الوطن هو مكان إقامة الإنسان ومقره الذي إليه انتماؤه وُلد به أم لم يولد، فحب الوطن والتوجّه في المشاعر إليه شيء فطريٌّ ليس لنا فيه يد، كيف لا وفيه يجد الإنسان الألفة ويشعر بالراحة، إنّه الوطن الذي سكَننا قبل أن نسكنه، ففي وطني الأحلام لا تموت والعهود لا تُخان والطرق لا تُهجر مهما طال البعد، فالخير باق في أهله تجمعهم الأعياد والمناسبات وليالي السمر التي يتبادلون فيها أحاديث الغربة والطفولة والذكريات التي تنعشها رائحة الهيل في أكواب القهوة الساخنة ويذكيها حب الوطن. الوطن هو درعنا المنيع الذي لا نشعر بالأمان إلا به؛ يشدّنا إليه الانتماء الذي رضعناه في طفولتنا التي قضيناها بين جباله الشامخة الممتدة من الشمال إلى الجنوب، فهو رمز كرامتنا وعزتنا اللتين بهما نفاخر، كما أنّه التراث وعبق الأجداد اللذان يجب علينا أن نذود عنهما بكل ما أوتينا من قوة، يعجز القلب عن الإفصاح عن حبه للوطن وإن طال عنه الكلام، فعلينا ألّا ننسى أنّ لأوطاننا علينا حقاً يتمثل في التصدي لأي خطر يحدق بها بكل ما نملك، كما يجب أن يدفعنا حبّنا هذا لأن نسلك كل السبل التي تؤدي إلى نمائها وازدهارها دون كلل أو ملل، فمن واجبه علينا أن نكون مواطنين صالحين بارين به، ونعمل على تطويره ورفعته أفراداً وجماعات كلٌ بما يستطيع من علم وموهبة وخبرة، فنسعى للعلم والتطوير لنرقى به، ونقف في وجه كل ما يؤذيه تيمناً بقول المصطفى -صلى الله عليه وسلم- عن ابن عباس رضي الله عنه حين قال: (عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله)، ذلك لأنّ أوطاننا زهرة الروح ومهجة الفؤاد التي لا يليق بها أن تخبو أو تنطفئ.