المحور الأول: مفهوم القانون وخصائص القاعدة القانونية القانون هو مجموعة قواعد ملزمة تنظم علاقات الأفراد داخل المجتمع، يتناول هذا المحور تعريف القانون، كلمة "قانون" مشتقة من كلمة يونانية تعني العصا المستقيمة، بينما تبنت اللغات الغربية مصطلحات مختلفة للدلالة على القانون مثل "Droit" بالفرنسية و"Law" بالإنجليزية. • المعنى العام: يشير إلى القواعد الملزمة التي تنظم السلوك الاجتماعي وتفرض احترامها بواسطة السلطة العامة، ويعرف باسم القانون الوضعي. • المعنى الخاص: يتضمن مفهومين: o التشريع: القواعد الصادرة عن السلطة التشريعية لتنظيم العلاقات (مثل قوانين العمل والصحة). o التقنين: تدوين القواعد القانونية في نصوص منظمة (مثل التقنين المدني والتجاري). 2. خصائص القاعدة القانونية: القواعد القانونية ملزمة وتطبق في زمان ومكان معين، 3. العلاقة بين القانون والحق: هناك ارتباط وثيق بين القانون والحق؛ فالقانون ينظم العلاقات ويحدد الحقوق، بينما الحقوق تمثل المصالح المشروعة التي يعترف بها القانون. • في اللغة الفرنسية: "Droit" تعبر عن القانون والحق، القانون هو النظام الذي يحدد السلوك الإنساني، 1. القاعدة القانونية قاعدة سلوك اجتماعي • التنظيم الاجتماعي: تهدف القاعدة القانونية إلى تنظيم سلوك الأفراد داخل المجتمع، والمجتمع بحاجة إلى قواعد تضمن توازن علاقات أفراده. • التركيز على السلوك الخارجي: تهتم القاعدة القانونية بالأفعال الظاهرة للأفراد، • الديناميكية: القانون يتغير بتغير المجتمع ليتلاءم مع الزمان والمكان، ما يستدعي تحديث النصوص القانونية بانتظام. • العمومية: تخاطب القاعدة القانونية جميع الأشخاص أو الوقائع التي تستوفي الشروط المحددة، • التجريد: القاعدة القانونية لا ترتبط بواقعة أو شخص بعينه، 3. القاعدة القانونية ملزمة ومقترنة بجزاء • الإلزام: القاعدة القانونية مصحوبة بجزاء يهدف إلى ردع المخالفات وضمان احترامها. o الجزاء الإداري: يتعلق بمخالفات القواعد الإدارية، خصائص القاعدة القانونية تجعلها أداة فعالة لتنظيم سلوك الأفراد في المجتمع، عنصر الجزاء يعزز احترام القانون، المحور الثاني: تقسيمات القانون القانون يهدف إلى تنظيم سلوك الأفراد في المجتمع من خلال وضع قواعد قانونية لتنظيم العلاقات، 1. تقسيم القانون إلى قانون عام وقانون خاص • القانون العام: ينظم العلاقات التي تكون الدولة طرفًا فيها بصفتها صاحبة سيادة، o القانون العام الخارجي (الدولي): ينظم العلاقات بين الدول أو بينها وبين المنظمات الدولية. o القانون العام الداخلي: يشمل فروعًا مثل القانون الدستوري (أسس الحكم وحقوق الأفراد)، القانون الإداري (تنظيم المرافق العامة)، القانون المالي (تنظيم ميزانية الدولة)، والقانون الجنائي (تحديد الجرائم والعقوبات). • القانون الخاص: ينظم العلاقات بين الأفراد أو بين الأفراد والدولة باعتبارها شخصًا عاديًا. o القانون المدني: الشريعة العامة للعلاقات الخاصة. o قانون الأحوال الشخصية: ينظم العلاقات الأسرية. o القانون التجاري: يتناول الأعمال التجارية والتجار. o قانون العمل: ينظم العلاقة بين العمال وأرباب العمل. o القانون البحري والجوي: ينظم الملاحة البحرية والجوية. 2. أسس التفرقة بين القانون العام والخاص • طبيعة القواعد القانونية: قواعد القانون العام آمرة، بينما القانون الخاص يتضمن قواعد مكملة. • الأطراف: القانون العام يحكم علاقات الدولة كصاحبة سيادة، أما القانون الخاص فعندما تكون الدولة شخصًا عاديًا. • المصلحة: القانون العام يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة، بينما القانون الخاص يهتم بالمصالح الخاصة. فالقانون العام هو الحاكم. • إذا كانت الدولة تعمل كشخص عادي، 4. أهمية التفرقة بين القانون العام والخاص • المميزات: الدولة في القانون العام تتمتع بامتيازات كالضبط الإداري وفرض الخدمة العامة. • العقود: عقود الدولة في القانون العام إدارية، بينما عقود القانون الخاص تقوم على المساواة. • الأموال: الأموال العامة تخضع لقواعد خاصة، • الاختصاص القضائي: القضاء الإداري أو الجزائي للقانون العام، هذا التقسيم يُسهم في تنظيم العلاقات وتحديد الاختصاصات القضائية والقانونية، مما يعزز من كفاءة النظام القانوني. تقسيم القواعد القانونية إلى قواعد آمرة وقواعد مكملة أولاً: مفهوم القواعد القانونية الآمرة والمكملة o ترتبط بكيان المجتمع وأسس النظام العام والأخلاق. o أمثلة: القواعد التي تحرم القتل أو السرقة، 2. القواعد القانونية المكملة (المفسرة): o تُنظم سلوك الأفراد بشكل يسمح لهم بالاتفاق على مخالفة أحكامها، إذ لا تمس كيان المجتمع أو النظام العام. o تمتاز بأنها تُكمل إرادة الأفراد حين يغفلون عن تنظيم بعض جوانب علاقاتهم. o أمثلة: القواعد التي تحدد دفع ثمن المبيع عند التسليم، ثانياً: معيار التمييز بين القواعد الآمرة والمكملة o يعتمد على صياغة النصوص القانونية. o القواعد الآمرة: تظهر في النصوص باستخدام عبارات مثل: "لا يجوز"، o القواعد المكملة: تشير العبارات إلى أنها مكملة مثل: "ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك". o يعتمد على موضوع القاعدة ومدى اتصالها بالنظام العام أو الآداب العامة. o النظام العام: يعبر عن المصالح الأساسية للمجتمع مثل الأسس السياسية والاجتماعية والاقتصادية. o الآداب العامة: تتعلق بالقيم الأخلاقية والدينية التي تحافظ على توازن المجتمع. o إذا كانت القاعدة تخدم مصلحة عامة، • القواعد الآمرة تهدف إلى حماية النظام العام والأخلاق ولا يجوز مخالفتها. • القواعد المكملة تنظم العلاقات الخاصة وتكمل إرادة الأفراد عند غياب الاتفاق، مما يتيح مرونة أكبر دون التأثير على النظام العام. • المعنى العام الواسع: يشير إلى القواعد القانونية المكتوبة ومصدرها. • المعنى الخاص الضيق: يقتصر على القوانين التي تصدرها السلطة التشريعية في حدود الاختصاص الدستوري. • الصدور عن سلطة مختصة: عادةً السلطة التشريعية، 3. العمومية: تطبيق القوانين على جميع أفراد الدولة. 4. عيوب التشريع: 1. الجمود: يصعب التكيف مع التطورات السريعة. الحقوق والواجبات. 3. التشريع الفرعي (اللوائح): تصدرها السلطة التنفيذية لتنظيم التفاصيل: o اللوائح التنفيذية: لتطبيق القوانين العامة. o اللوائح التنظيمية: لتنظيم المرافق العامة. 6. مراحل وضع التشريع العادي والعضوي: • التنفيذ يكون عبر إصدار القوانين من رئيس الجمهورية. ويعتمد نجاحه على كفاءة الجهات المكلفة بوضعه وتعديله. المبادئ والمصادر القانونية الاحتياطية o تشير إلى المبادئ العامة والأصول الكلية للشريعة الإسلامية، مع استثناء الأحكام التفصيلية التي تتغير وفق الاجتهاد. o حرية التعاقد: مستمدة من الحديث: "المؤمنون عند شروطهم. • تعريف العرف: o اعتياد الناس على اتباع قاعدة معينة في السلوك مع الاعتقاد بإلزاميتها. o يتطور العرف من عادة غير ملزمة إلى قاعدة قانونية تُطبق عند تحقق ركنيها: 2. الركن المعنوي: شعور الناس بإلزامية القاعدة. • مزايا العرف: • عيوب العرف: مما يجعله غير ملائم لتطور المجتمعات السريع. o تنوعه وصعوبة توحيده مقارنة بالتشريع. o العرف قاعدة قانونية يُلزم القاضي بتطبيقها، التي تعتمد على العقل البشري وتعتبر مستقلة عن الزمان والمكان. بل تشكل قاعدة مرنة يطبقها القاضي لحل النزاع، • أمثلة على القيم والمبادئ: o الحق في الحياة. o تحقيق العدل كمفهوم مجرد وشامل. المصادر التفسيرية للقانون ونطاق تطبيقه أولاً: المصادر التفسيرية للقانون 1. الفقه: o هو الآراء العلمية التي يصدرها الفقهاء المتخصصون في القانون، حيث يعملون على استنباط الأحكام القانونية وتفسير النصوص ودراسة القواعد القانونية نظريًا. o يتجسد الفقه في أعمال مثل المؤلفات، الفتاوى، القضاة، والمحامين. o هو الأحكام الصادرة عن المحاكم بمختلف درجاتها بناءً على تطبيق القانون على القضايا المطروحة أمامها. يُعد القضاء مصدرًا رسميًا للقانون،  في الأنظمة اللاتينية (مثل فرنسا ودول عربية كالمغرب والجزائر)، يقتصر دور القضاء على تفسير القواعد القانونية دون إنشائها. لتحديد نطاق تطبيق القواعد القانونية، يجب النظر إلى ثلاثة محاور: الأشخاص، والزمان. 1. نطاق تطبيق القانون من حيث الأشخاص: o مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون: o أساس المبدأ:  فرض سلطان القانون لتحقيق المساواة بين الأفراد. سيؤدي ذلك إلى الفوضى وضياع الأمن القانوني. o نطاق المبدأ: دينية، o استثناءات المبدأ:  تُعتبر القوة القاهرة، o يبدأ سريان القاعدة القانونية بعد نشرها بفترة زمنية يحددها القانون. o تُثار مشكلة تعاقب القوانين عند إلغاء قانون وحلول آخر مكانه، مما يستلزم قواعد لحل التنازع الزمني بين القوانين. الخلاصة: • الفقه والقضاء يقدمان دعمًا نظريًا وعمليًا لتفسير القانون وتطويره. • مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون يضمن المساواة والنظام، مع استثناء محدود في حالة القوة القاهرة. • يحدد نطاق تطبيق القانون من حيث الأشخاص، والزمان القواعد التي يخضع لها الأفراد لضمان الالتزام بالقانون وتنظيم المجتمع. ثانياً: تطبيق القانون من حيث المكان 1. مبدأ إقليمية القوانين • المفهوم: يقضي هذا المبدأ بأن القانون يسري داخل حدود الدولة على جميع الأفراد والأحداث داخل إقليمها، • الاستثناء: لا يسري هذا المبدأ على الأجانب الذين يتمتعون بالحصانة الدبلوماسية مثل رؤساء الدول والدبلوماسيين وأسرهم، حيث يخضعون لقوانين دولهم. • الأساس: يستند المبدأ إلى سيادة الدولة على إقليمها، وحقها في فرض قوانينها على جميع ما يجري داخله. بغض النظر عن مكان إقامتهم، وعدم سريان القانون الوطني على الأجانب داخل الإقليم. • الأساس: يقوم على فكرة السيادة على المواطنين، حيث تظل علاقة الدولة برعاياها قائمة حتى خارج إقليمها. • مجال التطبيق: غالبًا يطبق في مسائل الأحوال الشخصية (الزواج، الإرث، الأهلية)، بناءً على قواعد الإسناد في القانون الدولي الخاص. تطبيقات مبدأ إقليمية القوانين القانون المالي (الضرائب)، وقانون العقوبات الذي يطبق على جميع الجرائم المرتكبة داخل الإقليم. 2. في القانون الخاص: الالتزامات غير التعاقدية، الاستثناءات من مبدأ إقليمية القانون الجزائري o في القانون العام: مثل حقوق وواجبات المواطنين (الانتخاب، o في قانون العقوبات: الجرائم المرتكبة خارج الجزائر من قبل مواطن جزائري تخضع للقانون الجزائري إذا عاد الفاعل إليها (المواد 582 و583 إ. ج). o في القانون الخاص: يشمل الأحوال الشخصية، الأهلية، والتي تخضع لقانون جنسية الشخص. o يطبق على الجرائم التي تهدد أمن الدولة ومصالحها الأساسية، ثالثاً: تطبيق القانون من حيث الزمان 1. إلغاء القاعدة القانونية: o أنواع الإلغاء:  صريح: ينص التشريع الجديد على إلغاء التشريع السابق أو يحدد مدة سريانه.  ضمني: يحدث نتيجة تعارض القواعد أو إعادة تنظيم الموضوع بالكامل. 2. التنازع الزمني بين القوانين: o ينشأ عند إلغاء قاعدة قانونية واستبدالها بأخرى، تنازع القوانين من حيث الزمان يحدث عندما يتم تطبيق قوانين متعاقبة تعالج نفس المسألة، حيث يُلغي القانون الجديد القانون القديم. يتمثل التحدي في تحديد الفترة الزمنية التي ينطبق عليها كل قانون. لحل هذا التحدي، ظهرا مبدآن رئيسيان: 1. مبدأ عدم رجعية القوانين: o يُقصد به أن القانون الجديد لا يسري على الوقائع التي حدثت قبل نفاذه. أي أن القانون الجديد لا يؤثر على الأوضاع التي نشأت قبل دخوله حيز التنفيذ. o استثناءات مبدأ عدم الرجعية: 1. النص الصريح على رجعية القوانين: إذا نص القانون الجديد على تطبيقه على الوقائع الماضية، يمكن تطبيقه بأثر رجعي. 2. القوانين الجنائية الأصلح للمتهم: إذا كان القانون الجديد أكثر رحمة بالمتهم، فإنه يسري بأثر رجعي. o يعني أن القانون الجديد يبدأ سريانه فورًا من تاريخ نفاذه ويطبق على الوقائع التي تحدث بعد هذا التاريخ. o أساس الأثر الفوري: يعتمد على منع ازدواجية القوانين بحيث يتم تطبيق قانون واحد فقط على الوقائع القانونية الحالية والمستقبلية. 1. الأهلية: لا يؤثر القانون الجديد على تصرفات شخص أتم أهليته حسب القانون القديم. 2. أحكام الإيجار: الإيجارات المبرمة في ظل القانون القديم تستمر وفقًا لأحكامه لفترة معينة. 3. أحكام الإثبات: تصرفات قانونية تمت في ظل القانون القديم تُقبل أدلة إثباتها وفقًا للقانون القديم. 4. التقادم: النصوص القديمة تظل سارية على التقادم بالنسبة للمدة السابقة على العمل بالقانون الجديد. ملحوظة: إذا تضمن القانون الجديد نصوصًا تتعلق بالنظام العام والآداب العامة، حتى إذا كان في ذلك ضرر لمصلحة خاصة. نظرية الحق المكتسب ومجرد الأمل في تنازع القوانين: الحق المكتسب هو مصلحة ثابتة لشخص معين، يمكن الدفاع عنها ولا يمكن سلبها منه دون موافقته. عندما يتعارض قانون جديد مع حق مكتسب تحت قانون قديم، فإن القانون الجديد ينطبق عليه ويسري بأثر رجعي. تفسير القانون: لا يكون التفسير ضرورياً إذا كان النص واضحًا وصريحًا. أنواع التفسير تشمل: هذا التفسير ليس ملزماً، 1. مدرسة الشرح على المتون: تركز على تفسير النصوص القانونية حرفياً وتعتمد على المضمون اللغوي للنصوص. 2. المدرسة التاريخية: تؤمن بأن القانون هو تعبير عن حاجات المجتمع وتطوره، فإنها تواجه انتقادات بسبب منح القاضي سلطة واسعة قد تؤدي إلى التفسير غير المستقر للنصوص. ويجب على القاضي تفسيره بناءً على ذلك مع الأخذ في الاعتبار تطور المجتمع. مع مراعاة النصوص التشريعية الأخرى مثل الشريعة والعرف. • حالات التفسير: تشمل حالات النصوص الغامضة أو الخاطئة أو الناقصة أو المتعارضة التي تتطلب تدخل القاضي لتفسير النص بشكل يتناسب مع المقصود من المشرع. o الطرق الداخلية: تعتمد على النصوص نفسها لفهم معناها مباشرة. مثال: منع عديم التمييز من بيع أمواله، وبناءً عليه يتم منعه من هبة أمواله، لأن الهبة أخطر من البيع. 2. الاستنتاج بمفهوم المخالفة: o يلجأ القاضي إلى تطبيق العكس من الحكم الوارد في النص بناءً على اختلاف العلة أو إذا كانت الحالة التي نص عليها المشرع استثناء من القاعدة العامة. قد تكون الترجمة غير دقيقة، لذا يُستحسن الرجوع إلى الصياغة الفرنسية للتأكد من المعنى المقصود للنص. o المصادر التاريخية: تشمل القوانين والأنظمة التي استقى منها المشرع نصوص التشريع،