عبير الهولي أن عملية التعليم في الكويت تحتاج إلى إصلاح جذري تبدأ من مرحلة رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية التي تعتبر بوابة التعليم في أي من دول العالم. أن سوء التخطيط وقدم الاستراتيجية التعليمية في البلاد أديا إلى مشاكل عديدة في التعليم، واضعة يدها على مكامن الخلل التي أدت إلى تدني مستوى الطلبة الكويتيين في الاختبارات الدولية ومنها التوقيت الدراسي والاعتماد على الحفظ والتلقين وايلاء الأهمية للمواد التراثية على حساب المواد العلمية وغيرها من القضايا التي تستوجب الحل بشكل سريع. بداية كيف تصنفين التعليم في الكويت مقارنة بالعالم؟ ٭ أنا أرى أن تعليمنا مصاب بسوء التخطيط وقدم العلم واستراتيجياته ما تسبب في خلق صور مكرره لمتعلمين اتكاليين مستهلكين للموارد غير منتجين، لمتعلم حفظ المعلومة لم يحللها الى اجزاء لم يفهمها ويطبقها ويبدع في اعادة صياغتها بمشروع او اختراع يفيد به امته، فمناهجنا مبنية على أهداف سلوكية دنيا تركز على ان يعرف المتعلم ويعدد ويسمي ولا ترتقي الى التحليل والتركيب والتطبيق والتقويم والإبداع في حين الدول المتقدمة مناهجها بنيت على معايير تعليمية تحتوي على المعرفة والمهارة ومؤشرات أداء المهارة ويقيم المتعلم على قدرته في توظيف المعرفة في تعاملاته اليومية. إصلاح وتصوير التعليم تطالبين بإصلاح التعليم بينما يقول البعض إن التعليم يحتاج إلى تطوير، فما الفرق بين تطوير التعليم وإصلاح التعليم؟ ولكن إذا كان ما هو قائم وموجود قديما متهالكا نلجأ الى الإصلاح لنعالج ومن ثم نطور، وتكشف مواطن الخلل من سنوات سابقة وتستدعي خطوات إصلاحية مستخدمة دراسات في الميدان التربوي تتحول الى مشاريع تطبق وتنقلنا الى خطوات إصلاحية أخرى، ماذا يعرقل عملية الإصلاح برأيك؟ وتضخم الهيكل التنظيمي للمنظومة التعليمية مع تداخل الاختصاصات والمسؤوليات ما ينتج عنه تصادم وظيفي في مستوى القيادات العليا والوسطى مما يعرقل العمل التربوي التعليمي، رسالة أم استرزاق؟ تقولين في دراساتك ان من المعوقات لاصلاح مهنة التعليم عدم التفريق بين كونها رسالة ام استرزاق؟ ٭ نعم، فالدول الجادة في الإصلاح التعليمي تعلن عن هدف أعلى تضمن قياسه لصالح المتعلمين، وإنه بعد ثماني سنوات ستكون نتائجهم تعادل سنغافورة أو اليابان أو فنلندا، وتحقيق ذلك ممكن إذا اصبحت مهنة التعليم في الكويت رسالة نستطيع من خلالها خلق مجتمع مثقف متعلم قادر على تحمله مسؤوليته والارتقاء والانتاج والمنافسة وليس استرزاق، فعلى الحكومة وحدها تحمل مسؤولية إطعام المجتمع. عدد الأيام الدراسية وما مبررات الإصلاح برأيك وأين يكمن الخلل في العملية التعليمية؟ وما النتائج السلبية التي ظهرت بسبب هذا التقليص في عدد الأيام الدراسية؟ ٭ النتائج السلبية كثيرة وأبرزها تدني مستوى الطلبة الكويتيين في الاختبارات الدولية TIMSS التي تقيس قدرة الطالب على التحليل والتفسير وحل المشكلات، فقد حصلنا على المراكز الأخيرة في العلوم للصف الثامن 38 من 49 دولة للصف الرابع 32 من 36 دولة والرياضيات الصف الثامن 44 من 48 دولة والصف الرابع 34 من 36 دولة، كما أن أكثر من 54% من المتعلمين الكويتييين يلجأون الى الدروس الخصوصية، ناهيك عن ظاهرة الأبحاث الجاهزة وهذا يخص إخفاق المعلم لأنه على دراية تامة بأن البحوث تشترى من مراكز الطالب وأن الطالب لم يبذل اي مجهود ذهني، بالاضافة الى الخلل في توازن المقررات الدراسية لصالح مجموعة المواد الدراسية التراثية (التربية الاسلامية واللغة العربية) والمواد الاجتماعية والايديولوجية (تاريخ وجغرافيا وتربية وطنية) على حساب مجموعة المواد العلمية والتكنولوجية (العلوم والرياضيات وتكنولوجيا المعلومات) بنسبة 60% من حجم الزمن التدريسي للتعليم العام مقابل 40% فقط للمواد العلمية والتكنولوجيا وهذا الخلل في الزمن الدراسي لمصلحة الحفظ والتلقين مقابل ضعف مستويات التفكير المنطقي والتحليل والإبداع والإنتاج وبالتالي ضعف مخرجات التعليم بشكل عام والتخلف عن ركب التقدم العلمي والحضارة العلمية. ولكن هل تكمن المشكلة فقط بقصر العام الدراسي أم أن هناك أمور أخرى تستوجب الاصلاح؟ فهناك 2841 معلما فائضا في رياض الأطفال وتقريبا نفس العدد في تخصص التربية البدنية، كما أن المعلم يعاني من ضعف تأهيله في برنامج ما قبل الخدمة، قلة وعدم كفاءة تدريبه ما بعد الخدمة لصقل مهاراته التعليمية والتقويمية، ٭ أنا أجد أن دور وزارة التربية والمدير في المدرسة أصبح أشبه بالشرطة او رجل الإطفاء لحل المشكلات اليومية كعدد المتسربين والعنف وغيرها بدلا من وضع رؤى إصلاحية تربوية تدعم وتخلق مناخا تعليميا ثريا بالخبرات التعليمية والاجتماعية، تقولين إنه يجب اصلاح التعليم وما إلى ذلك إلا أننا بالمقابل نجد نتائج نجاح مرتفعة جدا في الامتحانات الثانوية، حيث تعطى للطالب درجات لا يستحقها نتيجة مباشرة لعجز المدرس، وينكشف مستوى الطالب عند أول اختبارات حقيقية للقبول في الجامعات والكليات أو لطلبة البعثات تظهر قدراتهم الفعلية مما يقودهم إلى الإحباط والفشل وتحطيم طموحاتهم، وبرأيك كيف يمكن أن تبدأ عملية الإصلاح وماذا يجب أن تطول؟ ويجب ان يطول كل مكونات المؤسسة التعليمية ومجالاته، كما يجب تقنين الصرف على التعليم ليتناسب مع جودة المخرجات، كما يقتضي الاصلاح تفويض السلطـــة والصلاحيــــات مع تعميق مبدأ المحاسبة والمساءلة والثواب والعقاب وربطها بالنتائج والإنجازات وتطهير المدارس من ظواهر العنف والمخدرات والطائفية والقبلية وتعزيز الانضباط المدرسي من أجل خلق بيئة تعليمية آمنة، بالاضافة إلى ضرورة تمهين التعليم وفرض رخصة لمهنة التعليم بعد العمل على تطوير برامج إعداد المعلم واعتمادها أكاديميا وبرامجها عالميا مع تطوير آليات وبرامج التدريب المستمر للمعلم أثناء الخدمة، وكذلك يجب تسخير تكنولوجيا المعلومــــات والاتصـــالات والشبكات العنكبوتية ومصادر التعلم الحديثة داخل المنظومة التعليمية فنيا وإداريا. المرحلة الابتدائية وأي المراحل برأيك هي الأهم التي يجب أن تطولها عمليات الاصلاح؟ تأسيس العلوم والمهارات الأساسية كالقراءة، بمعنى آخر إذا كانت المناهج عقيمة وتفرض الحفظ والتلقين وتستخدم نظام اختبارات تقيس فيه قدرة المتعلم على الحفظ من الطبيعي انها في الوقت نفسه تتسبب في تراجع ملكات التفكير عند المتعلم وتظلم قدراته بل تقتل استعداده للتعلم. وما أهم البرامج التي تساهم في تكوين معارف الطفل في هذه المرحلة وفق البرامج العالمية؟ وأفضل ما يفعله المخ البشري هو التعلم، فالعلم يجسد المعرفة العلمية والمجتمع والتقنية والهندسة والرياضيات وهي تهيئة بيئة تعلم ممتعة وورش عمل لتشجيع الابتكار، والتقنية هي التطبيق العملي للمعرفة، واشير هنا إلى أن المرحلة الابتدائية في دول العالم مرتبطة بمرحلة رياض الأطفال ومهيأة لها والدراسات أثبتت ان كل دولار ينفق على التعليم في الطفولة المبكرة يعود بواقع 4 ـ 6 دولارات مستثمرة. ترجع أسبابها إلى تدني وعى أولياء الأمور بأهمية هذه المرحلة المهيئة للتعليم الالزامي، وذلك بسبب أهمية الرياض وإهمال ولي الأمر والتكلفة الباهظة، اذ يجب التدرج وذلك بإلزام مرحلة رياض الأطفال للمرحلة الابتدائية، بسبب أن بعض التلاميذ في الصف الخامس والسادس الابتدائي يبلغ مرحلة البلوغ مبكرا او بسبب الرسوب المتكرر. وما أبرز خطوات المقترح وعلى ماذا يقوم؟ ٭ بداية، يجب إعادة تنظيم السلم التعليمي للمرحلة الابتدائية بحيث يشتمل على مرحلتين: المرحلة الابتدائية الدنيا وتشمل مرحلة رياض الأطفال الى الصف الثالث الابتدائي يدرس فيها المعلمات ويخصص الطابق السفلي من كل مدرسة ابتدائية لمرحلة الروضة وهي سنة واحدة فقط. ومساعدة طفل الروضة على الانتقال إلى مرحلة التعليم الالزامي بسلاسة، والتنسيق،