المطلب الخامس: علاج الأزمة في إطار منظومة الأخلاق الإسلامية: إن الحل والذي من شأنه تخلص المجتمع الرأسمالي من دورات الكساد وأزمات الركود المالي وغيرهـا فلـيسحيثجاءذلكواضحا"فيكتابااللهالكريمبقولهتعالى:)ا َّلِذينيأْ ُك ُلونالربا َلاي ُقومونِإ َّلا َكماي ُقوما َّلـِذي  ي َ ت َ خ  ب ُ ط  ه ا ل َّ ش ي  َ ط ا  ن ِ م  ن ا ل ْ  م س َ ذ ِ ل  ك ِ ب َ أ َّ ن  ه م  َ ق ا ُ ل و ا ْ ِ إ َّ ن  م ا ا ل ْ  ب ي   ع ِ م ث ْ ُ ل ا ل  ر  ب ا  و َ أ  ح َّ ل ا ل ّ ل  ه ا ل ْ  ب ي   ع  و  ح  ر  م ا ل  ر  ب ا َ ف  م ن  ج ا ء  ه  م و  ِ ع َ ظ ة ٌ  م ن  ر  ب ـ ِ ه َف ا ن َت ه ى َف َل ه م ا س َل َف و َأ م ر ه إ ل ى ا ل ّل ِه و م ن ع ا د َف ُأ و َل ـ ِئ ك َأ ص ح ا ب ا ل َّن ا ِر ه م ِف ي ه ا َخ ا ِل د و ن ( ) 1 ( . ك م ا أ ن ه ي ق ع ع ل ى ا ل ح ك و م ـ ا تمسئوليةحمايةالمعاملاتمنالفسادوالطغيانلتحقيقالأمنوالاستقرار، تطبيق ًالقولااللهعزوجل:}ا َّلِذينِإن م َّك َّناهم ِفي ال َْأر ِض َأ َقا موا ال صلا َة وآ َت وا ال ز َكا َة وَأ م روا ِبال ْ مع رو ِف و َنهوا ع ِن ال ْ من ْ َك ِر وِل َّل ِه عاِقب ُة ال ُْأ مو ِر{)2(.ويقوم النظام المالي الإسلامي على مجموعة من القواعد التي تحقق له الأمن والاستقرار وتقلل من المخـاطروذلك بالمقارنة مع النظم الوضعية ومن أهم هذه القواعد ما يلي)3(: أولا: الاقتصاد الإسلامي اقتصاد أخلاقي:لقد نبه بعض علماء الاقتصاد إلى خطورة فصل الاقتصاد عن الأخلاق، إلا أن واقـع الاقتـصاد الرأسـمالي المعاصر يعلن بصريح العبارة أنه لا دور للأخلاق في الاقتصاد وهذا الأمر من الوضـوح فـي الواقـع الاقتـصادي المعاصر بحيث لا يحتاج للتدليل عليه. هنا تجئ واحدة من أكبر المـساهمات الإسـلامية فـي الاقتـصاد، حيـث أن الاقتصاد في الإسلام مربوط ربط ًا محكم ًا بالأخلاق في جميع جوانب الاقتصاد، فقطاع الإنتاج علـى سـبيل المثـال يحكمه الإسلام بضوابط أخلاقية محددة. كما أن مجال الاستهلاك محكوم بضوابط أخلاقية محـددة. ولـذلك نقـول إن الإسلام يعالج الاقتصاد بروابط أخلاقية تؤمنه من انتكاسات تنشأ بسبب غياب الأخلاق. وهنا تجدر الإشارة إلى ما يقال عن أحد الأسباب المهمة التي قادت للأزمة الاقتصادية والمالية المعاصرة وهو ما يتعلق بغياب الأخلاق عند بعـضالقائمين على إدارة المؤسسات التمويلية والمصرفية في المجتمعات الرأسمالية)4(. ثاني ًا ًا: لقد ح ررمت الشريعة الإسلامية كافة صور وصيغ وأشكال بيع الدين بالدين مثل:خصم الأوراق التجارية وخصم الشيكات المؤجلة السداد كما ح رمت نظام جدولة الديون مع رفع سعر الفائـدة،ولقد نهى رسول االله ε عن بيع الكالئ بالكالئ )بيع الدين بالدين( . ولقد أكد خبراء وعلماء الاقتصاد أن مـن الأسـباب المهمة التي أدت إلى حصول الأزمة الاقتصادية والمالية المعاصرة هو قيام بعض شركات الوساطة المالية بالتجارة في الديون مما أدى إلى اشتعال الأزمة وهذا ما حدث فع ًلا.ثالثا: يقوم النظام المالي والاقتصادي الإسلامي على مبدأ التيسير على المقترض الذي لا يستطيع سـداد الـدين يقول االله تبارك وتعالى: } وِإن َكا ن ُذو عس رٍة َف َن ِظ رة ٌ إلى مي س رٍة وَأن َتـ صد ُقوا َخيـر َل ُكـم ِإن ُكن ْـ ُتم َتع َلمون{)5( . رابعا: تنظيم معايير مهنة الوساطة والسمسرة: ومنع التكتلات المؤدية إلى إلحاق الضرر والظلم بالنـاس وتـأمينالحرية والإفصاح اللازمين لرواد السوق من بائعين ومشترين ومنع غبن المسترسل)6(.خامسا: محاربة الاكتناز والاحتكار: لقد نهى النبي ε عن الاحتكار وقال : " من احتكر فهو خاطئ ". والاحتكار هو حبس السلع بانتظار رفع أسعارها مما يؤدي إلى الإضرار بالناس.كما حارب الإسلام الاكتناز لأنه بمثابة تفـضيل للسيولة وحرمان الدورة الاقتصادية من المال الذي هو أساسها،5%. والاكتناز محرم شرعا لقول تعالى:"والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل االله فبشرهم بعذاب أليم")7(. ومعناه الشك أو الخداع، أو ما كان ظاهره يغري المشتري وباطنه مجهول، وبالتالي يحافظ على وظيفته الاقتصادي .سادسا: الاهتمام بالاستثمار الحقيقي: بمعنى التركيز على وضع سلم أولويات يحدد ما هي احتياجـات المجتمـع خلال الفترة القادمة، وبناء عليه، وفي ظل صيغ وأسـاليب التمويـل بالمشاركة ستركز على الإنتاج منذ البداية، فهي ترتبط بالمشروعات والإنتاج، وما يرتبط بها مـن أصـول حقيقيـة، تسهم فع ًلا في زيادة استخدام الموارد وتوظيفها، وعلى النحو الذي يؤدي إلى توفير فرص العمل وزيادة الإنتاج وزيادة مستوى الدخل، وبالتالي النهوض بمستوى رفاهية المجتمع. وكذلك الأمر فيما يتعلق بالتمويل بالمرابحة، هنا لا بد من أن يوجه التمويل لشراء سلعة حقيقة، حيث لا مجال لتمويل شراء أوراق مالية من خلال هذا التمويل مث ًلا، وليس تمويل الأصول المالية،المجتمع)1(. سابعا: حرمت الشريعة الإسلامية نظام المشتقات المالية،والجهالة، والمقامرات التي يؤدي فيها الكسب السريع إلى تعطيل الإنتاج، لأنها لا تسبب تنمية اقتصادية حقيقية، كما أنها تسبب الانهيارالسريع في المؤسسات المالية التي تتعامل بمثل هذا النظام. والغنم بالغرم، وهذا يقلل من حدة أي أزمة حيث لا يوجد فريق رابح دائم ًا أبد ًا وفريق خاسر دائم ًا أبد ًا، بل المشاركة في الربح والخسارة . كما ح رمت الشريعة الإسلامية كافة عقود التمويل بالقروض بفائدة، والتي تعتبر من الأسباب الرئيسية للأزمة المالية العالمية الحالية .تاسعا: يقوم النظام الاقتصادي الإسلامي على مجموعة من القيم والأخلاق مثل الأمانة والمـصداقية والـشفافية والتيسير والتعاون والتكامل والتضامن،