العرف العشائري جزء من تراثنا وثقافتنا، وخصالنا الحميدة وصفاتنا النبيلة. حيث يبادر بالتدخل لفض الخلافات والنزاعات بالحلول الودية المبنية على الصلح والتصالح والتراضي وبذلك يبقي على أبواب المودة والاحترام وتبادل الطيبات بين الفرقاء المتنازعين مفتوحة. فيتم التواصل وتجاوز الخلافات، خاصة إذا كانت هناك مواقف كريمة من التسامح والصفح والعفو، وهي مواقف نابعة من الهمم العالية والشهامة التي ترتقي بصاحبها عن الصغائر، وردات الفعل الحمقاء التي تنبع من الأفق الضيق والطباع غير السوية.إن التسامح والصفح يتركان أثراً طيباً في نفس الطرف الآخر، وهما محل تقدير واحترام يؤدي الى الألفة والطيب الذي يقابل عادة بالشكر لمن تسامح أو عفا فيما هو حق له.وعلاوة على أن العرف العشائري موروث ثقافي من الصعب التخلي عنه ونزعه من سلوكنا، لما له من آثار إيجابية ملموسة في حياتنا اليومية فإن التعامل من خلاله يحفظ الكرامة أولاً والحق ثانياً ويمكن إنجاز قضاياه في وقت أقصر نسبياً مقارنة مع القانون ، وبذلك لا يدع مجالاً لتراكم الأحقاد، فيسهل إعادة الألفة الى سابق عهدها،ونظراً للظروف التي عصفت ببلادنا (فلسطين) من استعمار واحتلال، فأقل ما يقال فيهما في هذا المجال أنهما غير معنيين بوحدتنا الوطنية ولا بالألفة فيما بيننا، بل أنهمااستغلا تناقضاتنا ووظفاها لصالحهما انطلاقا من سياسة فرق تسد)ونظراً لعدم تطبيق الشرع إذ أنه يقتصر على مجالات معينة ثم لعدم سيادة وفاعلية القانون الأسباب متعلقة بظروف الاحتلال أثرت سلباً على قدرة الدولة في بسط نفوذها وسلطتها ، ومع أن كلا من الشرع والقانون لا يتدخل إلا إذا تقدم المتضرر بشكوى لرفع الضرر عن نفسه، ورغم أنهما مدعومان بسلطة الدولة إلا أن أهم ما يؤخذ عليهما من سلبيات في التطبيق أنهما يستغرقان وقتاً طويلاً في التقاضي وفي تنفيذ قرارات القضاء وبذلك تطول فترة حل النزاعات وإيصال الحقوق إلى أصحابها ما قد ينجم عنه تراكم الأحقاد. إضافة إلى تقويض الثقة في القانون و الأجهزة الرسمية ذات العلاقة.كل ذلك ترك فراغاً وخللاً في علاقاتنا، أوجب على العقلاء من أهلنا الكرام، القيام بدورهم لإصلاح ذات البين من خلال العرف العشائري، وكان لهم في كثير من المواقف فضل القيام بذلك الواجب على ما يرام. وأحمدوا نار الفتنة فأرسوا بذلك لأنفسهم وللعرف العشائري، دوراً فاعلاً إيجابيا، كنا وما زلنا في حاجة ماسة إليه.