لماذا ننشر هذا الكتاب: مقدمة عن الديانة اليهودية للمسلمين لروبن فايرستون، ولماذا الآن؟ إن ظهور هذا العمل يلقي الضوء على فترة مهمة في العلاقة التي امتدت حوالي 1500 سنة بين الإسلام واليهودية. كانت هذه الفترة محفوفة بالمخاطر ومشحونة بالفرص. ونحن في اللجنة اليهودية الأمريكية ميالون تماما نحو هذا الواجب بسبب عاصفة التحضر التي تلوح في الأفق الآن، وبسبب الأهمية الهائلة لما نراهن عليها في حوار الأديان. ساد الحديث بأن ״الحرب ضد الإرهاب״ هي ״حرب ضد الاسلام״, لكننا لم نقبل بهذا التفسير ولا يمكن أن نقف ولن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذا التحدي الكبير. فعلينا واجب تعزيز التفاهم المتبادل وتقليص الجهل والشكوك المتبادلة في عالم يتسم بالإنكماش والتقوقع وتختفي فيه الحدود بين المحلي والعالمي.نتمنى بكل جدية أن نقدم هذا الكتاب خدمة جليلة لليهود والمسلمين، بتذكيرنا إياهم بأهمية إنعاش وتوحيد الحقائق التي تحتوي على بذور التطور المستقبلي.وفي المقام الأول فهو يبين لنا التشابه الديني والأخلاقي المدهش بين الإسلام واليهودية، وبالفعل فلا توجد ديانتان أقرب من بعضهما مثل الإسلام واليهودية. فمن بين الديانات التوحيدية الثلاث تعتبر اليهودية والإسلام، فكلتاهما تنحدر بالفعل من إبراهيم، أبينا الطبيعي والروحي المشترك. إن العلم بهذا الارتباط مجهول في معظمه بين اليهود والمسلمين وقد وقع ضحية العداوة في العصور الحديثة.يذكرنا الكتاب أيضا بالعلاقات التأريخية الطويلة والغنية والمفيدة في كثير من الأحيان بين اليهود والمسلمين في كثير من البلدان كما يذكر بالعطايا الهائلة للإنسانية التي أثمرها تفاعل المسلمين واليهود في تقدم المعرفة والثقافة. وحقا فإن التأريخ بينهما معقد كما يبين الكتاب وأنه لم يصل إلى مستوي الجنة الأرضية التي تخيل بعضنا وجودها في العصر الذهبي لا سيما في العصرالأندلسي، وحتى في الفترات التي تعد أقل مجداً وتنويراً فيما بين الديانتين، فهي على الأغلب أقل خطرا بكثير مما جرى في التأريخ اليهودي المسيحي.يقدم عمل البروفيسور فايرستون لقاءً مميزاً مع الديانة اليهودية وهو موجه بخاصة للمسلمين. والمؤلف باحث في الإسلام وحاخام له شأن في الديانة اليهودية ويأخذ في عين الاعتبار المنطلق وأحاسيسه من الفكر الإسلامي؛ وهكذا فإن عمله يؤسس علاقة حميمة منقطعة النظير بين الوعي اليهودي والإسلامي وبين وجهات النظر العالمية. وبالفعل فإنه يمثل أول عمل من نوعه يعطي معلومات شاملة عن الديانة اليهودية مع تركيز خاص على القضايا ذات الاهتمام الخاص لدى المسلمين. ويستكشف بحساسية وصراحة موضوعات صعبة مثل مفترق الطرق بين إبراهيم وولديه إسحاق وإسماعيل، ودور القبائل اليهودية في المدينة المنورة في معارضتها النبي محمد، كما ويسلط الضوء على الحركة الصهيونية، وظهور دولة إسرائيل.إن مشروع اللجنة اليهودية الأمريكية الأساسي في العلاقات الإسلامية اليهودية – في الكتاب الحالي وما سيتبعه من أعمال، بما في ذلك كتاب عن الديانتين موجه لطلاب الثانوية، وكذلك ترجمة كل الكتب إلى اللغة العربية – ما كان ليتمّ لولا العمل الرائد الذي بذله معهد هارييت وروبرت هايلبرن لتفاهم الأديان العالمي للجنة اليهودية الأمريكية الذي تأسس دعماً منهما للتفاهم بين الأديان وخصوصاً في تحسين العلاقات الإسلامية اليهودية. فقد كان التزامهما حجر الزاوية الضروري لجدول الأعمال داخل اللجنة اليهودية الأمريكية.وقد ساهم عدد من زملائي في اللجنة اليهودية الأمريكية في هذا العمل الطموح. أود أن أعترف بخاصة بمجهودات د.ستيفن ستاينلايت والحاخام جيمز أ. وكذلك شولا بهات، وبالإضافة إلى هؤلاء فإن بورني شرفستاين من مطبعة الكتاب كانت كالعادة شريكة رائعة. ولا أنسى في هذا المقام الجهد الكبير الذي ساهم به وصفي كيلاني, محرر هذه الطبعة العربية.قال المرحوم أسقف نيويورك المحبوب أوكونور مرة: ״لم تقم أي منظمة أعرفها في هذه المدينة على أهميتها وفي هذا العالم بأكثر مما قامت به اللجنة اليهودية الأمريكية في تحسين العلاقات اليهودية المسيحية.