ترتبط نشأة القانون العام الاقتصادي بظهور الدولة الحديثة ابن تحدد مفهوم الدولة ووظائفها وطرق ممارسة السلطة في مواجهة الحقوق والحريات الفردية للشعوب وضرورة احترامها، فظهر مجموعة من المفكرين في اوربا ينادون إلى ضرورة حياد الدولة وعدم تدخلها في الحياة الاقتصادية والتزامها بوظيفة الأمن النظرية الاقتصادية الكلاسيكية)، حيث ساد الفكر التحرري الليبرالي وكان انصار هذا الفكر وعلى راسهم المفكر آدم سميث" صاحب المقولة الشهيرة: " دعه يعمل دعه يمر " يرى أن هناك يد خفية تنظم العلاقة بين العرض والطلب ولا يجب أن تتدخل الدولة في هذه العلاقة، كما يبررون أن عدم تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي وترك ذلك للأفراد لا يعني بالضرورة أن هناك تفضيل للمصلحة الخاصة على المصلحة العامة، لان سعي كل فرد في تحقيق مصلحته الشخصية هو في نفس الوقت تحقيق المصالحالجماعة. وبروز الفكر الرأسمالي الذي ترتب عليه ظهور طبقة من رجال الاعمال يتحكمون في الاقتصاد ويتعسفون في حق العمال، مما دفع هاته الدول إلى التدخل من خلال سن تشريعات تنظم علاقات العمل وتحمي حقوق العمال، وكذا الحد من تدخل أصحاب رؤوس الأموال في السياسة واتخاذ تدابير تحمي الاقتصاد القومي. اما ألمانيا رغم انها لم تكن دولة رائدة اقتصاديا ولحقت متأخرة بالثورة الصناعية في أوروبا الا انها تميزت بما يعرف به اقتصاد السوق الاجتماعي وهو نظام اقتصادي رأسمالي يتبنى اقتصاد السوق لكنه يرفض الشكل الرأسمالي المطلق كما يرفض أيضا الملكية العامة لوسائل الإنتاج، مبدئيا يحترم اقتصاد السوق الاجتماعي السوق الحر ويعارض الاقتصاد المنظم حكوميا وسيطرة الحكومة على وسائل الإنتاج كما يعارض الرأسمالية المطلقة التي لا تسمح للدولة التدخل في السوق والاقتصاد مطلقا. اقتصاد السوق الاجتماعي هو النموذج الاقتصادي الذي أصبح الأكثر انتشارا في ألمانيا وكذلك في النمسا، حيث ارتبط به النجاح الاقتصادي الباهر في ألمانيا "المعجزة الاقتصادية الألمانية " بعد الحرب العالمية الثانية، إلى ضرورة تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي ، دون أنيعني ذلك التحول إلى النظام الاشتراكي بل المحافظة على أسس النظام الرأسمالي ليصبح دور الدولة يتعدى الأمن والدفاع و تقديم الخدمات العامة التقليدية كالتعليم والصحة إلى استغلال الموارد المالية وتوجيه الاتفاق العام لدعم الطبقات الاجتماعية وانشاء المشاريع الإنتاجية لزيادة ثروة المجتمع والحد من البطالة وتحفيز الطلب الكلي وتوجيه الخواص من خلال السياسة النقدية بما يضمن تحقيق استقرار اقتصادي بعد الحرب العالمية الثانية توجهت معظم دول اوروبا الى سن تشريعات تضمن تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي وقد اصطلح الفقيه الفرنسي جيرار فارجات Gerard farjet في مؤلفه لسنة 1971 حول التشريعات الناظمة للأنشطة الاقتصادية بالقانون الاقتصادي أي القوانين التي تحكم القطاع العمومي الاقتصادي المرفق العمومي الاقتصادي) او بمعنى اخر القوانين التي تحكم الدولة بصفتها متعامل اقتصادي.