الشمس تتخيل الأشجار الكثيفة تحيي العصفورين كانت النافذة تطل على ساحة صغيرة دائرية تحيط بها بيوت واسعة تظللها أشجار الحور الكثيفة الاغاني والأوراق بأفرعها الثخينة وتلطف الجو وتخفف الشمس والضوضاء في هذه البقعة كان الكناريان اللامعان كالذهب يمضيان النهار كله مغردين الآن سأنظف قفصكما وأسقيكما ماء عذباً وأضع لكنا حبا يا صغيري الجميلين هكذا كانت السيدة بيرونيه تبدأ صباحها ممررة سبابتها فوق أسياخ القفص كمن تعزف على قيثارة وتغرق في مغازلتهما فتنسى وعودها كم من مرة نسيت حتى قهوتها ولا سيما حين تسرد ذكرياتها على العصفورين كانت الشمس التي تخرج من بين اوراق الشجر الكثيفة قد انارت القفص مثل ضوء باهر وكعادتها مررت السيدة سبابتها فوق أسياخ القفص فانبعث منها رنين قيثارة أغرق قلبها في حزن لا قرار له تأملت لحظة من اين ينبع ذلك الحزن الغريب ؟ لم تع شيئا لكن الحزن تعمق حفر في فؤادها هوة اندفع منها فجأة شعور عميق بالرأفة تأست السيدة على مصير العصفورين الحبيسين في القفص أشفقت على هذين العصفورين اللذين كانا مرغمين على التقافز بين أغصان وهمية في حين ان الأشجار يإمكانها ان تكون فردوس حريتهما كان يمكنهما ان يستمعا إلى لحن زرقة السماء وأن يطلقا اجنحتيهما نشوانين مرفرفين في الاثير اللامتناهي وان يعودا فجأة بعدما حلقا في السماء ليحطا على الارض مرة أخرى محتاجين بأشعة الشمس لم تكتف السيدة بيرونيه بالرأفة فقط بل اخذت تكره ذاتها لاشعوريا بالذنب و تشمئز منها وتلوم نفسها قاتلة: آه أعرف ان الذنب ذنبي كيف لم المح انكم أنتما تريدين الخلاص ويريدون اللعب في الفضاء بجرأة وحرية ؟ كلت اجنحتكما من البطالة داخل هذا القفص يا صغيري الجميلين آه لم أعلم ذلك هرمت هرمت أكثر في السنتين الأخييرتين.