يثير تطبيق الحد من التجريم بأرض الواقع إشكالات عديدة، يتعدى تأثيرها حدود الدولة التي تبنت هذه السياسة، إلى باقي الدول التي لم تتبع نفس الاتجاه، يحول دون تحقيق الأهداف المرجوة للحد من التجريم بشكل فعال. فمن الصعوبات والعراقيل التي تعترض الحد من التجريم، وفقا لما أشارت إليه اللجنة الأوربية لمشاكل التجريم، والتي تؤثر على الدولة المطبقة لسياسة الحد من التجريم، أن إلغاء تجريم سلوك معين بهذه الدولة، وخاصة فرجال الأعمال وأصحاب المال يسعون إلى توجيه استثماراتهم وأموالهم نحو الدول التي توفر لهم قدرا من الحرية والخصوصية، وترفع عنهم بعض القيود الإدارية والمالية، وبالرغم من الآثار الإيجابية على هذه الدول الناتج عن جلب الاستثمارات بما ينعش اقتصادها، كاستغلال التسهيلات الضريبية والجمركية لتحويل الفوائد من العملة الصعبة كما أن هذا النزوح والإقبال سيؤدي إلى ارتفاع معدل ارتكاب السلوك الذي انحسر عنه التجريم من قبل أفراد أجنبيين، وهو ما قد يثير المشاعر الغيرية لدى مواطني الدولة المستقبلة، خصوصا وأن الحد من التجريم كما سبق توضيحه، وهذا ما يؤدي إلى وجود احتقان اجتماعي متولد ويشير الفقه إلى أن الحد من التجريم لا يعني دائما تغاضي المشرع عن النتائج التي يفرزها السلوك الملغى تجريمه، والتي تبقى موضع قلق واهتمام المجتمع، من خلال اعتماد بدائل وأساليب غير جزائية، وذلك انسجاما مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والحراس الليليين للبنوك بعيدا عن تدخل التي أخذت أبعادا خطيرة تنذر بالتهديد للحقوق والحريات الفردية، وذلك نتيجة الممارسات التي يسلكها القائمون على هذا النظام الأمني الخاص، والتي تدخل ضمن صلاحيات سلطة الضبط الإداري، كالتفتيش والاستجواب والتهديد بالاستعمال غير الشرعي للسلاح، وغيرها وإلى جانب المعوقات التي تؤثر على الدول المطبقة للحد من التجريم، تظهر إشكالات أخرى تتعلق بالدول التي لم تطبق الحد من التجريم، وتتعلق هذه الإشكالات على العموم في مسألتين، والأخرى بتنفيذ الأحكام الأجنبية. فبالنسبة لنظام تسليم المجرمين فإن الإشكال يثور في حال عدم وجود اتفاقية تربط بين دولتين، إحداهما تقر على خلاف الأخرى رفع التجريم عن سلوك معين، وبالتالي فإنه يصعب على الدولة التي لم تلغي تجريم السلوك المطالبة باستلام الشخص الذي ارتكب هذا السلوك على إقليمها ثم فر هاربا إلى الدولة التي ألغت تجريمه، بحجة أن الفعل المطلوب وذلك استنادا لنفس الأسباب الموضحة سابقا؛ وهذا ما سيفوت على الدولة طالبة التسليم إمكانية الاقتصاص ممن عرضوا مصالحها وتزداد هذه الخطورة بالنسبة لجرائم الاعمال،