عصر النهضة توضّح لوحة الرجل الفيتروفي لليوناردو دا فينشي تأثير مؤلفي العصور القديمة على مفكري عصر النهضة. اللوحة مبنية على المواصفات المذكورة في سلسلة كتب دي أركيتيتورا للروماني فيتروفيو (القرن الأول قبل الميلاد)، حاول دا فينشي رسم إنسان بأطراف وأبعاد متناسبة. عصر النهضة (بالإيطالية: Rinascimento)‏[1] هو عبارة عن حركة ثقافية استمرت تقريبا من القرن الرابع عشر الميلادي إلى القرن السابع عشر. وكانت بدايتها في أواخر العصور الوسطى من إيطاليا ثم أخذت في الانتشار إلى بقية أوروبا. على الرغم من توافر الورق واختراع حروف المونوتيب التي ساهمت في سرعة انتشار الأفكار أواخر القرن الخامس عشر، إلا أن تغييرات عصر النهضة لم تنتشر بشكل موحد في جميع أنحاء أوروبا. شهد عصر النهضة بوصفه حركة ثقافية ازدهاراً في الأدب باللغات المحلية وابداعا في الأدب اللاتيني بدءاً من القرن الرابع عشر، ونهضةً في التعلم المعتمد على المصادر الكلاسيكية، والتي يعزو المعاصرون فضلها إلى بيترارك، وتطور الرسم المنظور والتقنيات الأخرى لجعل الرسم أكثر واقعية وطبيعية، والإصلاح التعليمي الذي كان متدرجاً لكن على نحو منتشر. سياسياً، ساهم ظهور عصر النهضة في تعدد المعاهدات الدبلوماسية بين الدول. أما في مجال العلوم فكان التحول إلى الاعتماد على الملاحظة. يرى المؤرخون أن هذا الانتقال الفكري كان جسراً بين العصور الوسطى والعصر الحديث. ورغم أن عصر النهضة شهد انقلابات في العديد من الممارسات الفكرية واضطرابات سياسية واجتماعية كذلك، إلا أنه امتاز بالتطورات الفنية واسهامات المثقفين مثل ليوناردو دا فينشي ومايكل آنجلو، الذي ابتكر عبارة رجل عصر النهضة. 2][3] هناك إجماع على أن عصر النهضة بدأ في فلورنسا بإيطاليا في القرن الرابع عشر. 4] اُقترحت العديد من النظريات التي تفسر أصوله وخصائصه، مع التركيز على عدد من العوامل بما فيها الخصائص الاجتماعية والمدنية لمدينة فلورنسا في ذلك الوقت وتركيبتها السياسية وسيطرة عائلة ميديشي الفلورنسية ذات النفوذ، 5][6] وهجرة الباحثين في الدراسات اليونانية ومعهم النصوص اليونانية إلى إيطاليا بعد سقوط القسطنطينية على يد الأتراك العثمانيين. 7][8][9] لعصر النهضة تأريخ طويل ومعقد، وبالإضافة إلى نزعة الشك الشائعة لدى المؤرخين حول تقسيم التاريخ إلى عصور منفصلة وواضحة، والتساؤل عن فائدة عصر النهضة كمصطلح وكتصوير تاريخي. 10] لاحظ مؤرخ الفن اروين بانوفسكاي هذه المقاومة تجاه مفهوم عصر النهضة: ربما ليست مصادفةً أن حقيقة عصر النهضة الإيطالية كان مشكوكاً بها بشدة من الذين لم يكونوا ملزمين بالاهتمام مهنياً بالنواحي الجمالية للحضارة- مؤرخي التطور الاجتماعي والاقتصادي، والأوضاع الدينية والسياسية، وخصوصاً العلوم الطبيعية- لكن على نحو استثنائي من طلاب الأدب وعلى نحو غير محتمل أبداً من مؤرخي الفن. 11] يتساءل البعض عمّا إذا كان عصر النهضة يشكل "تقدماً" ثقافياً عن العصور الوسطى، 12] بينما يركز المؤرخون الاجتماعيون والاقتصاديون -المتأثرون باتجاه "الأمد الطويل"- بشكل خاص على الاستمرارية بين العصرين[13] والتي "مربوطةً بألف رابط" كما لاحظ بانوفسكاي. 14] كلمة النهضة امتدت أيضا إلى الحركات التاريخية والثقافية،