يشكل مشروع قانون التحكيم والوساطة الاتفاقية في الفترة الراهنة أحد أهم الدعائم الأساسية للاقتصاد ببلادنا، خصوصا في مجال جذب الاستثمار الأجنبي وتشجيعه من خلال العمل على توفير بنية قانونية قادرة على الاستجابة لرهان الملائمة للمستجدات التي أصبحت تعرفها التجارة الدولية. بل أتى كنتيجة حتمية للعديد من المحطات الأساسية التي ساهمت بالأساس في رسم واغتناء الأبعاد القانونية لهذا المشروع، بدءا من الشكل النظامي الذي كان عليه أول مرة في ظل قانون المسطرة المدنية لسنة 1913 ، قبل أن تتعرض أحكام هذا الأخير إلى النقد بسبب عدم انفتاح أحكامه بما فيه الكفاية على التحكيم الدولي، لذا أضحت ملائمة التشريع المغربي في مجال التحكيم مع المبادئ الدولية في التحكيم ضرورة ملحة استلزمت معها إصلاحا تشريعيا عجل بصدور قانون رقم 05-08 المغير بموجبه الباب الثامن من القسم الخامس من قانون المسطرة المدنية، والذي أتى بهدف تزويد المنظومة القانونية المغربية بالأدوات الضرورية لتطبيق القرارات التحكيمية وإدخال شكل جديد من التسوية البديلة للنزاعات وهو الوساطة الاتفاقية . لكن نظرا للتطور الاقتصادي الكبير والسريع الذي أصبحت تعرفه بلادنا في السنوات الأخيرة، بشكل أضحت معه ضرورة ملائمة المقتضيات القانونية للتحكيم مع المستجدات التي أصبحت تعرفها التجارة الدولية أمرا ملحا، وكذا بالنظر للعديد من المرجعيات الأساسية التي تشكل خريطة الطريق ونقطة انطلاق من بينها التعليمات الملكية السامية الواردة في الخطاب الملكي ليوم 20 غشت 2009 ، والذي أكد فيه جلالته على ضرورة تطوير الطرق القضائية البديلة كالوساطة والتحكيم والصلح، أضف إلى ذلك التوصيات التي خلص إليها ميثاق إصلاح منظومة العدالة بخصوص تشجيع اللجوء إلى الوساطة والتحكيم والصلح لحل النزاعات، من أجل الانفتاح على مشروع قادر على تحقيق طموحات المستثمر الأجنبي وكذا تشجيع الاستثمار الأجنبي .