المبحث الاول :النشأة بدأت الخطوات التنفيذية لفكرة إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربي في مؤتمر القمة الخليجية، لأول مرة، الاتفاق مبدئياً على قيام المجلس على أساس مشاركة الدول الست. وبعد سلسة من الاجتماعات التحضيرية، عقد وزراء خارجية الدول الخليجية الست مؤتمراً في الرياض بتاريخ 4 فبراير 1981، ووقعوا في ختام أعمال ذلك المؤتمر على وثيقة إعلان قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية (أُنظر وثيقة إعلان قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية) وسمات مشتركة، وتقاربها الثقافي والحضاري، كما أكد البيان رغبة هذه الدول في تعميق التعاون، وتطوير التنسيق بينها في مختلف المجالات، وأوضح البيان أن إنشاء مجلس التعاون جاء تمشياً مع الأهداف القومية للأمة العربية، وفي نطاق ميثاق جامعة الدول العربية، ومن جانب آخر، رحبت أغلب الدول العربية والأجنبية بقيام المجلس، فضلاً عن القبول الشعبي الذي لقيته هذه المبادرة، من داخل دول المجلس نفسها. وفي 21 رجب 1401 هـ الموافق 25 مايو 1981 توصّل قادة كل من المملكة العربية السعودية و سلطنة عمان و دولة الإمارات العربية المتحدة و دولة الكويت و دولة قطر و مملكة البحرين في اجتماع عقد في إمارة ابوظبي إلى صيغة تعاونية تضم الدول الست تهدف إلى تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين دولهم في جميع الميادين وصولًا إلى وحدتها، وفق ما نص عليه النظام الأساسي للمجلس في مادته الرابعة، التي أكدت أيضًا على تعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون بين مواطني دول المجلس. وسمات مشتركة، وأنظمة متشابهة أساسها العقيدة الإسلامية، وإيمان بالمصير المشترك ووحدة الهدف، وأن التعاون فيما بينها إنما يخدم الأهداف السامية للأمة العربية ، وبعد أشهر من اندلاع أحداث الربيع العربي أعلن في يوم الثلاثاء العاشر من مايو 2011 في اجتماع المجلس في الرياض الزياني أمين عام المجلس عن الموافقة بضم المملكة الأردنية الهاشمية للمجلس ودعوة المملكة المغربية للإنضمام لمجلس التعاون، المبحث الثاني :الأهداف تحقيق التعاون والتكامل بين دول المجلس في جميع المجالات وصولا إلى وحدتها. توثيق الروابط بين الشعوب. وغيرها من الأنشطة الاقتصادية المختلفة. إقامة مشاريع مشتركة، وتشجيع تعاون القطاع الخاص. وشعار دول مجلس التعاون الخليجي يتكون من اثنين من الدوائر متحدة المركز . على الجزء العلوي من الدائرة الأوسع، تكتب عبارة بسم الله الرحمن الرحيم باللغة العربية وعلى الجزء السفلي اسم المجلس الكامل، أيضا باللغة العربية. تحتوي الدائرة الداخلية على شكل سداسي منقوش يمثل الدول الأعضاء الستة للمجلس. الشكل السداسي معبى بخريطة من الداخل تضم شبه الجزيرة العربية، والتي تظهر مناطق الدول الأعضاء ملونة بالبني وفي الأعلى ستة أعلام لدول مجلس التعاون الخليجي. المبحث الثالث : التدرج في التكامل بين الهدف والواقع : حققت دول مجلس التعاون الخليجي على مدى العقود الثلاثة المنصرمة العديد من الإنجازات الاقتصادية التي أرست دعائم قوية للتكامل الاقتصادي بين دولها، وتمثل الاتفاقية الاقتصادية الموحدة التي اعتمدها قادة دول المجلس في قمتهم الثانية (الرياض 1981م) الإطار التنظيمي لتطبيق التكامل الاقتصادي بين دول وشعوب المنطقة، كما مثلت البرنامج الواسع للعمل الاقتصادي المشترك خلال عقدي الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي. شهدت مسيرة العمل الاقتصادي الخليجي المشترك مع مطلع الألفية الجديدة نقلة نوعية وبمضامين وأهداف تواكب التطورات الاقتصادية على الصعيد العالمي، وذلك باعتماد قادة دول المجلس في قمة مسقط (ديسمبر 2001) الاتفاقية الاقتصادية بين دول مجلس التعاون لتحل محل الاتفاقية الاقتصادية الموحدة التي أقرها المجلس في الرياض عام 1981م. وتشير الاتفاقية الاقتصادية لعام 2001م، في ديباجتها إلى أن الهدف هو تحقيق مراحل متقدمة من التكامل الاقتصادي بين دول المجلس ضمن برنامج زمني محدد، ولتحقيق ذلك تضع الاتفاقية أولويات وأهدافاً لبرنامج العمل الاقتصادي المشترك في مرحلته الجديدة، فهي تخصص الفصول الثلاثة الأولى للاتحاد الجمركي، والاتحاد النقدي والاقتصادي، وهي مشاريع تكاملية واندماجية رائدة تدفع بعجلة التعاون الخليجي إلى الأمام، وفيما يلي استعراض لأهم الإجراءات المتخذة من قبل دول مجلس التعاون لتحقيق التكامل الاقتصادي. أولاً- الاتحاد الجمركي يُعد إنشاء الاتحاد الجمركي في مطلع يناير 2003م، إحدى أهم خطوات التكامل الاقتصادي بين دول المجلس، ويشكل تحولاً نوعياً في العمل الاقتصادي المشترك، لكونه يقوم أساساً على توحيد التعرفة الجمركية، وإزالة معوقات التبادل التجاري، وتوحيد إجراءات الاستيراد والتصدير، ومعاملة المنطقة الجغرافية للدول الأعضاء كمنطقة جمركية واحدة. إلا أنه يُعد اتحاداً متقدماً من الناحية القانونية، حيث تم الاتفاق مسبقاً على أهم عناصره. وقد أعطت الفترة الانتقالية (2003-2009) للدول الأعضاء فرصة للتأقلم مع بعض جوانب الاتحاد الجمركي في المجالات التالية: - استيراد الأدوية والمستحضرات الطبية. - استمرار حماية الوكيل المحلي. - استمرار بعض المهام الجمركية للمراكز الحدودية بين دول المجلس. - التحصيل المشترك للإيرادات الجمركية. ويلاحظ التأثير المباشر لقرار إقامة الاتحاد الجمركي الخليجي في عام 2003م على التجارة البينية الخليجية، التي شهدت تصاعداً ملحوظاً في العام الأول لقيام الاتحاد بلغ ما نسبته 31. 4 في المائة لتحقق معدل نمو سنوي بلغ 25 في المائة خلال الفترة (2003-2009م)، حيث ارتفعت قيمة التجارة البينية من (15) مليار دولار في عام 2002، وهو العام السابق لإقامة الاتحاد الجمركي، إلى (61) مليار دولار في عام 2009، 6 في المائة. ثانياً- السوق الخليجية المشتركة يُعد إنشاء السوق الخليجية المشتركة التي بدأت أعمالها في مطلع يناير 2008م والتي استهدفت تحقيق المواطنة الاقتصادية لكافة أبناء دول مجلس التعاون، من أهم الخطوات باتجاه تحقيق التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي. 1/ التنقل والإقامة: يتمتع مواطنو دول مجلس التعاون بالمساواة في المعاملة من حيث الإقامة والتنقل بين الدول الأعضاء، والذي يتم بالبطاقة الذكية الموحدة التي تستخدم للتنقل وتحقيق أهداف أخرى. ودولة قطر، وتقوم دولة الكويت باستكمال العمل في هذا المجال. وتشير الإحصائيات المتاحة إلى تضاعف أعداد المواطنين الذين يتنقلون بين الدول الأعضاء في المجلس من (4. 5) مليون مواطن في عام 1995م إلى ما يتجاوز (15) مليوناً في 2008م، وهي حركة تعكس ترسيخ الواقع الاقتصادي الجديد لمجلس التعاون، حيث يلعب تنقل الأفراد دوراً محورياً في زيادة الروابط الاقتصادية ودعم السوق الخليجية المشتركة. 2/ العمل في القطاعات الحكومية والأهلية: أكد قرار المجلس الأعلى في الدورة الثالثة والعشرين (الدوحة 2002م)، على تطبيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في مجال العمل في القطاعات الأهلية، وإزالة القيود التي تمنع من ذلك، وذلك في موعد أقصاه نهاية عام 2003م. وتبين البيانات الإحصائية حصول زيادة كبيرة في أعداد مواطني دول المجلس العاملين في القطاع الأهلي بالدول الأعضاء الأخرى، حيث ارتفع العدد من نحو (6000) موظف في عام 1995م إلى نحو (17000) موظف في 2008م. 3/ التأمين الاجتماعي والتقاعد: قرر المجلس الأعلى في دورته الثالثة والعشرين (الدوحة 2002م) أن يتم تطبيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في مجال التأمين الاجتماعي والتقاعد، وإزالة القيود التي قد تمنع من ذلك في موعد أقصاه نهاية عام 2005م. وتظهر البيانات حصول زيادة ملحوظة في عدد مواطني دول المجلس العاملين بالدول الأعضاء الأخرى المستفيدين من نظام مد الحماية، حيث ارتفع عدد المشمولين من مواطني دول المجلس في أنظمة التقاعد بالدول الأعضاء الأخرى من (902) مواطن عام 2005م إلى (3343) مواطناً عام 2008م، 4/ ممارسة الحرف والمهن: أما في ما يتعلق بالمهن، فقد صدر قرار المجلس الأعلى في دورته الحادية والعشرين (المنامة 2000م) بالسماح لمواطني دول المجلس بممارسة كافة المهن، ما عدا ما يندرج منها تحت قائمة الأنشطة الاقتصادية المستثناة الواردة في الفقرة (5) أدناه. 5/ ممارسة الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية: ابتداء من الدورة (3) للمجلس الأعلى (المنامة-نوفمبر 1982م) سُمح لمواطني دول المجلس الطبيعيين والاعتباريين بممارسة عدد من الأنشطة الاقتصادية التي تمت زيادتها بصورة تدريجية في الدورات اللاحقة، ومكاتب استقدام العمالة الأجنبية، والوكالات التجارية. وشهدت السنوات المنصرمة تزايداً ملحوظاً في عدد المستفيدين من هذه القرارات، 6/ تملك العقار: نصت المادة(3) من الاتفاقية الاقتصادية لعام 2001م على المساواة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في تملك العقار، طبقاً لعدد من الضوابط. وتم التخفيف من هذه الضوابط بصورة تدريجية، حيث صدر آخر تنظيم لتملك العقار في الدورة (23) للمجلس الأعلى (الدوحة ديسمبر 2002م) خالياً من معظم تلك القيود. وتشير البيانات الإحصائية إلى تزايد عدد المستفيدين من مواطني دول مجلس التعاون من القرارات الخاصة بالسماح لهم بتملك العقار في الدول الأعضاء الأخرى، حيث بلغ إجمالي عدد حالات شراء العقار نحو (44) ألف عملية شراء حتى نهاية عام 2008م، منها (7359) حالة تملك في عام 2008م. المبحث الرابع :حجم التجارة البينية بين دول الاتحاد : ان التجارة البينية بين دول مجلس التعاون نمت بشكل كبير بعد تشكيل الاتحاد الجمركي وبنسبة بلغت حوالي 8. 9% في العام 2016 مقابل 5. 8 في العام 2003 واضافت الدراسة التي تم عرضها في ورشة عمل أقامها غرفة الشرقية والاتحاد بمقر الغرفة الخميس 1 مارس 2018 تحت عنوان (جهود استكمال متطلبات الاتحاد الجمركي بين دول مجلس التعاون الخليجي . 3% من عام 2001 إلى 2016 إذ ارتفع إجمالي التجارة الخارجية الخليجية في العام 2016 حوالي 894. 5 مليار دولار وقد كان في حدود 234. 3 مليار دولار مقابل 13. 7 مليار دولار في العام 2001. وهو لا يرقى في الوقت الراهن إلى تطلعات قادة وشعوب دول المجلس، مؤكداً أن أمام هذا الوضع، تبرز الحاجة بقوة إلى تكثيف جميع الجهود نحو تحقيق معدلات نمو أكبر للتجارة البينية، ويبلغ مجموع ناتجها الداخلي الإجمالي نحو 1. 590 تريليون دولار في عام 2019. تمثل التجارة البينية للكيانات الإقليمية أحد مظاهر نجاح هذه الكيانات. نجد النسبة في تجمع الآسيان بحدود 25%. تتراوح نسبة التجارة البينية ما بين 8% و10% من إجمالي تجارة الدول العربية مع العالم. ومنذ 1981، شرعت دول الخليج في اتخاذ خطوات عملية في إطار وجود تكتل إقليمي لها، حيث أنشأ اتحاد مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وصيغت آنذاك اتفاقيات اقتصادية من بينها اتفاقية منطقة التجارة الحرة، إلا أن الأمر تطور في 2001 حيث تم تطوير الاتفاقيات الاقتصادية، ليتم التصديق على إتفاقية الاتحاد الجمركي الذي يلزم الدول الأعضاء بوجود تعريفة جمركية موحدة تجاه العالم الخارجي. وفي 2007 تم اعتماد اتفاقية السوق الخليجية المشتركة، التي بموجبها يسمح بحرية انتقال الأفراد والإقامة، وحرية انتقال رؤوس الأموال، وتوحيد قواعد المعاملات الضريبية. نجد أن قيمة التبادل التجاري لدول الخليج مع العالم بلغت نحو 1. 06 تريليون دولار في عام 2019، وأن قيمة الصادرات السلعية لدول الخليج بلغت في نفس العام 609 مليار دولار، بينما بلغت الواردات السلعية 451 مليار دولار. 3 مليار دولار، وهو ما يمثل نسبة 8. 6% من قيمة التبادل التجاري لدول الخليج مع العالم الخارجي، وهي نسبة مماثلة أو قد تتطابق مع نسبة التجارة البينية للدول العربية مع العالم الخارجي. والجدير بالذكر أن التجارة البينية بين دول الخليج في 1983 بلغت 6 مليارات دولار، وفي 2017 بلغت نحو 133 مليار دولار، ثم البحرين بنسبة 7. 4%. ،وبطبيعة الحال، كنتيجة طبيعية للأزمة الخليجية التي بدأت منذ منتصف عام 2017، وانتهت في مطلع عام 2021، إلا أن ارتفاع نصيب الإمارات من التجارة البينية الخليجية يرجع لنشاط إعادة التصدير الذي توليه الإمارات اهتمامًا كبيرًا في تجارتها الخارجية بشكل عام. المبحث الخامس :معوقات الاتحاد الجمركى لدول مجلس التعاون الخليجي الحديث عن الاتحاد الخليجي جميل جدا، يتساوى مع جمال وبراءة وحسن النوايا وصدقها. إلى درجة أن الحديث ذاته عن الاتحاد الخليجي برمته، وبشكل شامل، بات ضربا من الخيال في الوقت الحاضر ومنذ أن انطلق مشروع الاتحاد الخليجي ومنظومة مجلس التعاون والشعوب تترقب يوم الاتحاد الخليجي، ولكن الأيام والتحديات والتطورات باعدت بين ذلك كثيرا. الاتحاد الجمركي الخليجي أحد أشكال الاتحاد الخليجي، وتم إقرار قيامه في ديسمبر 2002م، كما تم إقرار الإجراءات والخطوات التي اتفقت عليها لجنة التعاون المالي والاقتصادي (وزراء المالية والاقتصاد في دول المجلس) لقيام الاتحاد الجمركي لدول المجلس. وخلال تلك السنين حتى عام 2019 فلا تزال هناك العديد من المعوقات في عمل هذا الاتحاد، وهي تكدس الشاحنات، والقيود البيروقراطية، وتقييم البضائع وبطء الإجراءات الإدراية ومعاملات التفتيش، التخليص الطويلة أدى إلى تأخير وصول البضائع وزيادة تكلفة النقل، فضلا عن إمكانية تعرض البضائع سريعة التلف إلى الفساد كمنتجات الألبان والمواد الغذائية، كما أن اختلاف المواصفات والمقاييس للسلع الوطنية يضع مزيدا من القيود على استيراد المنتجات بين دول المجلس، مما يؤثر على القدرة التنافسية للمنتجات الوطنية في الأسواق الخليجية. يعتبر الاتحاد الجمركي أحد أهم الإنجازات الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي، كما أنه يعتبر التجربة العربية الوحيدة الناجحة في هذا المجال، حيث أدى تطبيقه منذ يناير 2003 إلى تسهيل انتقال السلع والخدمات بين دول المجلس وتنمية التبادل التجاري فيما بينها. مع ذلك تضمن الاتفاق الخاص بالتعرفة الجمركية الخليجية الموحَّدة ثغرات سمحت لسلطات الجمارك الحدودية بعرقلة انسياب تدفق الواردات والسلع الأجنبية بين هذه البلدان دون الحاجة لجمركتها أو ما يسمى بنقطة الدخول الواحدة. على الرغم من مرور أربع سنوات تقريباً منذ بدء العمل باتفاقية الاتحاد الجمركي، إلا أن موظفي الجمارك في دول المجلس لا زالوا يطالبون بشهادات صادرة عن الهيئات المعنية للتأكد من أن هذه السلعة الأجنبية أو تلك قد دخلت إحدى دول المجلس بعد يناير 2003، وليس قبله حتى لا يتم فرض رسوم جمركية عليها. المعروف في عالم التجارة والأعمال أن السلع المخزَّنة لفترات طويلة تحمِّل التجار تكاليف إضافية قد تكون باهظة في بعض الأحيان، لذلك ليس من الحكمة أن يحتفظ التاجر بسلعة معينة لمدة أربع سنوات و على العكس من ذلك، فإننا نرى كثافة الإعلانات قرب نهاية كل عام، وبالأخص في دول مجلس التعاون الخليجي التي تتميز بنشاط حركتها التجارية، حيث يحاول التجار والوكلاء التخلص من مخزونهم من السلع عن طريق التخفيضات والتسهيلات التمويلية استعداداً لعام جديد وسلع جديدة أكثر قبولاً وتطوراً. لا نعرف على وجه التحديد ما إذا كانت هذه الحقيقة غائبة عن رجال الجمارك في دول المجلس أم أن إجراءات ما قبل الاتحاد الجمركي لا زالت سائدة وتتحكم في انتقال السلع الأجنبية بين دول المجلس على اعتبار أن انتقال السلع الوطنية المنتجة محلياً يتم وفق اتفاق إقامة منطقة للتجارة الحرة بين هذه البلدان والمطبَّق منذ 1985. وإذا ما استمر العمل في دوائر الجمارك بهذا الأسلوب وبهذه القيود التي لا تتناسب مع الواقع العملي، فإن المخاوف هنا تكمن في إمكانية انعكاساتها السلبية على مجالات العمل والتعاون الاقتصادي الأخرى بين بلدان المجلس، خصوصاً وأن هناك خطوات كبيرة ينتظر استكمالها وتطبيقها في السنوات الثلاث القادمة، وبالأخص إصدار العملة الخليجية الموحدة. لقد حققت دول المجلس خطوات مهمة في كافة المجالات، وإن بإمكانها تخطي هذه القضية الخاصة بطلب شهادة دخول السلع بعد يناير 2003 وفتح الأسواق الخليجية بصورة كاملة والعمل بنقطة الدخول الواحدة قبل الانتقال إلى أشكال أرقى من التعاون وإقامة السوق الخليجية المشتركة، كما هو مدرج على البرنامج الاقتصادي لدول المجلس. اتخاذ مثل هذه الخطوة بحاجة إلى تحرك سريع من الأمانة العامة لدول المجلس ومن وزارات الاقتصاد والتجارة لتجاوز هذه العقبة وإلغاء هذا البند الخاص بشهادة ما بعد يناير 2003، إذ أنه بعد أربع سنوات من الأخذ بالتعرفة الجمركية الخليجية المُوحَّدة أصبح هذا البند لاغياً من تلقاء نفسه بحكم الزمن وإن التمسك به مجرد إجراء روتيني يساهم في عرقلة تنفيذ أمور أخرى أكثر أهمية. جانب آخر من هذه القضية المهمة وهو أن رجال الجمارك في التكتلات الاقتصادية في العالم، بما فيها التكتل الخليجي بحاجة لدورات تدريبية عند اتخاذ أية خطوة كبيرة، كإقامة منطقة للتجارة الحرة أو اتحاد جمركي حتى يصبح مراقبو الجمارك على إلمام تام بالاتفاقيات والتعامل معها بصورة مرنة وبعيداً عن التعقيدات والتطبيق الحرفي.