وينصرف مصطلح الشعب إلى سكان الدولة من حاملي جنسيتها ، ولا يشترط لتوافر هذا الركن عدد معين من الأفراد ، وعلى سبيل المثال إن عدد سكان الصين الشعبية ناهز المليار وربع المليار تقريبا ، وشارف عدد سكان الهند على بلوغ المليار ، في حين لا يقطن دولة الفاتيكان إلا عشرة آلاف نسمة تقريبا . وعدم تحديد الحد الأدنى لعدد السكان لا يعني قيام هذا الركن مع أي عدد من الأفراد ، على ذلك نرى إن العدد الذي يتحقق به هذا الركن ، هو العدد الذي يكون قادرا على النهوض بمستلزمات الدولة المختلفة ، فزيادة عدد السكان عنصر قوة للدولة في الجانب العسكري ، إذا كانت الدولة محدودة الإمكانات الاقتصادية ، كما في الهند وروسيا الاتحادية مثلا ، ويسري ذات الحكم على قلة عدد السكان ، إذ قد يكون شعب الدولة منتميا لأمة واحدة ، ولابد من التمييز بين شعب الدولة وسكانها ، فشعب الدولة هم الأفراد الذين يتمتعون بجنسية الدولة بغض النظر عن محل إقامتهم سواء أكانوا مقيمين في إقليم الدولة أو خارجه ، في حين ينصرف معنى سكان الدولة إلى الأفراد المقيمين على إقليم الدولة من حاملي جنسيتها ومن رعايا الدول الأخرى . الشعب بمفهومه الاجتماعي والسياسي ينصرف مفهوم الشعب بمفهومه الاجتماعي إلى الأفراد الخاضعين السلطة الدولة والمتمتعين بجنسيتها ، بغض النظر عن جنسهم وسنهم وثقافتهم ومدى التمتع بالحقوق المدنية والسياسيةاد في حين ينصرف معنى الشعب بمفهومه السياسي ، إلى المواطنين الذين يحق لهم المشاركة في الحياة السياسية للدولة وفي تسيير شؤونها ، وتطور هذا المصطلح في القرن الثامن عشر حيث أصبح واقعا اجتماعيا وسياسيا ثم انتقل إلى الدولة ، وهذا ما أدى إلى اندماجالمفهومين في أثناء قيام الثورة الفرنسية ، حيث أصبح يقال الدولة الفرنسية أو الأمة الفرنسية . الذي قضى على كل العوامل المادية والسياسية التي كانت تربط القبائل والشعوب ، وأصبح المحدد الوحيد للانضمام للأمة الدين الحنيف ، وكثيرا ما يكون الشعب جزءا من أمة موزعة بين عدة دول كما في الشعب العربي الموزع بين (۲۲) دولة ، وقد يكون شعب الدولة خليط من عدة قوميات ، ويذهب أنصار هذه النظرية إلى أن اللغة والأصل المشترك هما العنصران الأساسيان لقيام الأمة إذ يخلقان الشعور لدى الأفراد بأنهم يتميزون عن غيرهم مما يولد لديهم الرغبة في العيش المشترك ، وهذا الشعور هو الذي جمع سكان الألزاس واللورين وتأثر بهذه النظرية العديد من الشعوب ، كالشعب الايطالي والبولندي كما تأثر بها شعوب الدول الأوربية حديثة النشأة ، إن اللغة والأصل المشترك عنصران هامان في تكون الدولة ، إلا أنهما ليسا العنصران الوحيدان لتكوينها هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى ظهرت عدة دول تتكلم عدة لغات ، فالأمة السويسرية مثلا تتكلم الألمانية والفرنسية والايطالية والرومانشية . ومثلها الأمة البلجيكية التي تتكلم الفرنسية والفلامندية ، هذا إضافة إلى أن هناك دول تتكلم لغة واحدة انفصلت عن بعضها وكونت دول مستقلة كما في دول أمريكا اللاتينية التي انفصلت عن أسبانيا والبرتغال . إن اللغة والأصل المشترك عنصران هامان في تكون الدولة ، إلا أنهما ليسا العنصران الوحيدان لتكوينها هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى ظهرت عدة دول تتكلم عدة لغات ، فالأمة السويسرية مثلا تتكلم الألمانية والفرنسية والايطالية والرومانشية . ومثلها الأمة البلجيكية التي تتكلم الفرنسية والفلامندية ، هذا إضافة إلى أنهناك دول تتكلم لغة واحدة انفصلت عن بعضها وكونت دول مستقلة كما في دول أمريكا اللاتينية التي انفصلت عن أسبانيا والبرتغال . النظرية الماركسية : تقوم هذه النظرية في أساسها على العامل الاقتصادي ، ونرى إن العامل الاقتصادي ، عدم جواز الفصل بين الملك والدولة ، تم فصل الملك عن الدولة ، ووضعت الأمة مكان الملك استنادا لمبدأ سيادة الأمة ، وظهرت الفكرة القائلة بأن الدولة هي الأمة ، وسادالاعتقاد بأن الأمة هي التي تكون الدولة باعتبارها صاحبة السلطة والسيادة . إلى أن الأمة هي ركن من أركان الدولة ، بحيث لا توجد دولة حيث لا توجد أمة ، وهذا الرأي صحيح حيث تؤلف الأمة الواحدة دولة واحدة ، لكنه يصبح غير مقبول إذا تكونت الأمة من عدة دول ، ويثار التساؤل فيما إذا كانت الأمة أو الدولة أسبق وجودا ؟ وللإجابة على هذا التساؤل طرحت ثلاث أراء :- الرأي الأول :- يذهب القائلون بهذا الرأي إلى أن الأمة ( الظاهرة الاجتماعية ) أسبق ظهورا من الدولة ( الظاهرة السياسية حيث لا تظهر الدولة إلا نتيجة تفاعل أفراد الأمة في ظل ظروف معينة ، حتى يصل هذا التفاعل حدا تظهر معه الدولة كشخص معنوي مستقل ، من ذلك مثلا ظهور الدولة الألمانية والايطالية . الرأي الثاني :- يذهب أصحاب هذا الرأي إلى إن الدولة أسبق وجودا من الأمة ، ويدللون على رأيهم بالولايات المتحدة الأمريكية التي ظهرت ككيان سياسي وقانوني مستقل عام ۱۷۸۷ ، ومثل هذا الأمر ينطبق على الدول حديثة العهد بالاستقلال، حيث لم تظهر هذه الدول إلا على أثر انحسار المد الاستعماري ، والتي شكلت فيما بعد أمم تجمعها القومية واللغة والتاريخ . وتمثل الدولة الجانب القانوني ، والجدير بالذكر إن هدف كل أمة أن تصبح دولة استنادا لمبدأ إلا أن تحقيق هذا ، وتشترك الدولة والأمة في ركني الشعب والإقليم ، ففي الوقت الذي يلزم لقيام الدولة توافر ركن السلطة ، إلى أن الدولة التي تضم أمم متعددة لابد أن ينتهي الحال بها إلى التفكك والانهيار أو الانصهار في أمم جديدة ، منها الرغبة في تفرد الولايات المتحدة الأمريكية في الهيمنة والتسيد على العالم وصولا إلى تطبيق سياسة القطب الواحد ، هذا إضافة إلى أن هناك العديد من الدول تضم أمم متعددة كانت ومازالت قائمة ويعيش الشعب في ظلها حياة سياسية هادئة ، وتمارس عليه الدولة سلطاتها وسيادتها ، على ذلك إن هناك تلازم جدلي بين وجود الدولة والإقليم ، فلا دولة دون إقليم ، ويترتب على تحديد إقليم الدولة ، إذ تتحدد سيادة الدولة في حدود إقليمها ، حيث تبدأ سيادة دولة أخرى ، إن قانون الدولة واختصاصهاالقضائي يتحددان بإقليمها فقط ، وفي حدود هذا الإقليم تتحدد ثروات الدولة ومواردها الاقتصادية . وأثارت مسألة تحديد إقليم الدولة وترسيم الحدود ، ومازالت تثير الكثير من الخلافات بين الدول ، ولكن يبدو أثر ذلك جليا في الثقل السياسي الذي تمثله الدولة في نطاق المجتمع الدولي والعلاقات السياسية ، أقل بكثير من الثقل السياسي للولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية وشبه القارة الهندية والصين . ويدخل في تكوين إقليم الدولة ، ولا يشترط في إقليم الدولة الأرضي أن يكون متصل الأجزاء ، فوحدة الإقليم قائمة في الباكستان الذي كان يفصل بين قسميه الشرقي والغربي أراضي الهند ، ومثل هذا الأمر ينطبق على اليابان وإندونيسيا والولايات المتحدة الأمريكية التي يفصل بين أراضيها الإقليم الكندي ، وبريطانيا التي يفصل بين أجزاءها البحر الأيرلندي ، وعند تعيين الإقليم الأرضي ، فالتخوم هي الخطوط التي تحدد المدى الذي يمتد إليه إقليم الدولة ، كما تستخدم كمناطق اتصال انتقالي وتحدد باتفاق الدولتين المعنيتين . الفرع الثاني الإقليم الماني ويضم الإقليم المائي مسارات المياه التي تتخلل إقليم الدولة ، من أنهار وبحار وبحيرات ، وللدولة السيادة الكاملة على هذه المسارات متى كانت واقعة ضمن حدودها . وأثار إقليم الدولة المائي الممتد بين عدة دول أو الذي يقطع عدد منها ، ومازال يثير الكثير من الخلافات بين الدول ، وعلى التفصيل التالي :-أولا - الأنهار :- يميز فقه القانون الدولي بين الأنهار الوطنية والدولية ، هو الذي يجري بأكمله من منبعه إلى مصبه داخل إقليم الدولة ، وتخضع هذه الأنهار لسيادة الدولة التي يقطعها . فهو النهر الذي يقطع أكثر من دولة أو يقع على الحدود بين دولتين أو أكثر ، وأثارت هذه الأنهار العديد من الخلافات الدولية ، الذي نادى بالسيادة المطلقة للدولة على الجزء الذي يمر بإقليمها ، الرأي الثاني :- ظهر هذا الرأي على أثر العزوف عن الرأي الذي قال به الفقه التقليدي ، إلى أن سيادة الدولة على جزء النهر الذي يمر بها محكوم بعدم إحداث تغيير في الظروف الطبيعية لجريانه . الموقف الدولي :- جرى العمل بين الدول على أن حق الدولة في الاستعمال المشترك والكامل للنهر ، وتأخذ البحار المغلقة التي لا تتصل بالبحر العام حكم البحار الوطنية التي تقع بكاملها داخل حدود الدولة ، حيث تخضع لسيادة الدولة بصورة كاملة باعتبارها جزءا من إقليمها . أما البحار المغلقة التي تتصل بالبحر العام بمضيق أو تمر بإقليم أكثر من دولة فتأخذ حكم أعالي البحار ، أي أن كل دولة تمارس السيادة فيها على سفنها التي تبحر تحت علمها. شريط من البحر خاضع لسيادة الدولة وملاصق لسواحلها ومياهها الداخلية أو السواحلها ومياهها الأرخبيلية ، إذا كانت من قبيل الدول الأرخبيلية . وأثار تحديد سيادة الدولة على البحر الإقليمي خلافا فقهيا دوليا طويلا ، وأقترح الفقيه الهولندي ) بنكر شكوك في القرن الثامن عشر امتداد البحر الإقليمي إلى المدى الذي تستطيع فيه الدولة حمايته بواسطة المدافع التي تقيمها على شواطئها ، وتبنت العديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية هذا التحديد ، ومن بينها معاهدة القسطنطينية الخاصة بقناة السويس سنة ۱۸۸۸ ، إلا أن هذا التحديد لم يكن ملزما للدول ، بسبب عدم الاتفاق عليه بموجب معاهدة أو اتفاقية عامة ، من هنا تباينت مواقف الدول في تحديد مدى بحرها الإقليمي ، فحددته السويد بأربع أميال بحرية ، وحددته غالبية الدول العربية باثني عشر ميلا بحريا ، فقد نصت المادة الثالثة من الاتفاقية على أن ( لكل دولة الحق في أن تحدد عرض بحرها الإقليمي بمسافة لا تتجاوز ۱۲ ميلا بحريا مقيسة من خطوط الأساس المقررة وفقا لهذه الاتفاقية ). هي منطقة من البحر تمارس الدولة فيها بعض الاختصاصات ) القوانين الضريبية ، وكانت المادة (۲۳) من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة ۱۹۸۲ ، ورغم أن المنطقة الاقتصادية لا تدخل أصلا في إقليم الدولة ، إلا إن المجتمع الدولي أتفق على منح الدولة الساحلية مسافة أخرى في عمق البحر بعد المياه الإقليمية والمنطقة المجاورة تمارس عليها الحقوق السيادية التالية :- 1- استكشاف واستغلال الموارد الحية وغير الحية للمياه التي تعلو قاع البحر وباقي الأرض وحفظ هذه الموارد وإدارتها . الفرع الثالث الإقليم الجوي يمثل الإقليم الجوي العنصر الثالث من عناصر إقليم الدولة ، ويمتد الإقليم الجوي ليشمل الفضاء الخارجي الذي يعلو الإقليمين البري والمائي . ومر تنظيم الإقليم الجوي بعدة مراحل ، من حيث استغلاله وسيادة الدولة عليه ، ففي بادئ الأمر أتجه الرأي إلى عدم تقرير سيادة الدولة على ما يعلو إقليمها البري والمائي بشكل مطلق ، وترك الفضاء الجوي حرا للاستغلال من قبل مختلف الدول قياسا على حرية الملاحة في أعالي البحار ، وبهذا الرأي أخذ معهد القانون الدولي سنة ۱۹۰٦ ، وأستند أصحاب هذاالاتجاه فيما ذهبوا إليه على أساس إن الدولة غير قادرة على السيطرة على فضائها الجوي . كونه يعرض أمن الدولة وسيادتها للخطر ، ويبدو هذا الخطر أكثر وضوحا على الدول الصغيرة منها على الدول الكبيرة . تبنى الفقه رأي آخر يقضي بامتداد سيادة الدولة إلى ما يعلو إقليمها من فضاء جوي يمتد في حده الأقصى إلى (۳۰۰) م ، في تقسيم البحر إلى بحر إقليمي خاضع السيادة الدولة ، وبحر عام مفتوح للملاحة الحرة لجميع الدول . وتمتد إلى أعلى ارتفاع تصل إليه الطائرة وتخضع هذه المنطقة للسيادة المطلقة للدولة. ۲ - منطقة الجو الإقليمي : وتمتد إلى (۳۰۰) ميل فوق سطح البحر وتمارس الدولة السيادة عليها مع عدم الإخلال بحق المرور البريء ، 46 وإزاء ذلك ظهر اتجاه يدعو إلى سيادة الدولة المطلقة على جميع طبقات الهواء التي تعلو إقليمها ، وقاس أصحاب هذا الاتجاه ما ذهبوا إليه على القاعدة المتداولة في القانون المدني والتي تقضي بان ملكية الأرض تشمل السفلي والعلوي ، وما يؤخذ على هذا الرأي أنه يحقق للدولة أمنها ويضمن سلامتها ، كما أنه من المتعذر تحديد مناطق سيادة في الفضاء الجوي على غرار الإقليمين الأراضي والمائي . وتيسيرا للملاحة الجوية اتجهت الدول إلى إبرام الاتفاقيات الثنائية والجماعية ، معاهدة باريس لسنة ۱۹۱۹ ، المطلب الثالث السلطة لا يكفي لقيام الدولة استقرار مجموعة من الأفراد على إقليم معين ، ذهب جانب من الفقه إلى تعريف الدولة بالسلطة ، إذ أن السلطة ظهرت قبل الدولة، وتطورت مع المجتمعات فضلا عن إن الدولة تضم إلى جانب السلطة ، من كونها وسيلة الدولة لأنجاز مهامها وواجباتها الداخلية والخارجية ، ذهب الاتجاه الأول إلى أن ركن السلطة يتحقق وتنهض الدولة بمجرد انقسام المجتمع إلى حاكم ومحكوم ، فالرضا ليس ركن من أركان الدولة ، لقيام الدولة وتحقق ركن السلطة ، وهذا ما يتعارض ومفهوم الدولة بالمعنى الحديث . ونرى إن الرأي الأول أقرب إلى الواقع ،