فان قيل أَلَيْسَ الرجل إِذا قَالَ لغيره أكْرم فلَانا أَو أحسن عشرته عقل مِنْهُ التّكْرَار قيل لَهُ الْمَعْقُول من قَول الْقَائِل لغيره أحسن عشرَة فلَان لَا تسيء عشرته وَلِهَذَا يُقَال لمن لَا يسيء عشرته على غَيره إِنَّه يحسن عشرته وَالنَّهْي يُفِيد الاستدامة وَأَيْضًا فَإِن هَذَا الْكَلَام يعقل مِنْهُ فعل الْإِكْرَام والتعظيم وَمَعْلُوم أَنه لم يَأْمُرهُ باكرامه وتعظيمه إِلَّا لِأَنَّهُ عِنْده يسْتَحق ذَلِك فَمَتَى لم يعلم زَوَال الْعلَّة الْمُوجبَة لاستحقاقه وَجب دوَام ذَلِك فبهذه الْقَرِينَة يعلم دوَام الْإِكْرَام لَا لمُجَرّد الْأَمر وايضا فان قَوْلنَا عشرَة يُفِيد جملَة من الْأَفْعَال لَا فعلا وَاحِدًا أَلا ترى أَن من رَأَيْنَاهُ يُعَامل غَيره بِعَمَل وَاحِد جميل لَا يُوصف بِأَنَّهُ حسن الْعشْرَة وَإِنَّمَا يُوصف بذلك إِذا عرفنَا أَن ذَلِك من عَادَته وَأَنه يُكَرر هَذَا الْفِعْل وَإِذا كَانَ اسْم الْعشْرَة يُفِيد جملَة من الْأَفْعَال وَالْأَمر بِحسن الْعشْرَة أَمر بجملة من الْأَفْعَال حَسَنَة وَلَيْسَ أسم الْعشْرَة يتَنَاوَل فعلا وَاحِدًا حَتَّى إِذا اسْتُفِيدَ من قَوْلنَا أحسن عشرَة فلَان أَفعَال كَثِيرَة وَجب أَن يكون قد دلّ على تكْرَار فَائِدَته