فالظَّالم يهبط بسرعة بعد غروب الشَّمس في شهر سبتمبر/أيلول، وبزغتْ طالئع فعلِجوم، ولم يكُن يَعرف اسم النَّجم )رجل الجَبّار(،- »والسَّمكة صديقتي كذلك، فأنا لم أَرَ، أَوْ أَسمع بسمكةٍوقال بصوتٍ عالٍ: ولكنَّني يجب أن أقتلها، ومن سعادتي أنَّنا وقال في نفسه: »تصوّرْ لو كان يتعيَّن على اإلنسان كلَّلسنا مُضطرّين إلى أن نحاولَ قتل النُّجوم«.ولم يخفِّف تصميمه على قتلها من أسفه عليها أبدًا،كم من إنسانٍ ستُطعمه هذه السَّمكة؟ ولكن هل يستحقُّهؤالء النّاس أكلها؟ ال، ليس ثمّة مَن يستحقُّ أَكلها؛ ولكبريائها العظيم«.ال يتوجَّب علينا أن نحاول قتل الشَّمس، أو النُّجوم،يكفينا أن نعيش على البحر، ونأكل منه«.القارب، ولها حسناتها،الخيط فأفقد السَّمكة، إذا بذلَتْ مجهودًا. والعرقلة الّتي يُحدِثها فخفّة سرعةً فائقةً لم تستعملها بعد، ومهما يكُن من أمر، فإنَّني وأنظفها لئالّ تفسد،وأن آكل شيئًا منها ألكون قويًّا. وعندما أشعر بأنَّ السَّمكة ماتزال قويّةً ومطَّردةَ الحركة سأعود إلى مؤخَّر القارب؛ ألُنجِز العمل، وأَتَّخذ القرار،سلوكها، المجدافان خدعةٌ بارعة،ولكن آنَ األوانُ للعمل من أجل السَّالمة، فماتزال السمكة وقد رأيتُ الشِّصَّ في زاوية فمها، استرحْبإحكام، إنَّ ضرر الشِّصِّ ليس شيئًا يُذكَر، ولكنّ ما نزل بها المهمّة التّالية«.استراح مدةً ظنّها ساعتَيْن، كما أنَّ استراحته لم تكُن في حقيقتها إال استراحةً نسبيَّة،ولكنَّه وضع يده اليسرى على حافّة مُقدَّم القارب العُليا، وألقى بمقاومة السَّمكة، أكثر فأكثر على المَركب نفسه. منها، يتوجَّب عليَّ أن أجعل من جسدي وسادةًمفاجئةٍ صغيرةٍالخيط بالقارب، ولكن في وسع السَّمكة أن تقطعه بجرَّةٍوفكّرَ: »كم سيكون األمر سهالً لو كان في اإلمكان ربط وقال بصوتٍ مسموع:- »ولكنَّكَ لم تَنَمْ لِحدِّ اآلن -أيُّها الشّيخ- فقد انقضى نصفُ نهارٍ وليلة،يجب أن تبتكر طريقةً لكي تنامَ قليالً عندما تكون السَّمكة هادئةً ومطَّردةَ الحركة، وإذا لم تَنَمْ فقد تختلط األمور في رأسكَ«. فأنا واضحٌ وضوحَ النُّجوم الّتي وحتّى المحيط ينام -أحيانًا- في أيامٍ محدّدةٍهي أخواتي، فالنُّجوم تنام، والقمر عندما ال يوجد فيه تيّار،وقال في نفسه: »ولكن تذكَّرْ أن تنام، اجعلْ نفسكَ تفعل ذلك،الخلف لتهيِّئ سمكة الدّولفين، إنّه لَخطرٌ كبيرٌ أَن تعرقل سير ولكن ستكون وشرعَ بشَقّ طريقه إلى مؤخَّر القارب وهو يزحف في حذر وفكّرَ ولكنَّني ال أريدها أن تستريح،يجب عليها أن تجرَّ القارب حتّى تموت«. استدار بحيث تتلقّى يده اليسرى ضغط الخيط الّذي حول كتفَيْه، واستلَّ سكّينه من غمدها بيده اليمنى. كانت النُّجوم متوهِّجةً اآلن، فرأى سمكة الدّولفين رؤيةً واضحة فأغمد نصل سكّينه في رأسها، من بطنها حتّى طرف فكّها األسفل، ثمّ طرحَ سكّينه بخفّةٍتحت مؤخَّر القارب، ووضع إحدى قدميه على السَّمكة وشقّها وشعرَ أنَّ كرشها ثقيلٌ ولزجٌ في يديه،ووجد في داخله سمكتَيْن طائرتَيْن، كانتا طازجتَيْن وصلبتَيْن، وألقى باألحشاء والخياشيم من الوهج في الماء، كانت سمكةُ الدّولفين باردةً، ثمّ قَلَبَها، وسلخَ الجانب اآلخر،وشقَّ كلَّ جانبٍ من الرأس حتّى الّذيل. ونظرَ ليرى ما ولكنْ لم يكُن هناك سوى الضَّوء النّاتج من هبوط النُّفايات البطيء، ثمّ استدار، ووضع السَّمكتَيْن الطّائرتَين بين شريحتَي سمكة الدّولفين، وأعاد القارب، وهو يحمل السّمكات بيده اليمنى، وظَهرُه مُنْحَنٍسكّينه إلى غمدها؛الخشب والسَّمكتَيْن الطّائرتَيْن بجانبهما، عدَّلَوعندما عاد إلى مقدَّم القارب وضع شريحتَي السَّمكة على الخيط على كتفَيْبيده اليسرى وهو مُستنِه في موضعٍ جديد، وأمسك به مرَّة أُخرى دٌ إلى حافّة القارب،يالحظ سرعة الماء على يده، وهو من جرّاء سلخه جلد السَّمكة، وراقب جريان الماء على يده، وحكَّ جانبَ يدِهِ بخشب المركب،فتساقطَتْ جُزيئاتٌ فوسفوريّةٌ منها، وطفتْ على الماء فجرفها - »السَّمكةُ إمّا متعبة، وإمّا أنّها تستريح، واآلن،عَليَّ أنْ أنتهي من أكل سمكة الدّولفين هذه، وآخذ تحت النُّجوم، واللَّيل يزداد برودة طوال الوقت، أكلَ نصف بعد أن أفرغَ أحشاءها،وقال: حامض«.وقال في نفسه: »لو كنتُ ذكيًّا لرششْتُ الماء على مُقدَّم القارب، وتركته يجفُّ طَوال اليوم فيتحوَّل إلى ملحٍ، ولكنَّني -في الحقيقة- لم أَصطَدْ سمكةَ الدّولفين إالّ عند غروب ولكنّي مضغتُها وال أشعر بالغثيان«.كانت السّماء تتلبّد بالغيوم من جهة الشَّرق، وراحت النُّجوم الّتي يعرفها تختفي واحدةً تلو األُخرى، وبدا -اآلن- كما لو كان يتحرَّك في وادٍ سحيقٍ من الغيوم،سيكون الطَّقس سيِّئًا بعد ثالثة أو أربعة أيّام،الحركة«. ثمّ استند بفخذه ثمّ حوّلَ الخيط قليالً إلى األسفل على كتفَيْه، ووضعَاأليمن على يده اليمنى،بالخيط مادام ملفوفًا حولها، وفكّرَ: »تستطيع يدي اليمنى أن تُمسِك إنَّ األمر صعبٌ على اليد اليمنى، ولكنَّها اعتادت على تحمُّل المشقّة، ففي ذلك فائدة«،وانكفأ إلى األمام وهو مُتشبِّثٌ بالخيط بجسده كُلّه، وواضعًا لم يحلم باألُسود، ولكنَّه بدالً من ذلك حلم بمجموعةٍثقله كلّه على اليد اليمنى، ونام. فكانت تتقافز عاليًا في الهواء،ّفشعرَ ببردٍ حلم بأنَّه في القرية، نائمًا في فراشه، قارس، ألنَّ رأسه اتَّكأ وبعد ذلك راح يحلم بالشّاطئ األصفر الطّويل، وبأنّه رأى األُسود، وأنَّه لبث نائمًا بينما كانت السَّمكة تواصل الجرّ بانتظام، والقارب يسير في نفق من الغيوم.أفاقَ على هزَّةٍ مفاجئةٍ من قبضته اليمنى على وجهه وحرقة الخيط في يده اليمنى، لم يكُن يشعر بيده اليسرى، ولكنّه هو إلى الخلف مُلقيًا بثقله على الخيط الّذي راح اآلن يحزّانفلتَ خارجًا، وأخيرًا، ثمّ سقوطًا ثقيالً، ثمّفرآها والخيط ينساب منها بخفّة، وفي تلك اللَّحظة، قفزتِكُلّه فانجرحتْ جرحًا سيِّئًا. نظر خلفه إلى لفّات الخيوط،وثبَتْ مرَّة تلو األخرى، وانطلق القارب بسرعة على الرَّغم من وجُرَّ الشّيخ إلى األسفل بقوّة،وارتطم وجهه بشريحة الدّولفين،وفكّرَ: »هذا ما كُنّا ننتظره، ولكنّه كان فقط ولكنَّه كان يتوقَّع حدوث ذلك دائمًا، ولهذا حاول أن يجعل