ففرغ الشاعر إلى نفسه يتفحصها ويتبين خفاياها ، بل صار فنا مستقلاً بنفسه له اتباع تخصصوا به ووقفوا عليه شعرهم، ولم يبق مقصورا على الوصف المادي بل أضيف إليه شيء جديد ينبعث من الروح وهو وصف العواطف والأهواء وما يتصل بها من التأثرات النفسية. على أن هذا الفن بقي محصورا في الجزيرة العربية لبعدها عن سياسة 10 الأحزاب في الشام والعراق ، وانقسم إلى نوعين، وكانت مواطنهم في بوادي نجد والحجاز - وهم في غزلهم لا يشببون إلا بامرأة واحدة يحبونها حبا صادقا عفيفا. وأكثر ما يطيب لهم وصف ما يلاقون من ألم 15 البعد ومرارة الهجران والصدود ولكن هؤلاء المتيمين ليست لهم خصائص متميزة في شعرهم، فقد تغزلوا كلهم بأسلوب واحد وتواطؤوا على المعاني والألفاظ في بث لواعجهم ووصف خليلاتهم واختلطت أقوالهم ببعضها، واخترعت أخبار عنهم تناسب هذه الأشعار فيها كثير من الغلو والتناقض ولكنها تلتقي جميعا في موقف واحد وهو أن الشاعر أحب 20 فتاة فشبب بها ، ثم خطبها إلى أهلها فردوه مخافة التعيير لاشتهار حبه لها وقوله فيها، وتفننوا في أساليبهم فأبدعوا ولاسيما أسلوب الغزل القصصي،