ذاتَ يومٍ كنتُ عائدًا من المدرسة أفكّر في درس الكيمياء الذي قد أعطانا إيّاه الأستاذ رشدي، ولكنّها يفتقدان لعنصر أخير يُعطي هذا المزيج قدرةً فائقة تجعله قادرًا على تحويل الإنسان الذي يشربه إلى رجلٍ خارقٍ مثل "فلاش" و"سوبر مان" و"الرجل العنكبوت” عندما اطمأننتُ على أنّ المدرسة أصبحت خاوية من التلاميذ والمدير والمعلّمين تسلّلتُ إليها بمفردي ودخلتُ إلى المُختبر ووجدتُ زجاجتَي المحلول في مكانهما بعد أن تركهما الأستاذ وغادر مع طلبة الشعبة الثانية، فتنبّهتُ لأمرٍ كنتُ قد رأيتُهُ في التلفاز، وهو اللون الذي قد نبّهنا المعلّم إلى أنّه اللون الذي سيتحوّل إليه المزيج عندما يصبح جاهزًا. لم أصدّق أنّني قد وصلتُ إلى الحل الذي قد عجز الأستاذ عنه، فغضبتُ وهممتُ بالخروج من المخبر ولكنّني أحسستُ بطاقة هائلة تسري في بدني، ولكن ما الذي يجري؟ وهل لذلك المحلول كلّ هذه الطاقة؟ وهل ستزول الطاقة مني بعد مدّة أو أنّها ستبقى؟ كثيرةٌ هي الأسئلة التي قد دارت في ذهني، ضربتُ الأرضَ بقدمي فإذا بي أطيرُ فوقَ المدينة، رأيتُ حارتي وكيف كان الأولاد يلعبون كرة القدم بعد المدرسة، رأيتُ أخي الصغير كذلك وهو يدخل إلى الدكّان ليشتري، تابعتُ التحليق وشاهدتُ المدينة من الأعلى، والرؤية من أعلى لها نكهة جميلة لا يعلمها سوى من ركبَ ذات يومٍ في الطائرة، فكلّ شيء يبدو صغيرًا وجميلًا ومتناسقًا، ولكن مهلًا أرى أبي يسأل الأولاد عنّي، يبدو أنّه انتبه إلى عدم عودتي من المدرسة؛ ولكن أين سأهبط؟ حاولتُ الهبوط في الشارع الثاني ولكنّ المشكلة أنّني لا أعلم كيف أهبط، حاولتُ أن أخفّف من سرعتي وأن أهبط بهدوء ولكنّني ارتطمتُ بالأرض بقوّة وصرت اتدحرج على الأرض، بعدها لم أشعر بشيء سوى صوت أمّي وهي توقظني لأذهبَ إلى المدرسة، فتحتُ عينَيّ فإذا بالأغطية التي كنتُ اتدثّر بها قد ملأت الغرفة، فاكتشفتُ أنّني كنتُ أحلُم، قصصتُ على أمّي ما كنتُ أشاهده في منامي وعن مغامرتي بعد أن وبّختني لمنظر الغرفة التي تتناثر فيها الأغطية في كلّ مكان، ولكن إن شئتَ أن تكونَ عالِمًا في الكيمياء تكتشف للبشر أشياء لم تكن تخطر في بالهم فهذا الأمر أحبّ إليّ من أن تكون بطلًا خارقًا يطيرُ في الهواء ويملأ الغرفة بالأغطية،