروة الاكتمال والروعة وإن حقق النص توقعات القارئ هبطت أسهمه الفنية وقلت قيمته . فلم يكن ليلاقي تقبلاً واسعاً يشمل الحركة النقدية كلها في عصره، غير أن قيمه ذلك الشعر برزت فيما بعد ذلك بشكل واضح لاسيما في العصر الحديث نظرا لاختلاف أفق التوقعات بين القراء،