كيف يمكن لكائن بشري أن يعيش في مُناخ بارد جدا تحت سماء تُطبق على السطوح؟مضى على وجودنا ُ في العاصمة البريطانية ثلاثة أيام ولم أتمكن بعد من الشعور بالدفء، ًّ كان قدومنا إلى إنجلترا مرتبطا بالخلاف الممتد بيننا وبين جيراننا حول مشكلات حدوديّة. وكنت أضع دوماً نصب عينيّ إنهاء الخالفات، وأن يعيش أبناء المنطقة بأمن وأمان ورخاء، وأن نلتفت إلى المستقبل ونسير في طريق التنمية، وقد قلت أكثر من مرّّة: »أفضل أن أعيش حياة متواضعة في ّبلدي على أن أكون صاحب ملايين وحدي«. وإذا ما قدم لي بعض التجار أو الزوّار هدايا -عادة ما تكون أكياساً من ّالارزّ- كنت أوزعها على العائلات المحتاجة أكثر من غيرها في الواحة. كنت مدفوعا ًبقوّة قاهرة تمنعني من التصرّف بطريقة أخرى. وبشيء من الانانية لاحظتّ أنّ كل ما نهبه يعود إلينا أضعافاً ذات يوم، في تلك السنة، 1955كانت المدينة لا تزال في طور إعادة الاعمار، لكن المرء يشعر بفرح الحياة الذي يعمر نفوس سكانها وكأنها تنبعث بعد سنوات الحرب التي شهدتها البلاد. وسيارات أجرة سوداء،