أن كل مذهب تربوي يفترض في الوقت نفسه مذهبا من الأخلاق، أن التربية تقوم على مسألتين أساسيتين: أولها: موضوعات الدراسة، والثانية: هي الطرائق التي ينبغي أن تصطنع للوصول إلى تعليم الطفل بسرعة وإتقان. فالأخلاق ضرورية للإجابة على المسألة الأولى، وعلم النفس هو الذي يجيب على المسألة الثانية. والمثل الأعلى في التربية عند سبنسر هو: أن نزود الإنسان بإعداد كامل للحياة بكاملها، على حساب سائر الجوانب الأخرى، بل يوزع الانتباه على المجال ككل، وجعل الجهود تتناسب مع قيمة كل جزء من أجزائه، على أن يكون غرض التربية، الحصول على المعرفة المهيأة لإنماء الحياة الفردية والاجتماعية، وأنه في المرحلة الأولى من الطفولة تكون الحاجة إلى العلم قليلة، لأن حياة الطفل الأولى تعتمد كثيرا على الطبيعة والغرائز، وكلما ينمو الإنسان يصبح في حاجة أكبر إلى العلم. فحاجتنا للعلم تتناسب طردا مع تقدمنا في السن. وقد بين هربرت أن العقل ينتقل من البسيط إلى المعقد، كي ننقله بعد ذلك تدريجيا إلى الحقائق المعقدة، أي تربية الفرد لنفسه بنفسه، أنه ينبغي أن نقود الأطفال إلى أن يقوموا بالتنقيب،