أوال: ابستيمولوجيا ميشال فوكو: إن االقت ارب من المشروع الفكري لـ "ميشال فوكو" االنطالق من ثنائية الحقيقة/السلطة. فقد شكلت إشكالية الحقيقة محورا رئيسيا داخل كل الفلسفات إذ عدت حجر الزاوية داخل نظرية المعرفة، يتضح ذلك من خالل تاريخ الفلسفة الذي يشير إلى مجموعة من الفالسفة، بدأ من "بارميندس" الذي تكلم عن دروب الحقيقة وطريق الظن مرو ار بـ "سق ارط " "أفالطون" "أرسطو" وصوال إلى ديكارت مؤسس الفلسفة الحديثة ورائد النظرية العقالنية في المعرفة ينشأ عن هذا الكالم القول إن الحقيقة تعرف بأنها ما يجب أن يمكن للعقل أن يتفق عليه، فإننا نجد جميع األنساق الفلسفية تدعي الوصول إلى الحقيقة، لكنها تختلف من نسق إلى أخر ، وبالتالي نصل إلى إشكال مطروح: هل هناك حقيقة واحدة أم هناك حقائق متعددة؟ الفكر الخالق، إنه فكر االختالف ال بماهو حضور أو درجة أتتنا متأخرة نسبيا، ولكن بما هو وعينا الحاد وبما يتحمله األفراد وتنوء به المجتمعات، وقد اخترنا أن نتعامل مع أهم كتبه وبالضبط مع مفهومي الحقيقة والسلطة. ويؤكد الوثائقي الجديد أن الحقيقة ليست حرة بالطبيعة وأن الخطأ ليس عبدا بالطبيعة أيضا. فإنتاج الحقيقة تخترقه عالقات السلطة. إن قول الحقيقة يتطلب أن نكون في ذات األن ذاتا عارفة وموضوع معرفة. ولم يصبح اإلنسان موضوع معرفة إال في االبستمولوجيا الحديثة. حيث سيوجه اهتمام اإلنسان إلى معرفة ذاته على أن ما يعرف به ذاته لن يكون علوما على االطالق، فما سيتشكل تحت إسم اإلنسان سيكون مجاال للمعرفة ال موضوعا للعلم. االبستمولوجيا حقل ثانيا: غاستون باشالر ، ومنظور القطيعة اإلبستمولوجية: تتميز نظرية المعرفة العلمية عند "باشالر" بمجموعة من السمات األساسية التي تميزها عن باقي االبستمولوجيات أو "نظريات المعرفة" عند الفالسفة المحدثين والمعاصرين من هذه السمات:  أنها ترفض العقل قبل العلمي وتقول ال لعلم األمس وللطرق المضادةفي التفكير وليس معنى نما هي فلسفة بناءة ترى في الفكر عامل تطور عندما ينقد الواقع ذلك أنها فلسفة سلبية وا فهي فلسفة ال تعترف ببناء أو نسق نهائي للفكر العلمي بل ترى فيه فقط بناء يتجدد باستم ارر على ضوء التطورات العلمية المستمرة.  إن االبستمولوجيا البشالرية تستلزم النظر إلى المعرفة من زاوية تطورها في الزمان أي أية معرفة معرفة بوصفها نتيجة لمعرفة سابقة بالنسبة إلى معرفة أكثر تقدما وتطورا.  تتميز نظرية المعرفة العلمية عند باشالر بالمقارنات المتعددة على مستويات متعددة وهه المقارنات تأخذ شكال تأريخيا نقديا وتركز بالذات على ثقافة القرن الثامن غير العلمية. وهذا الشكل التأريخي النقدي هو الشكل المنهجي الذي يجري تطبيقه على تأريخ العلوم، وعلى  إن السمة األساسية في االبستمولوجيا الباشالرية في اهتمامها المتزايد بجوانب النقص والخطأ العلمية عبارة عن مجموعة من االنتقادات التي وجهت إلى صورنها قبل العلمية أو صورتها الحسية القديمة. االنتقادات التي وجهت إليها. أي تلك الصورة من طرف العلماء والباحثين الالحقين، إن المهم في العلم ليس الصورة الحسية المتخيلة التي يقدمها هذا العالم أو ذاك عن أشياء الطبيعة إن المهم هو االنتقادات وأنواع الرفض التي تالقيها هذه الصورة من طرف العلماء األخرين. ومناهجها من العلم ذاته من المشاكل التي يطرحها تقدم العلم عن العلماء المختصين، فهي اذن تعنى بالمعرفة العلمية أساسا وتحاول أن تقدم حلوال علمية لقضايا المعرفة عامة، بقدر ما تنتمي هذه القضايا إلى ميادين البحث العلمي. كما أن ابستمولوجيا باشالر نظرية في المعرفة غير مغلقة وغير مكتملة فهي ال تنشد المعرفة المغلقة على ذاتها، فهي ال تذهب مع دعاوي الفالسفة الذين يتوهمون أنهم فرغوا من بناء نسق معرفي تام ومكتمل ونهائي، إنها التريد أن تتقيد بنسق فلسفي مؤكد إنما هي تتمسك بأساسين – مبدأ نسبية المعرفة - مبدأ القابلية للمراجعة واالبستمولوجيا بهذا المعنى يعتبرها  لقد أوضح باشالر في كتابه فلسفة ال، أو "فلسفة النفي" األفاق العلمية الجديدة التي من الممكن الوصول إليها عن طريق الجدل أو النفي يقول باشالر: "إنه إلى جانب المعرفة التي تزيد وتؤدي إلى تغيرات تدريجية في الفكر العلمي سنجد سببا يدعو إلى تجديد يكاد ال ينضب في الفكر العلمي. التفكير العلمي السابق عنه. والمستوى الثاني يقصد به االستم ارربين الفكر العلمي الجديد والفكر العلمي السابق عنه. أما "باشالر" فيقول أن في تاريخ العلوم قفزات كيفية ينتقل بفضلها إلى نظريات جديدة ال يمكن النظر إليها على أنها مجرد استمرار للفكر السابق. بقدر ما تتحقق تلك القفزات الكيفية بقدر ما تتحقق قطيعة ابستمولوجية بين الفكر العلمي والمعرفة العامية وبين النظريات العلمية الجديدة والنظريات العلمية السابقة عنها. إبستيمولوجيا علوم اإلعالم واالتصال شهد القرن التاسع عشر ظهور األنظمة التقنية األساسية لالتصال، وتكريس مبدأ التبادل الحر إذ يعتبر القرن الذي احتضمن ميالد رؤى وأفكار تأسيسية ترى في االتصال عامل اندماج وتواصل للمجتمعات اإلنسانية. فقد تضمن مفهوم االتصال في نهاية القرن فكرة إدارة التنوع اإلنساني بعد أن تمركز في البداية في مسألة الشبكات الفيزيائية )المادية(، وغدا أساسا إلييولوجيا التقدم. وقد تم استيحاء التصورات األولى لـ "علم االتصال" من الفكر الذي يرى في المجتمع كيانا عضويا أو مجموعة أعضاء تؤدي وظائف متكاملة محددة بدقة. اإلعالم واالتصال يجب أن ترفده جملة من الكفاءات في مجال السياسة والسوسيولوجيا واالنثربولوجيا والسيمياء وعلم النفس واللسانيات والفلسفة واالقصاد والسيبرنيطيقا . إن موضوع اإلعالم واالتصال يفرض على كل من يتناوله بالدراسة أن يستحضر البعد التاريخي. لكن "ارمان ماتالر" لم يتعامل مع التاريخ باعتباره رواية أو سردا، بل تعاطى معه باعتباره مبصرا في حقل التأويل. فبروز بعض المباحث في اإلعالم واالتصال وتطورها من خالل سياقات سياقاتها التاريخية واالجتماعية والثقافية، وسعى إلى الكشف عن مرجعيتها وتجلياتها الفلسفية والفكرية، مدركا أن كل نظرية تنبع من نموذج نظري جامع )ب ارديغم( يلخص تصورا فكريا معينا لمساءلة االتصال وصيروراتها خالل مرحلة تاريخية بعينها. إن تواصل تلك المباحث وت اربطها نابعان من كونها قد خرجت من رحم فكري واحد، بعض النظريات يعود إلى تباين النماذج النظرية التي استلهمتها واإلشكاالت التي تسعى لمعالجتها. يعتبر االتصال من العلوم القليلة التي تتكيف وتتقاطع فيها مجموعة من العلوم، ابتداءا بالفلسفة ، الجغرافيا، علم النفس، السوسيولوجيا، مرورا بالعلوم السياسية وعلم األحياء وصوال إلى السيبرنطيقا والعلوم اإلد اركية. وقد شكل هذا الحضور للتخصصات األخرى داخل االتصال وهو يؤسس لحقله المعرفي الخاص داخل فضاء العلوم االجتماعية. أحد المداخل األساسية وهو ما جعله يبحث عن نماذج تضفي عليه الطابع العلمي، إن هذه األبعاد التعددية واالنشطارات والتوزع التي يعرفها هذا الحقل المعرفي، الذي يتموقع تاريخيا بين الشبكات المادية والشبكات الغير مادية، بين البيولوجي واالجتماعي، بين الطبيعة والثقافة، بين الدراسات بين القرية والكرة األرضية، بين الفاعل االجتماعي والنسق االجتماعي، بين الفرد والمجتمع، بين حرية االختيار والحتميات االجتماعية، فتاريخ نظريات االتصال هو تاريخ هذه التقاطعات، كما أنه تاريخ المحاوالت المتعددة التي سعت إلى مفصلة أو فك، أكثر منه تجليا لمستويات تحليلية واضحة. هذه الفوارق قصاءات متبادلة، لم تتسم بها في الرؤى، التي غالبا ما اتسمت بتعارضات فاصلة وا فترة تاريخية وسياقات بعينها، فإذا كان مفهوم االتصال يطرح إشكاليات كثيرة على الباحث، فإن نظرية االتصال ليست أقل إشكالية منه، فقد انتجت الكثير من التعارضات بين الباحثين في الحقل االتصالي. وأول هذه المظاهر يتعلق بوضعها فعلى غرار ماهو حاصل داخل الحقول المعرفية اإلنسانية واالجتماعية، هذا التعريف والوضع يعرفان تعارضات كبيرة بين مختلف المدارس والنظريات المعرفية التي تعالجها. ثانيا: المتغيرات السوسيو تقنية و تبلور مفهوم االتصال: تأسس مصطلح االتصال وتبلور مفهومه في بيئة ذات أبعاد تاريخية وثقافية واقتصادية سوسويولوجية  النظام االجتماعي كمرجعية لظهور علم االتصال: - تبلور مفهوم االتصال في ظل التبادالت الصناعية واالقتصادية خالل القرن العشرين: ويمثل مفهوم تقسيم العمل لحظة تنظيرية تأسيسية ظهرت صياغتها العلمية األولى مع "أدم سميث" في حيث ساهم االتصال في تنظيم العمل الجماعي في المصانع وهيكلة الفضاءات االقتصادية، ففي الحواضر التجارية الكبرى المؤسسة على حرية المبادرة تناغم مفهوم تقسيم العمل وشبكات االتصال )سكك حديدية، الطرق البرية، والبحرية( مع الثروة والنمو. فقد عرفت بريطانيا ثورة في حركة المرور حيث اندمجت في المشهد الجديد للثورة الصناعية الزاحفة. في المقابل وفي نفس الفترة كانت فرنسا تسعى إلى توحيد فضائها التجاري الداخلي. ففي هذه المملكة الزراعية شكلت الخطابات حول فضائل أنظمة االتصاالت إنعكاسا لألوضاع المهترئة التي كانت تعيشها. الجديد ميزت لفترة طويلة الرؤى الفرنسية حول االتصال كحامل للتقدم ورمز لقوة الفكر. الكوابل تحت مائية، الهاتف، االتصال اإلذاعي( : من المفاهيم المحورية عند حديثنا عن االتصال مفهوم الشبكة، الحي. وقد أدى ذلك إلى ميالد الفكر المرتكز على المؤسسة/ الشبكة، حيث شكلت "الفيزيولوجيا االجتماعية" لـ "سان سيمون" قاعدة لعلم أطلق عليه إسم "إعادة التنظيم االجتماعي" وقد سعى إلى إعادة ترتيب األمور وذلك باالنتقال من "قيادة األفراد" إلى "إدارة األشياء" وتتبنى هذه الرؤية النظر إلى المجتمع كنظام عضوي متداخل األج ازء، أو كنظام شبكي، ولكن أيضا "كنظام صناعي" تتم تزامنا مع دلك ساهم فكر :هربرت سبنسر" المهندس الذي اعتنق الفلسفة في بلورة مفهوم االتصال كنظام عضوي. فـ "فيزيولوجيته االجتماعية"، فقد رأى أن تقسيم العمل الفيزيولوجي وتقدم المؤسسة مرتبطان ارتباطا قويا، وأن المجتمع الصناعي يجسد المجتمع العضوي مع ما يستتبع من ت ارجع للتجانس والترابط لمصلحة عدم التجانس، وللبسيط لمصلحة المعقد، وللتمركز لمصلحة عدم التمركز . إن هذا المجتمع_المؤسسة الذي يصفه بأنه أكثر تماسكا واندماجا، تتحدد فيه الوظائف بشكل دقيق، وقاعديا. كما ظهرت األجيال التقنية المتعاقبة التلغراف، الكابل التحتمائي، عشية الحرب العالمية األولى، وقد أضفى عليها أصحابها طابعا رسوليا، بمنحها القدرة على صهر البشرية في بوتقة واحدة تتطلع إلى تحقيق هدف واحد مشترك وهو خلق تناغم ووثام يتجاوز االنقسامات االجتماعية والقومية. لقد غدت كل تقنية من هذه التقنيات تمثل رمزا جماعيا عالميا يشبه بنيانا جماعيا مؤسسا على التضامن واالعتماد المتبادل. وبأت القطيعة تذوب بين الريفي والحضري. - بدايات المجتمع الجماهيري )الحشد، الرأي العام ( وبدايات إنتاج وسائل اإلعالم: ماهي ماهية العقدين األولين من القرن العشرين إشكالية "المجتمع الجماهيري" ووسائل اإلعالم الجماهيرية التي وهذا الخطر يبرر تطبيق مجموعة من إجراءات التحكم اإلحصائي للسيطرة على الجوانب القانونية والديمغرافية السكانية. المجالت النسائية في العشرية ماقبل األخيرة من القرن التاسع عشر في الواليات المتحدة األمريكية. تم تحريره حديثا من اإلكراهات التي كانت مفروضة على حرياته، والسيما حرية التجمع.  التطورات اإلمبريقية لمجتمع ما بعد ظهور االتصال الجماهيري: - مدرسة شيكاغو ودورها في التمهيد لمباحث علم االتصال: ارتبط االتصال في الواليات المتحدة األمريكية منذ العقد األول من القرن العشرين، بمشروع بناء علوم اجتماعية مؤسسة على قواعد إمبريقية، حيث مثلت "مدرسة شيكاغو" نقطة االنطالق لهذا المشروع. فمقاربتها الميكروسوسيولوجية لدور أساليب االتصال في تنظيم الجماعات البشرية، تتناغم مع فكرها حول دور األدوات العلمية المعرفية في الوصول إلى حلول لإلختالالت االجتماعية الكبرى. وقد سادت أطروحات هذه المدرسة إلى نهاية الحرب العالمية الثانية. أما سنوات األربعينيات فقد عرفت ظهور تيار جديد، اشتهرت ببحوث وسائل االتصال، وهو ينزع في قراءته للظواهر التي يدرسها إلى التحليل الوظيفي، وحيث أن المدينة أيضا هي فضاء الحراك االجتماعي )التفاعل(، وقد تجلت تأثيرات مساهمي باحثي هذه المدرسة بين 1935-1915 في تركيزها على مسألة الهجرة ودمج المهاجرين الجدد في النسيج االجتماعي األمريكي. فمن خالل د ارساته حول الجماعات العرقية كان التساؤل المركزي "لبارك" يدور حول الدور االندماجي للصحف والسيما المطبوعات العديدة باللغات األجنبية، وحول طبيعة المعلومات والفروق التي تميزها عن الدعاية االجتماعية. لقد قابل "بارك" المستوى معتب ار هذا األخير بنية فوقية تم بناؤها فوق هذا المستوى االجتماعي أو الثقافي يتحقق من خالل االتصال واالجماع )النظام األخالقي(، حيث أن وظيفته األساسية هي تنظيم التنافس وهو بهذا يتيح الفرصة لألفراد لتقاسم تجاربهم واالرتباط بالمجتمع، فالثقافة تمثل في نفس الوقت مجموع التقاليد والمعتقدات واألدوات أو المعدات التكنولوجية، يبقى أن هذا المستوى ال ينتمي مباشرة إلى هذا العلم اإليكولوجي الجديد. - إثنوغرافيا االتصال واالنثربولوجيا – االتصال كمبحث من مباحث علم االجتماع: إن المنهجية اإلثنوغرافية )الدراسات الشاملة لألحياء، المالحظة بالمشاركة( التي تهتم بدراسة التفاعالت االجتماعية هي التي أسست لظهور سوسيولوجيا فرعية )ميكروسوسيولوجيا( مهتمة بالتجليات الذاتية للفاعل االجتماعي. فقد حلل "تشارلز هورتن كولي" ظواهر وسيرورات االتصال، من خالل دراسته لألثار التنظيمية لوسائل المواصالت، والحقا، من خالل اهتمامة باثنوغرافيا التفاعالت الرمزية للفاعلين االجتماعيين، متبعا في ذلك المقاربة التي اعتمدها "جورج هربرت ميد" فقد كان "كولي" أول من استخدم عبارة الجماعة البدائية/النووية حيث عرفها بأنها الجماعات التي تتميز بالتالحم والتعاون الوجاهي الحميمي بين أعضائها. فهي بدائية بأكثر من معنى كما أنها كذلك ُل الطبيعة االجتماعية والتصو ارت الفردية. إن هذا المستوى من نظ ار ألنها تمثل األساس لتشك قد بدا له ذا أهمية مركزية لتقييم أثار "النظام األخالقي" الجديد الذي أفرزته التجمعات الحضرية والصناعية، وأدوات التنظيم االجتماعي