تمارس الإدارة نوعين من الأعمال لأداء النشاطات المنوطة بها تختلف في طبيعتها ووصفها القانوني، وهي أعمال مادية وتصرفات قانونية، وهذه الأخيرة يراد بها تلك الأعمال التي تجريها الإدارة بقصد إحداث آثار قانونية، إما إنشاء أو تعديلا أو إلغاء المراكز قانونية قائمة والتصرفات القانونية التي تقوم بها الإدارة تتخذ مظهرين، يتمثل الأول في تصرفات تقوم بها الإدارة من جانب واحد وبإرادتها المنفردة وهي القرارات والأوامر الإدارية، وحماية النظام العام.والمظهر الثاني يتمثل في الأعمال القانونية الصادرة عن الإدارة بالاشتراك مع بعض الأفراد، أو بين هيئات الإدارة أو بينها وبين أشخاص اعتبارية أخرى، حيث تتوافق الإرادتان وتتجهان نحو إحداث أثر قانوني معين، بإنشاء التزام أو تعديله أو إلغائه في ظل ما يسمى بعقود الإدارة.بحيث تلجأ الإدارة إلى إتباع هذا الأسلوب عندما يعجز أسلوب القرارات الإدارية عن الوفاء ببعض أهدافها في إشباع الحاجات العامة، خاصة بعد إتباع وظيفة الدولة المعاصرة وتشعب مسؤولياتها وتحقيق أهداف الدولة في مختلف الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومن المعروف أن العقود التي تبرمها الإدارة لا تخضع جميعها لنظام قانوني واحد، فهناك عقود الإدارة الخاضعة لنظام القانون الخاص الذي يحكم عقود الأفراد، وتلجأ الإدارة إلى إبرام هذا النوع من العقود عندما تقرر أن إتباعها أسلوب القانون الخاص يكفي لتحقيق أهدافها، وتظهر بمظهر الشخص العادي في التعاقد مع الأفراد مجردة من امتيازات السلطة العامة. ونجد ما يعرف بالعقود الإدارية أين تظهر الإدارة بوصفها سلطة عامة، فتختلف عقودها هذه عن العقود السابقة التي تتم بين الأفراد وتحكمها قواعد القانون الخاص. ومن ثم يظهر الفرق بين عقود الإدارة contrats d'administration. Les contrats administratifs والعقود الإدارية فعقود الإدارة تتضمن جميع العقود التي تبرمها الإدارة سواء كانت إدارية أو مدنية، في حين لا ينطبق اصطلاح العقود الإدارية إلا على تلك التي تظهر الإدارة فيها مرتدية رداء السلطة العامة فتتمتعبحقوق وامتيازات لا يتمتع بمثلها المتعاقد معها، وذلك بقصد تحقيق نفع عام أو مصلحة مرفق من المرافق العامة، ومن هنا تظهر بجلاء أهمية هذه العقود كأداة لأداء نشاطات الإدارة.والجدير بالذكر أن نظرية العقد الإداري يرجع الفضل في إبرازها وتأسيس أركانها إلى القضاء الإداري، خاصة قضاء مجلس الدولة الفرنسي الذي أرسى المبادئ والقواعد التي تحكم العقود الإدارية، وأن المشرع لم يقم إلا بدور تكميلي لهذه النظرية القضائية.ومن جهة أخرى حرصت التشريعات المقارنة على وضع تنظيمات قانونية لأهم العقود التي تبرمها الدولة ومختلف إداراتها العمومية، حماية لها من كل أشكال الفساد وضمان فعاليتها في تحقيق الأهداف المرجوة من إبرامها لتحقيق المصلحة العامة، ومنها عقود الصفقات العمومية التي تعتبر أهم أدوات إشباع الحاجات العامة وتحقيق النفع العام، وسير المرافق العامة بانتظام واضطراد.وعلى ذلك عمل المشرع الجزائري منذ الاستقلال على إحاطة الصفقات العمومية بالتنظيم القانوني، من أجل ضمان استخدام هذه الآلية الأساسية في تنفيذ وإنجاز الأهداف المسطرة من قبل الإدارة، وأداء خدماتها على الوجه الحسن. وهو ما حرص على تجسيده في التنظيم الجديد للصفقات العمومية المتمثل في القانون رقم 23-12 المؤرخ في 5 أوت 2023، يحدد القواعد العامة المتعلقة بالصفقات العمومية ، والذي سبقه المرسوم الرئاسي رقم 15-247 المؤرخ في 16 سبتمبر 2015 يتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام.